بغداد – تحول مشروع مطار كربلاء في العراق، إلى “صداع” للعتبة الحسينية التي تموله، وهي تابعة لمكتب المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني، بعد التلكؤ الذي تعرض له، وشبهات الفساد التي أثيرت بشأنه.
واستغرب مختصون تصريحات رئيس هيئة الاستثمار العراقية سامي الأعرجي، الذي قال إن “مشروع مطار كربلاء الدولي عمله متقدم ويسير وفق الخطة الزمنية التي أعدت للإنجاز″، في حين أن العمل الحقيقي في المطار متوقف منذ نحو ستة شهور، بسبب نزاع قضائي بين الممول وائتلاف الشركات المنفذة.
وتتولى العتبة الحسينية تمويل مشروع إنشاء مطار دولي في مدينة كربلاء، التي تضم مرقدي الحسين والعباس، نجليْ علي بن أبي طالب، ويتوافد عليها الملايين من الزوار الشيعة من الداخل والخارج سنويا لإحياء مناسبات دينية مختلفة.
ويقول مختصون إن دوافع إنشاء المطار تنافسية إلى حد ما، نظرا لرغبة كربلاء في الحصول على مطار على غرار ذلك الذي تملكه مدينة النجف، التي تضم مرقد علي بن أبي طالب.
ولا يفصل بين الموقع الحالي لمطار كربلاء وموقع مطار النجف إلا نحو 50 كلم، وهي مسافة قصيرة للغاية في الحسابات الهندسية وقد تسبب تداخلا في المسارات الجوية.
ويقول المسؤولون عن العتبات الشيعية المقدسة في كربلاء إن الزائرين، من الداخل والخارج، يضطرون إلى النزول في مطار النجف، ثم التوجه برا إلى كربلاء، لأداء الطقوس الدينية، قبل العودة إلى النجف مجددا، لذلك مارسوا ضغوطا كبيرة على مكتب السيستاني ليوافق على إنشاء مطار كربلاء.
لكن سدنة العتبة العلوية في النجف يقولون إن الزائرين لا يستغرقون سوى ساعة واحدة في التنقل بين النجف وكربلاء، ما ينفي حاجة الثانية إلى مطار.
وتحت الضغط، أقر مكتب السيستاني خطة تنفيذ مطار كربلاء، لكن وسطاء سهلوا حصول شركة مشبوهة على العقد، بحسب مصادر.
وتقول المصادر إن “4 رجال أعمال عراقيين أسسوا في العراق شركة باسم (البعد الرابع)، ثم شركة أخرى في لندن، ليدخلوا بهما المنافسة على عقد إنشاء مطار كربلاء، وحصلوا عليه بالتواطؤ مع شخصيات إسلامية مؤثرة، أبرزها عبدالحليم الزهيري، القيادي في حزب الدعوة، بعد أن حصلوا على تسهيلات كبيرة من وزير النقل الأسبق باقر الزبيدي”.
وتضيف المصادر أن “ائتلاف الشركات، الذي حصل على عقد التنفيذ، تسلم 40 مليون دولار نقدا من الجهة الممولة لتغطية مرحلة إعداد التصاميم، التي تبين أنها تصاميم محلية لا تلبي الاحتياجات الأساسية التي دعت إلى إنشاء المطار”.
وبعد مماطلة وشد وجذب، تدخل مكتب السيستاني مطالبا بإلغاء العقد مع الشركات المنفذة، وهو ما حدث فعلا في وقت لاحق.
وتقول المصادر إن “الشركات المنفذة لم تنفق أكثر من 15 مليون دولار منذ بدء العمل، لكنها تدعي الآن إنفاق 100 مليون دولار”. ولدى رفض الطرف الممول صرف هذا المبلغ توجه ائتلاف الشركات المنفذة إلى القضاء، ما قد يجبر العتبات الشيعية في كربلاء على دفع مبلغ الغرامة كاملا.
لكن هيئة الاستثمار تصر على أن المشروع يسير وفق الخطة الزمنية للإنجاز.
ويقول رئيس الهيئة سامي الأعرجي إن “المستثمر مجد بالعمل ويؤدي عمله بشكل جيد وممتاز″، لكنه لم يحدد هويته، في ظل استمرار النزاع القضائي بين الممول وائتلاف الشركات الذي حصل على العقد مسبقا.
مع ذلك، لم يستطع الأعرجي الإفلات من السقوط في فخ التناقض، إذ كشفت تصريحاته أن الجزء المكتمل من المشروع، هو أعمال ترابية فقط، فيما تخضع جميع التصاميم الإنشائية إلى المراجعة والتعديل.
وتقول المصادر إن الجزء المتقدم من العمل هو برج المراقبة، فيما تراوح الأجزاء الأخرى بين الأعمال الترابية وإعادة النظر في أصل التصاميم.
وتوضح المصادر أن الحساسية التي تحيط بهذا المشروع، نظرا لصلته بأطراف على علاقة بالمرجعية الدينية، تمنع أي أعمال رقابة حقيقية عليه، لكنها تستبعد أي تورط مباشر لمكتب السيستاني في اتفاقات مشبوهة.
وتضيف المصادر أن شخصيات في مكتب السيستاني، ربما تعرضت للخداع في هذا الملف، وهي تعمل على إيجاد مخرج له حاليا.
العرب