الاتحاد الأوروبي يطوي صفحة بريطانيا بالمصادقة على اتفاق بريكست

الاتحاد الأوروبي يطوي صفحة بريطانيا بالمصادقة على اتفاق بريكست

 طوى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة صفحة تاريخية من علاقاتهما الأحد، عبر إبرام اتفاق انفصال وتأييد إعلان سياسي بشأن مستقبل العلاقات بين بروكسل ولندن، فيما لا تزال أمام رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي معركة إقرار الوثيقتين في البرلمان البريطاني حيث ترتسم ملامح مقاومة.

وأكدت ماي بعد القمة أن اتفاق خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي “هو أفضل اتفاق ممكن”، في تصريحات تتقاطع مع ما سبق أن أعلنه رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الذي صرح بأنه الاتفاق الوحيد الممكن.

وقال يونكر “أولئك الذين يعتقدون أنه عبر رفضهم لهذا الاتفاق، سيحصلون على أفضل منه، سيخيب أملهم”، مضيفا “أدعو جميع من سيصادقون على هذا الاتفاق في مجلس العموم البريطاني إلى أخذ هذه الحقيقة في الاعتبار”.

ويُفترض أن تمرّ “معاهدة الانسحاب” غير المسبوقة المؤلفة من 585 صفحة، باختبار مصادقة البرلمان الأوروبي وخصوصا البرلمان البريطاني قبل أن تدخل حيّز التنفيذ، وهو أمر غير مؤكد من الجانب البريطاني.

وأعلنت الدول الـ27 التي التفت حول كبير مفاوضيها في ملف بريكست ميشال بارنييه أثناء فترة المفاوضات في وجه البريطانيين الذين كانوا منقسمين حول الأهداف التي يريدون تحقيقها، أن هذا الاتفاق هو الأفضل الذي كان يمكن أن تحصل عليه المملكة المتحدة. وكُتب في “الإعلان السياسي” القصير الذي صادق عليه أيضا الأحد المجلس الأوروبي وتيريزا ماي وسيتمّ ضمّه إلى معاهدة الانفصال، أن الاتحاد الأوروبي سيعمل على إرساء “أقرب علاقة ممكنة” مع لندن بعد بريكست.

وشدد قادة الدول الأوروبية في إعلان ملحق بما توصلت إليه قمتهم الاستثنائية الأحد، على ضرورة إبرام اتفاق مع بريطانيا حول الصيد البحري “حتى قبل انتهاء الفترة الانتقالية” التي تلي خروجها من الاتحاد.

وكتب القادة في هذا النص الذي أضيف بناء على إلحاح دول مثل فرنسا وهولندا، أن “اتفاقا حول الصيد البحري هو مسألة أولوية، ويتعين أن يستند إلى أمور منها مبادئ الوصول المتبادل والحصص المعمول بها”، معربين عن أسفهم للتقاعس في تسوية هذا الملف في اتفاق بريكست.

وتصدعت الوحدة التي ظهرت من الجانب الأوروبي في الأيام الأخيرة عندما هددت إسبانيا بالتسبب في إلغاء القمة إذا لم تحصل على ضمانات مكتوبة حول مصير جبل طارق، وبعد مفاوضات شاقة، أكد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أنه تمت تلبية طلبه.

وبين الوثائق الملحقة بالاتفاق رسائل من ممثل بريطانيا في المجلس الأوروبي ومن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ومن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إلى رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز.

وتتضمن هذه الرسائل تأكيدات لإسبانيا بشأن دورها في المفاوضات حول العلاقة المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي وجبل طارق بعدما كاد خلاف حولها يطيح بالقمة الأوروبية.

وقال مصدر حكومي إسباني إن الدولة “الوحيدة التي تملك مفتاح العلاقات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي وجبل طارق هي إسبانيا”، مضيفا أنه “انتصار كبير”.

ويتضمن الإعلان قضايا أخرى تتعهد فيها الدول الـ27 بالتزام “الحذر” حيال لندن في تطبيق الاتفاقات المتعلقة بها، مثل “المنافسة النزيهة” في المجال الاقتصادي.

ويحل اتفاق الانسحاب خصوصا قضية الفاتورة التي يفترض أن تدفعها لندن للاتحاد الأوروبي من دون أرقام، وينص على حل مثير للجدل لتجنب العودة إلى حدود فعلية بين جمهورية أيرلندا ومقاطعة أيرلندا الشمالية البريطانية.

وبعد المصادقة على اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي والإعلان السياسي حول مستقبل العلاقة بين الاتحاد والمملكة المتحدة، كسبت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي معركة، لا حربا، حيث لا تزال أمامها معركة إقرار الوثيقتين في البرلمان البريطاني حيث ترتسم ملامح مقاومة.

ويتوقع أن يؤيد أغلب النواب المحافظين (315 عضوا) خطة رئيسة الوزراء، وهم من البراغماتيين ويضمون في صفوفهم مؤيدين لبريكست او مناهضين معتدلين لأوروبا يرون الخطر الأكبر في الخروج من الاتحاد من دون اتفاق، لكن بعض أعضاء حكومة ماي لا يزالون يبدون شكوكا جدية.

ويصنف الحزب الليبرالي الديمقراطي بين القوى المناهضة لأوروبا، لكن أحد نوابه الـ12 ستيفان لويد قطع مع خط الحزب وتعهد بالدفاع عن الاتفاق الذي توصلت إليه ماي، كما أعلنت النائبة العمالية كارولين فلينت التي انتخبت في دائرة أيدت بريكست، أنها ستصوت مع الاتفاق لتفادي خطر خروج بلا اتفاق.ويعارض ما يعرف بمجموعة البحوث الأوروبية، وهي تحالف من النواب المحافظين المناهضين لأوروبا مكون من 60 إلى 85 نائبا يرأسهم جاكوب ريس-موغ ويضم الوزيرين السابقين بوريس جونسون وديفيد ديفيس، بشدة الاتفاق.

ويؤيد هؤلاء اتفاق تبادل حر وفق النموذج الكندي وحتى خروجا من دون اتفاق مع الاتحاد الأوروبي.

وحاول هذا التحالف الإطاحة بتيريزا ماي، لكنه لم ينجح حتى الآن في جمع 48 رسالة من نواب محافظين للتمكن من تنظيم تصويت على الثقة بحكومة ماي.

ويعارض نواب حزب العمال الـ257 المؤيدون لأوروبا بحسب خط القيادة، الاتفاق الذي توصلت إليه ماي، وذلك بهدف فرض انتخابات أو حتى استفتاء جديد، لكن زعيم الحزب جيريمي كوربن غير متحمس لفكرة تنظيم استفتاء جديد.

ويشكل نواب الحزب القومي الاسكتلندي ثالث أكبر كتلة في مجلس العموم بعد حزب المحافظين الحاكم وحزب العمال المعارض، وهم يؤيدون بقوة الاتحاد الأوروبي وضد اتفاق بريكست.

ويريد الحزب أن تبقى المملكة المتحدة، أو على الأقل اسكتلندا، ضمن السوق المشتركة والاتحاد الجمركي الأوروبي، وإذا لم يحدث ذلك فقد تعهدت زعيمة الحزب ورئيسة الحكومة الاسكتلندية نيكولا ستورجن بتنظيم استفتاء جديد على استقلال اسكتلندا.