«رحم الله امرأً عرف قدر نفسه فأوقفها عند حدها».. واذكر ان احدهم قد نشر في احدى الصحف اللبنانية مبادرة لانهاء حرب فيتنام التي كانت بدايات سبعينات القرن الماضي في ذروتها وكان العالم كله ينشغل بها وبالطبع فإن هذا الذي وصف نفسه بأنه «استراتيجي» لا يقعقع له بشنان قد استدرج «مسخرات» كثيرة وتعليقات وتندرات جعلته يختفي تماماً فنسي الناس اسمه بعد ايام قليلة.
ان المفترض أن الكل يعرف وبخاصة الـ «استراتيجيون» أن بشار الاسد باستنجاده بايران وروسيا لمواجهة شعبه قد حوّل سوريا ساحة للصراع الدولي وفتح كل ابوابها للتدخل الخارجي وذلك الى حد ان اربعة مندوبين دوليين هم: محمد الدابي وكوفي انان والاخضر الابراهيمي.. والان ستيفان دي ميستورا لم يعرف أي منهم من اين سيبدأ والى اين سينتهي وهكذا فإنهم عجزوا كلهم في أن يحدثوا ولو ثغرة صغيرة في جدار أصم وان يحققوا تقدماً ولو بمقدار قيد انملة بالنسبة لقضية غدت اكثر تعقيداً من ذنب الضبّ!!
كان هناك اتفاق في «جنيف 1» على خطة لحل الازمة السورية على اساس مرحلة انتقالية, لا وجود لـ «بشار الاسد» فيها يشارك فيها بعض رموز حكمه من غير الملطخة ايديهم بدماء السوريين, تفضي أي هذه المرحلة الانتقالية الى اجراء انتخابات حرة وديمقراطية فعلياً لكن روسيا افرغت هذا الاتفاق من مضمونه وبادرت الى افشال «جنيف 2» بالاصرار على أن الاولوية يجب أن تكون لمواجهة الارهاب المتمثل بـ»داعش» والمعروف أن «داعش» قد اوجدت بالاساس من اجل هذه الغاية وحتى يواجه هذا النظام السوري العالم بخيار: «اما انا واما التنظيمات الارهابية»!!
الان هناك مفاوضات بين الروس وبين الاميركيين لايجاد مخرج من هذا المأزق وحتى لا تتحول سوريا الى دولة فاشلة وذلك بعد الانهيارات الاخيرة في نظام بشار الاسد وبعد الخسائر التي مني بها في ادلب وجسر الشغور وفي الجبهة الجنوبية وهذا هو ما دفع الرئيس حسن روحاني الى الاعلان عن ان ايران ستدعم الرئيس السوري «حتى النهاية» وجعل الولي الفقيه ومرشد الثورة على خامنئي يؤكد على ان بلده سترسل قوات برية للقتال في سوريا وهذا هو ما حصل بالفعل حيث اعلنت مصادر رسمية سورية عن وصول اكثر من عشرة آلاف مقاتل ايراني وعراقي لحماية العاصمة دمشق.
ولذلك واذا كان الروس والاميركيون عاجزون عن ايجاد حل معقول للأزمة السورية واذا كان العرب قد نفضوا أيديهم مبكراً من هذه المشكلة ثم واذا كان هناك كل هذه التدخلات الخارجية في شؤون هذا البلد الذي غدا مشرذماً وممزقاً وغدا ساحة صراع دولي.. فهل يعقل يا ترى ان يفكر أي «استراتيجي» وأي عبقري زمانه ومعه بعض المعجبين حتى مجرد تفكير بأن يأتي: «بما لا تستطعه الاوائل؟!
«يا ريت السبوق من خيل اهلنا» ولكن وما دام ان دولاً عظمى تقف عاجزة بالفعل أمام المأزق السوري فهل من الممكن يا ترى ان يفكر أي كان أن بمقدوره النجاح حيث فشلت كل هذه الدول الكبرى.. وهنا فإن المعروف أن ايران «الاسلامية»!! هي التي أوصلت الاوضاع في سوريا الى ما وصلت اليه وهي التي اقحمت المنطقة في هذا الصراع الطائفي الذي عنوانه حسن نصر الله وحزبه وقاسم سليماني وحرّاس الثورة وهادي العامري و»الحشد الشعبي» وقوات بدر و»حزب الله الايراني» وايضاً اكثر من اربعين تنظيماً طائفياً تم استيراد بعضها حتى من باكستان وحتى من افغانستان بالاضافة الى العراق وايران.. ولذلك فإنه لا بد من القول: قليل من التواضع أيها الناس!!
صالح القلاب
صحيفة الراي الاردنية