بغداد – تلقى رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، الاثنين، اتصالا هاتفيا من وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين، لم تعلن بغداد عن تفاصيله، فيما قالت مصادر إن المسؤول الأميركي يريد الاطمئنان على التزام العراق بتطبيق عقوبات بلاده على إيران، وهو ما يضع عادل عبدالمهدي تحت الضغط.
يأتي هذا في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس العراقي برهم صالح البحث عن بدائل في جولة خليجية قادته إلى الكويت والإمارات والسعودية إلى جانب إيران.
وتلعب وزارة الخزانة الأميركية دورا محوريا في متابعة تنفيذ العقوبات على إيران، ولا سيما ما يتعلق بحركة تهريب الدولار والتحويلات المالية مع طهران.
ويملك وزير الخزانة الأميركي قائمة بالأفراد والهيئات والبنوك العراقية التي تم وضعها تحت المراقبة لمنع خرقها العقوبات المفروضة على إيران.
وقال مكتب عبدالمهدي إن رئيس الوزراء العراقي تلقى اتصالا هاتفيا من ستيفن منوشين، موضحا أن المسؤول الأميركي أكد “التزام الولايات المتحدة ووزارة الخزانة بدعم العراق وتعزيز العلاقات الثنائية”، مشددا على رغبته بلقاء رئيس الوزراء العراقي.
وأضاف البيان أن الاتصال شهد “بحث تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات”، فيما “أكد رئيس مجلس الوزراء على أهمية استمرار الدعم الدولي للعراق”.
لكن مسؤولا في الحكومة العراقية أبلغ “العرب” أن “الاتصال الأميركي استهدف الاطمئنان على التزام العراق بتنفيذ عقوبات الولايات المتحدة على إيران”، موضحا أن عبدالمهدي أكد للمسؤول الأميركي أن العراق لن يخرج عن الإجماع الدولي، لكنه عاد إلى تأكيد حاجة العراق إلى تعامل خاص في ملف العقوبات على إيران.
وسيواجه العراق أزمة حادة في قطاع الطاقة الكهربائية في حال أصرت الولايات المتحدة على توقفه عن استيراد الكهرباء والوقود اللازمين لتشغيل محطات الطاقة من إيران.
وعمليا، يعتمد العراق في توفير نحو ربع حاجته من الكهرباء على إيران. لكن الولايات المتحدة، منحت بغداد 45 يوما لتتوقف عن التعامل مع طهران في هذا المجال.
وقال المسؤول العراقي إن “عبدالمهدي شدد خلال حديثه الهاتفي مع منوشين على ضرورة تمديد هذه المهلة حتى يجد العراق بديلا”.
ولم يقدم المسؤول الأميركي ردا مباشرا على طلب رئيس الوزراء العراقي.
ويقوم الرئيس العراقي برهم صالح بجولة إقليمية شملت حتى الآن الكويت والإمارات وإيران والسعودية، لمناقشة إمكانية الحصول على بديل عن الطاقة التي توفرها طهران.
ووعدت السعودية والكويت بتمويل إنشاء شبكات تنقل الطاقة الكهربائية إلى حدودهما مع العراق، على أن يتولى العراق تمويل الجزء الواقع داخل أراضيه. لكن بغداد لا تملك التمويل اللازم حاليا.
وحاول صالح إقناع السعوديين بتمويل قرض ميسر يساعد العراق على إنشاء خطوط تنقل الكهرباء من الحدود لتربطها بالشبكة الوطنية. ولم ترشح عن مباحثاته نتائج جديدة.
ويشعر المسؤولون العراقيون بالخطر من أن يؤدي نقص الكهرباء إلى تحريك موجة احتجاج شعبية جديدة الصيف القادم، بعد تظاهرات الصيف الماضي، التي تطورت في الجنوب إلى إحراق مقرات للحكومات المحلية والأحزاب الرئيسية، فضلا عن مبنى القنصلية الإيرانية في البصرة.
وتعليقا على الإشارة التي تضمنها بيان مكتب عبدالمهدي بشأن رغبة وزير الخزانة الأميركي بلقاء رئيس الوزراء العراقي، يتوقع مراقبون زيارة شخصية أميركية بارزة إلى العراق قريبا.
وكان عبدالمهدي تعهد بعدم مغادرة البلاد إلى أي مهمة خارجية قبل اكتمال كابينته الوزارية، وهو ما تستند إليه الفرضية التي تشير إلى إمكانية قيام مسؤول أميركي كبير بزيارة العراق.
وقال مراقب سياسي عراقي إن الجانب الأميركي قد يجد نفسه مضطرا إلى منح بغداد وضعا خاصا في التعامل مع العقوبات على إيران رغبة منه في إبعاد الحكومة العراقية الجديدة عن الهزات التي يمكن أن تسببها عودة الاحتجاجات الشعبية نتيجة انقطاع الكهرباء أو نقص المواد الغذائية.
وأشار المراقب في تصريح لـ”العرب” إلى أن ذلك قد لا يكون سببا مقنعا للأجهزة الأميركية لاستمرار الوضع الخاص، ذلك لأن من واجب الحكومة العراقية أن تبحث عن بدائل مريحة تبعد بغداد عن تداعيات النزاع المستعصي بين الولايات المتحدة وإيران.
ولا يستبعد أن يدفع الوضع الصعب الذي تعيشه بغداد، بالولايات المتحدة إلى العمل على إقناع جيران العراق الخليجيين بالتعاون معه في هذا الملف الشائك، نظرا للعجز المالي الذي تعاني منه الدولة العراقية، ما يعني تحمل الدول الخليجية نفقات ذلك التعاون إما على شكل ديون غير عاجلة وإما هبات.
وحذر المراقب من أن إجراءات بديلة تشجع بغداد على وقف تعاونها مع طهران ستواجه رفضا عنيفا من قبل التيارات السياسية الموالية لإيران داخل العراق، مشيرا إلى أن تلك مشكلة معقدة سيكون على عبدالمهدي أن يواجهها داخل مجلس النواب وهو يسعى إلى تحصيل الموافقات على قراراته في فك الارتباط بالاقتصاد الإيراني.
العرب