قالت مصادر سياسية لبنانية مطلعة إن العملية التي أطلقت عليها إسرائيل اسم “درع الشمال”، والهادفة للكشف عن شبكة أنفاق قيل إن حزب الله حفرها باتجاه شمال إسرائيل، ترفع من منسوب التوتر على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، لكنها لن تقود إلى مواجهة واسعة قد تطال مناطق حدودية كما مناطق في داخل لبنان.
وأعلن جوناثان كونريكوس المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، عن عملية يقوم بها الجيش “لكشف وإحباط” أنفاق حفرها حزب الله لشن هجمات عبر الحدود من لبنان إلى إسرائيل. وأضاف أنه تم رصد عدد من هذه الأنفاق وأن عمليات الجيش تجري داخل إسرائيل وليس عبر الحدود.
وجاء الإعلان الإسرائيلي المفاجئ بعد ساعات على لقاء بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بروكسل، مساء الاثنين، ناقشا خلاله “تطورات إقليمية” في وقت حذر الجانبان مرارا من أنشطة إيران.
وقال نتنياهو في تغريدة له، الثلاثاء، إن كل من يفكر بإلحاق الضرر بإسرائيل سيدفع “ثمنا باهظا”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي لاحقا على لسان المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي عن اكتشاف نفق يصل إلى إسرائيل، من جنوب قرية كفر كلا، في جنوبي لبنان.
ويستبعد محللون عسكريون اندلاع حرب كبرى بين إسرائيل وحزب الله في الوقت الراهن.
ويرى هؤلاء أن أمرا كهذا يحتاج إلى بيئة دولية حاضنة وداعمة لإسرائيل، وهو أمر ليس على أجندة العواصم الكبرى، حاليا على الأقل، ويتناقض مع سياسة العقوبات الصارمة التي تفرضها واشنطن على إيران وحزب الله.
وتلفت أوساط سياسية لبنانية إلى أن حزب الله ليس بوارد فتح معركة كبرى ضد إسرائيل في الوقت الراهن.
وتقول الأوساط إن بيئة حزب الله الشعبية غير مستعدة لدعم مغامرة جديدة للحزب في هذا الإطار، فيما أن حزب الله يسعى بصعوبة إلى إعادة التموضع داخل لبنان والمنطقة مراقبا بدقة تطور التسويات في سوريا كما مستقبل النفوذ الإيراني في المنطقة برمتها.
وعلى الرغم من أن بعض الآراء لا تستبعد أن تلجأ طهران إلى فتح جبهة لبنان للرد على الضغوط التي يتعرض لها النظام في إيران جراء العقوبات الأميركية، إلا أن مراقبين استبعدوا لجوء طهران إلى هذا الخيار الذي قد يسقط كل التسويات السياسية وقد ينقل الحرب المباشرة إلى داخل إيران نفسها.
واستبعدت مصادر إسرائيلية أن تكون الضغوط التي يتعرض لها نتنياهو على خلفية اتهامات ضده بالفساد تقف وراء الاستنفار الإسرائيلي على حدود لبنان.
وقالت إن موعد العملية العسكرية الإسرائيلية كان محددا منذ وقت طويل، وأن المعارضة الإسرائيلية أبدت دعما لهذه العملية التي تقودها حكومة نتنياهو “لردع الأخطار” التي تهدد إسرائيل.
ويرى معلقون عسكريون في إسرائيل أنه وعلى الرغم من أن هذه العملية تجري داخل الأراضي الإسرائيلية وقد لا تتحول إلى مواجهة شاملة، إلا أن إسرائيل تسعى من خلال هذه العملية إلى التحضير لتلك المواجهة المحتملة.
ويقول هؤلاء إن حرمان حزب الله من شبكة أنفاق داخل الأراضي الإسرائيلية هو هدف استراتيجي يرمي إلى إضعاف خطط الحزب وتكتيكاته، كما هو الحال في الاستهداف المستمر، ومنذ سنوات، لقوافل ومخازن الصواريخ كما المراكز العسكرية للحزب وإيران في سوريا ولبنان.
ويأتي الحراك الإسرائيلي باتجاه الحدود اللبنانية بعد أسابيع من إبرام حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع حركة حماس في قطاع غزة على الجبهة الجنوبية لإسرائيل اتفاقا لوقف إطلاق النار.
ويتسق الضجيج العسكري الإسرائيلي الحالي على الجبهة الشمالية مع ما سبق لنتنياهو أن أثاره من معلومات عن خطر أمني كبير يبرر تبريد الجبهة مع غزة.
وبثت إسرائيل لقطات لمعدات الحفر ودق الخوازيق أثناء عملها في أماكن لم تحددها توجد في خلفيتها أشجار، للقيام بما وصفته “بالاستعدادات التكتيكية للكشف عن مشروع حزب الله للأنفاق الهجومية عبر الحدود”.
وقال كونريكوس إن العمليات تتركز حاليا قرب بلدة المطلة الحدودية الإسرائيلية، مضيفا أنه تم إغلاق بعض المناطق قرب السياج الحدودي. وذكر مصدر بالجيش الإسرائيلي أن العملية قد تستمر لأسابيع.
ووفقا لكونريكوس فإن الأنفاق هي جزء من مخطط لحزب الله في 2012 “لنقل ساحة المعركة إلى إسرائيل” و”السيطرة على الجليل” في نزاع مستقبلي عبر التسلل إلى إسرائيل.
وكان حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله قال العام الماضي إن أي صراع في المستقبل مع إسرائيل سيكون داخل الأراضي الإسرائيلية، مضيفا أن “أي مواجهة مقبلة قد تكون في داخل الأرض الفلسطينية المحتلة. ولن يكون هناك مكان بمنأى لا عن صواريخ المقاومة ولا عن أقدام المقاومين”.
وقال المتحدث الإسرائيلي إن الأنفاق ليست جاهزة بعد ولكنها تمثل “تهديدا وشيكا” للمدنيين الإسرائيليين و”انتهاكا صارخا وشديدا للسيادة الإسرائيلية”.
ويقول خبراء عسكريون إن تكتيكات حرب الأنفاق هي اختصاص اشتهرت به حركة حماس في قطاع غزة ولم يكن يوما من التكتيكات التي استخدمها حزب الله، حتى في الفترة السابقة على جلاء القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان عام 2000.
ويضيف هؤلاء أنه إذا ما صدقت المزاعم الإسرائيلية حول الأمر، فهذا يعني أن الحزب أضاف هذا التكتيك الجديد إلى القوة الصاروخية التي يتباهى بامتلاكها في أي حرب مقبلة مع إسرائيل.