دعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الاثنين، كلا من رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى الاضطلاع بمسؤوليتهما التي كفلها الدستور، وتشكيل حكومة “بمن حضر”.
ويواجه لبنان منذ أكثر من ستة أشهر تعثرا في تشكيل حكومة جديدة، حيث أنه ما إن يتم فك عقدة إلا وتطل جديدة وآخرها تمثيل السنة الموالين لحزب الله.
وتقول أوساط سياسية إن إصرار حزب الله على تمثيل هؤلاء النواب المنضوين ضمن تحالف مصطنع “اللقاء التشاوري”، هو محاولة منه لتعزيز قبضته على الحكومة، وخلق حالة من الثنائية السنية تستهدف أساسا الرئيس الحريري.
وتلفت الأوساط إلى أنه لا يمكن تجاهل العوامل الخارجية، حيث أنه في ظل الضغوط المتصاعدة على إيران تعمد الأخيرة إلى توظيف نفوذها في لبنان لإحداث شلل سياسي به لتؤكد أنها صاحبة اليد الطولى هناك كما في دول أخرى مثل اليمن.
واعتبر رئيس القوات اللبنانية أن “الوضع الحكومي لا يمكن على الإطلاق أن يستمر على حاله بعد 6 أشهر ونيف من التكليف”.
وقال جعجع “العُقد التي كانت قائمة سابقا، كان المعنيون بالتأليف، أي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، يعملان لحلها وتفكيكها، وكانا يبحثان عن أفضل تصور للحكومة وكان هناك تفاوت في وجهات النظر بينهما، لذلك استغرقت وقتا، إلى أن اتفقا، وكنّا على وشك إعلان ولادة الحكومة. وإذ دخل عامل جديد، سُمي ‘سنة 8 آذار’ إلى المشهد الحكومي، وتوقف كل شيء”.
واعتبر جعجع أن “الخلفية العامة لما يجري تكمن في أن الصراع بين الولايات المتحدة وإيران احتدم. وعليه، تحاول إيران جمع أوراق قوتها في المنطقة قدر المستطاع، وهذا ما تحاول فعله اليوم في لبنان من خلال عملية تأليف الحكومة”.
وأوضح “يحق لأي طرف سياسي، أن يكون له رأيه في التشكيل، لكن ذلك يجب ألا يتخطى الرأي، ويمكن للرئيس عون والرئيس الحريري، الأخذ بهذا الرأي أو لا، كما يمكن للفريق المعني إعطاء الثقة للحكومة التي تُشكّل، أو حجبها عنها، في المجلس النيابي. فهذا هو الدستور وهذه هي الديمقراطية. ولكن لا يمكن لأي طرف القول ‘إما تسيرون كما أريد أو لن يكون هناك تأليف’، وهذا ما يفعله حزب الله اليوم”.
وأكد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في كل إطلالاته الأخيرة ولقاءاته مع زواره، أنه لن تكون هناك حكومة ما لم يتم تمثيل النواب السنة الموالين له، متعللا في ذلك بنتائج الانتخابات النيابية.
ويرفض الحزب حتى اللحظة مرفوقا بدعم من حركة أمل تقديم أسماء وزرائه، إلى الحريري للمزيد من الضغط على الأخير.
ويرى جعجع في حوار مطول أجراه مع وكالة “الأنباء المركزية” أن الحل يكمن في أن يتخذ كل من عون والحريري -اللذين يتحملان المسؤولية الدستورية في التشكيل ويمسكان القلم وصلاحيات التوقيع في يديهما- قرارا حاسما: فإما يقولان لحزب الله “نريدك في الحكومة، أعطنا أسماء وزرائك”، فإذا سلّمهما إياها سار الأمر على ذلك، وإلا يشكلان حكومة بمن حضر”، أو عليهما، نظرا إلى حساسية الوضع في لبنان اتخاذ بعض الخطوات الضرورية والأساسية لمنع تدهور الوضع الاقتصادي أكثر، والاتفاق على عقد جلسات حكومية للضرورة على غرار جلسات تشريع الضرورة.
وتقول الأوساط السياسية إن طرح جعجع بخصوص تشكيل حكومة “بمن حضر” قد يكون المخرج لحل الأزمة الحكومية، في ظل عدم إمكانية الحريري التنازل أكثر للحزب، لأن ذلك سيعني المزيد من استنزافه، وتكريس واقع أن الأخير هو المتحكم الفعلي في مسار الأمور في لبنان، وهذا ستكون له انعكاسات سواء في الداخل أو في الخارج.
من جهة ثانية تستبعد الأوساط أن يقبل عون هذا الخيار لأن ذلك سيضعه في مواجهة مع حليفه حزب الله، رغم أنه بدا واضحا عدم رضائه عن شروط الحزب المعرقلة لما يعتبره عون أول حكومة في عهده.
وفي أول رد فعل على تصريحات جعجع قال الأمين العام السابق لتحالف 14 آذار فارس سعيد في تغريدة على موقعه في تويتر “لأول مرّة منذ انتخاب الرئيس ميشال عون، أتفق مع الدكتور سمير جعجع على قراءة واحدة حول كيفيّة حلّ أزمة الحكومة”.