تعتبر فرقاطة “بورغازأدا” التي تسلمها الجيش التركي في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي ثالث منتج عسكري ضخم من هذا النوع لمشروع “ميلغم” لترسانة الجيش التركي والهادف لتلبية احتياجات تركيا من السفن الحربية.
وقد استغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مراسيم التسليم لتوجيه رسائل مباشرة إلى الخصوم والأصدقاء في الوقت ذاته، مفادها أن أنقرة لن تسمح بإقصائها وجمهورية شمال قبرص التركية من موطئ قدم في البحار، ومن سلب الموارد الطبيعية المتوفرة شرق المتوسط.
كما لم يغفل أردوغان التذكير بأن اعتماد تركيا على الخارج في الصناعات الدفاعية انخفض من 80 إلى 35% خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت لديها أربع شركات محلية للصناعات العسكرية من بين المئة الأولى في العالم.
وخلال 15 عاما الأخيرة عمدت تركيا إلى الاهتمام بقطاع الصناعات الدفاعية بشكل متسارع، ولم يقتصر الأمر على صناعة السفن الحربية والدبابات، لكن الصناعة المحلية توسعت لتشمل الرادارات والطائرات المسيرة المختلفة وصولا إلى الأقمار الصناعية الفضائية كما تؤكد تقارير وزارة الدفاع التركية.
قفزة نوعية
وحققت تركيا في مجال صناعة الطائرات المسيرة قفزة نوعية وأصبحت دولة منتجة ومستخدمة للطراز المسلح من هذه الطائرات التي يصفها أحد مهندسي التصنيع العسكري الأتراك بأنها من “جنود تركيا الجدد في الأجواء”.
ومن أبرز هذه الطائرات -بحسب مهندسين أتراك التقتهم الجزيرة نت- طائرة ” ألباجو” التكتيكية الضاربة ذات الأجنحة الثابتة، وطائرة ” كارجو” ذات الأجنحة الدوارة، وطائرة “توجان” الاستطلاعية، وجميعها تنتج من قبل شركة التقنيات الدفاعية للهندسة التركية.
ولم يعد استخدام المنتجات العسكرية التركية حكرا على المستوى المحلي بل أصبحت الحكومة التركية تعقد صفقات بيع مع العديد من الدول، ففي الخامس من يوليو/تموز الماضي أعلنت أنقرة الانتهاء من تنفيذ صفقة مع القوات البحرية الباكستانية بقيمة خمسة مليارات دولار لشراء أربع سفن حربية تركية.
وفضلا عن تصدير السفن الحربية أضحت تركيا مصدرا للطائرات المروحية والمدرعات وزوارق الدوريات والطائرات المسيرة وأنظمة الدفاع الجوي والصواريخ وأنظمة الاتصالات العسكرية، وفق تأكيدات خبراء عسكريين أتراك.
وتبذل تركيا مؤخرا جهودا لتنفيذ مشاريع تطوير قدرات نظام الدفاع الصاروخي متعدد الطبقات بإمكانات وطنية ومحلية من خلال شركات تركية رائدة، مثل “أسيلسان” المتخصصة بالصناعات العسكرية والإلكترونية وشركة “روكيتسان” للصناعات الصاروخية وغيرها.
وتشير رابطة المصنعين في قطاع الصناعات الدفاعية والجوية التركية إلى أن مبيعات القطاع الدفاعي بلغت 6.6 مليارات دولار خلال العام الماضي، وشكلت مبيعات المنصات العسكرية البرية النصيب الأكبر بواقع ملياري دولار، في حين جاءت الأسلحة العسكرية الجوية في المرتبة الثانية بواقع 1.7 مليار دولار، والأسلحة والذخائر والصواريخ في المرتبة الثالثة بقيمة 828 مليون دولار.
وبينت الرابطة أن حجم المبيعات إلى الخارج بلغ 1.8 مليار دولار، بينها 635 مليون دولار للولايات المتحدة و464 مليون دولار إلى بلدان أوروبية.
نفقات حكومية
وتبوأت الصناعات الدفاعية في تركيا المرتبة الأولى من النفقات الحكومية على البحث والتطوير العام الماضي بنسبة 20.5% من إجمالي النفقات.
وعن الأسباب التي تدفع تركيا للتركيز على تطوير دفاعاتها ومضاعفة صناعتها العسكرية، يقول المسؤول في نقابة قطاع الصناعات الحربية تاركان زنغين إن ذلك سببه امتناع بعض الدول عن بيع الطائرات المسيرة لتركيا، ورفض واشنطن بيع الذخائر الذكية لها خلال السنوات الماضية للحيلولة دون استخدامها ضد تنظيمات تعتبرها أنقرة “إرهابية”.
كما لجأت بعض الدول إلى استخدام الكثير من الإستراتيجيات لعرقلة الصناعات الدفاعية التركية، بحسب تاركان.
وتسعى الحكومة التركية من خلال مديرية مصنع الصيانة الجوية الأولى -الذي يضم أكثر من 2300 شخص- لتلبية احتياجات القوات المسلحة التركية الذي تحول أيضا إلى مركز إقليمي لصيانة طائرات “JSF” ومحركات “F135″، وبذلك باتت تركيا مركزا للصيانة والإصلاح لدول أوروبا أيضا.
يشار إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان كان قد أعلن خلال مشاركته في حفل افتتاح البنية التحتية لتنمية التكنولوجيا الوطنية بالعاصمة أنقرة نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن البدء بإجراء دراسات من أجل إنتاج منظومة دفاع صاروخية جوية وطنية بعيدة المدى.
المصدر : الجزيرة