بعد انتخابه رئيسا لجمهورية العراق .. برهم صالح ، يعمل على تطوير العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية ، ويضع العراق في مكانه الإقليمي الصحيح مع دول الجوار ، وهذا ما تم ملاحظته ومشاهدته في جميع زياراته التي قام بها.
حيث زار صالح عددا من دول خليجية وإقليمية ، منها الكويت والأردن وإيران والامارات والسعودية ، وتؤكد زياراته على سعى العراق نحو بناء أفضل العلاقات مع عمقه العربي والخليجي والإقليمي ، والتعاون مع أشقائه وجيرانه في إرساء قواعد حسن الجوار واحترام السيادة ، والعمل على تعزيز التكامل الاقتصادي والإنمائي ، والنهوض الثقافي المشترك بما يخدم شعوب المنطقة ويعزز مفاهيم التعاون الدولي.
تناولت المباحثات مع الكويت سبل إنشاء سكك حديد بين البلدين ، ومناطق صناعية ، وتجارية ، واقتصادية مشتركة ، لتسهيل الزيارات بين مواطني البلدين ، وتسهيل حركة رؤوس الأموال بما يخدم اقتصاد البلدين .
تطوير العلاقات الاقتصادية مع السعودية:
تأتي زيارة الرئيس العراقي برهم صالح في إطار العلاقات البنّاءة بين الرياض وبغداد ، والتعاون والتنسيق المشترك بين البلدين ، لتعزيزها في كثير من المجالات ، اذ أكد صالح أن العراق يولى أهمية كبيرة لعلاقته مع السعودية ، وتؤكد الأخيرة حرصها على العلاقة الثنائية ، إذ يولى العراق أهمية لإعادة اللحمة للوضع العربي.
حيث اكد صالح أن العراق والسعودية يشتركان بعدة عوامل ، وتربطهما مصالح كبرى في المنطقة ، ولديهما الإرادة المشتركة ، في بناء برنامج عمل حقيقي يعيد الاستقرار للمنطقة ، مؤكدا أن العراق والخليج حالة واحدة في مواجهة الإرهاب والتطرف وإعادة الموازين المختلة في المنطقة، وضرورة تفعيل التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والزراعية والاستثمار وقطاع النفط .
من ميزات الاقتصاد العراقي ، انه يشكل الرقم الأصعب في المعادلة الاقتصادية في المنطقة ، حيث يملك ثاني أكبر احتياطي نفطي بعد السعودية ، ورابع دولة في الإنتاج العالمي للنفط ، وتقدر نسـبة الاحتياطـات النفطيـة العراقيـة الثابتـة بـ(112.5) مليـار برميـل ، وهـو مـا يعـادل (12 %) مـن مجمـل الاحتيـاطي العـالمي ، في حـين يـرى بعـض الخـبراء ان العـراق لـو اسـتأنف التنقيـب عـن الـنفط لأصبح يملــك ضــعف احتياطاتــه الحاليــة ، اذ توقفــت اعمــال التنقيــب بــدءا مــن عــام (1980) بالإضافة الى ثرواته الهائلة المكتشفة وغير المكتشفة كالفوسفات والكبريت والزئبق ، وما تمتلئ به أرض العراق من خيرات وثروات طبيعية.
حيث توقَّع رئيس الغرف السعودية سامي العبيدي ، أن المرحلة المقبلة ، ستشهد نشاطاً أكثر في مجال التبادل التجاري بين البلدين ، بالإضافة إلى فتح مجال الاستثمارات المشتركة للشركات ولأصحاب الأعمال من الجانبين ، وزيادة في تدفق السلع والمنتجات السعودية إلى السوق العراقية ، في ظل وجود رغبة لدى المجتمع العراقي في المنتج السعودي وجاهزية الشركات السعودية لدخول السوق ، وتطوير علاقات التعاون الاقتصادي والنهوض بالتبادل التجاري إلى مستويات متقدمة ، انطلاقاً من الروابط والعلاقات الراسخة بين البلدين ، مبيناً أن الإمكانيات الكبيرة التي يتمتع بها البلدان تضعهما أمام فرصة تاريخية لبناء شراكة فاعلة لتحقيق التطلعات المشتركة ، مؤكداً أن ما يربط البلدين ليس مجرد الجوار والمصالح المشتركة وحسب ، وإنما أواصر الأخوة والتاريخ والمصير الواحد.
وأكد العبيدي أن أوجه تطور العلاقات الاقتصادية بين الرياض وبغداد ، من شأنه أن يُسهِم في زيادة الصادرات السعودية إلى العراق ، والتي ستكون عاملاً مهماً لما يمثله العراق من سوق كبيرة.
يُذكَر أنه تم في وقت سابق توقيع عدد من الاتفاقيات التي تعزز التعاون الاقتصادي بين السعودية والعراق ، من بينها فتح المنفذ على الحدود بين البلدين ، حيث تتم (85 %) من الصادرات السعودية ، عن طريق النقل البري من خلال الكويت والأردن ، و (15 %) تتم بواسطة النقل البحري .
وبلغت الصادرات السعودية إلى العراق في عام (2016) (2.3) مليار ريال سعودي ، حوالي (613.3) مليون دولار ، إذ ان من أبرز المنتجات الأعلى قابلية للتصدير إلى السوق العراقية تتمثل في المواد الغذائية ، ومواد البناء ، والتعبئة والتغليف ، والصناعات الدوائية ، والمعادن الثمينة والجواهر ، والكيماويات.
وأكد البلدان رغبتهما في دعم الشراكة الاقتصادية والتعاون الاستثماري بين العراق والسعودية ، والوصول إلى آفاق تعاون افضل واوسع لما فيه مصلحة البلدين .
وأخيرا يؤكد الرئيس العراقي برهم صالح على مراعاة خصوصية الوضع الاقتصادي للعراق بشأن العقوبات المفروضة على إيران ، ومدى تأثيرها على العراق ، وبين قلق بغداد من التوترات في المنطقة ، قائلا “إننا لا نريد ان يمس الشعب الإيراني بأذى ، ونحن في حوار حقيقي مع واشنطن لمراعاة خصوصية العراق ، ولا نريد أن يكون العراق محملا لأعباء ووزر تلك العقوبات”.
وحول مستقبل التعاون الاقتصادي والتجاري مع إيران ، بعد فرض العقوبات الأمريكية ، قال صالح: “إيران جارة مهمة للعراق ، وتربطنا معها علاقات تاريخية وثقافية واجتماعية ، والعلاقة لم تكن سهلة في الماضي ، وهناك تحد كبير أمامنا لتجاوز الماضي ، والانطلاق نحو مرحلة جديدة وعلاقة مستقرة بين بلدين جارين ، مؤكدا على احترام السيادة أولاً ، ومن ثم المصلحة المشتركة”.
وشدد صالح بأن العراق في تحد كبير ومرحلة مهمة من تاريخه ، ويريد الانطلاق نحو مرحلة الإعمار ، وهو ما سيتحقق من خلال اعتماد المصلحة العراقية أولا ، كمنطلق للتعامل والتعاون مع الدول العربية والإقليمية .
ولخص صالح زياراته بتغريدة على توتير بما يلي:
“زيارة حافلة بلقاءات مثمرة مع أشقائنا في المملكة العربية السعودية ، ستُتابِع حكومة العراق والمملكة مشاريع مجدية للشعبين في قطاعات الطاقة والاستثمار ، استحقاق الإعمار والخدمات في العراق الخارج لتوه من محاربة الإرهاب ، يستوجب حماية سيادته وتمتين علاقاته مع عمقه العربي وجواره الإسلامي” .
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية