فلسطينى سفيرا لإسرائيل

فلسطينى سفيرا لإسرائيل

الفرق جوهرى بين أن يكون فلسطينى سفيراً لإسرائيل التى تحتل أرضه وتقضى على هويته، وأن يكون سفيراً لدولة ثنائية القومية حتى إذا بقيت تحمل الاسم نفسه. ولذلك لا يمثل تعيين جورج ديك ابن مدينة يافا الفلسطينية سفيراً لإسرائيل لدى أذربيجان تغييراً من أى نوع فى واقع الاحتلال الذى يحرم شعباً من أبسط حقوقه، ويذهب إلى أبعد مدى فى هذا الاتجاه عبر إقرار قانون أساسى جديد يدل اسمه على محتواه: (إسرائيل الدولة القومية لليهود).

المواطنة فى إسرائيل، وفق هذا القانون، يهودية بالأساس. مواطنوها هم اليهود فى كل مكان. أما الفلسطينيون أصحاب الأرض الأصليون, فهم سكان يعيشون فيها. وإذا أراد أحدهم أن يكون له شأن فى هذه الدولة، عليه أن يتخلى عن هويته، أو على الأقل ينساها. وعليه أيضا، فى هذه الحال، أن يدافع عن الاحتلال، ويبرر جرائم ترتكب ضد شعبه، لكى يثبت إخلاصه.

وهذا هو ما يضطر إليه قليل من الفلسطينيين (عرب 1948) فى إسرائيل نتيجة اليأس المترتب على انسداد الأفق، وتراجع قضية فلسطين حتى فى أوساط الفصائل التى يفترض أن تناضل من أجلها، بعد أن بلغت الصراعات بينها مستوى لا يدع مجالاً لعمل جاد فى سبيلها. فقد أصبح حل الدولتين، أى إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، أبعد من أى وقت مضى. ولذلك، بات ضرورياً طرح حل الدولة الواحدة للنقاش فى أوساط الفلسطينيين، وبحث ما إذا كان التراجع الذى حدث لقضيتهم قد أبقى فرصة له، وكيف يمكن تحقيقه وبأى شروط فى حال وجود فرصة له.

ورغم أن الخلل الشديد الراهن فى ميزان القوى لمصلحة إسرائيل لا يتيح مواطنة متساوية فى البداية إذا أمكن التوصل إلى هذا الحل، يظل فى إمكان الفلسطينيين أن يناضلوا من أجل المساواة إلى أن ينالوها تدريجياً. وفى كل الأحوال، سيكون الوضع أقل سوءاً منه فى ظل الأمر الواقع الراهن الذى يفرض على فلسطينى أن يدافع عن الاحتلال ليكون سفيراً، وقد يصبح أفضل تدريجياً إذا صمد الفلسطينيون فى نضالهم لتحقيق المساواة.

د. وحيد عبدالمجيد

الاهرام