فجرت منظمة أوبك وحلفاؤها بقيادة روسيا مفاجأة كبيرة بالتوصل الجمعة إلى اتفاق لتقليص إنتاج النفط أكثر مما كانت تتوقعه الأسواق رغم ضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب لخفض أسعار الخام.
وقال وزير النفط العراقي ثامر الغضبان بعد اختتام الاجتماعات في فيينا إن المنظمة ستخفض الإنتاج بـ800 ألف برميل يوميا وأن حلفاءها المشاركين في الاتفاق سيساهمون بخفض 400 ألف برميل يوميا اعتبارا من مطلع العام المقبل.
وحاول وزير الطاقة السعودي خالد الفالح طمأنة الأسواق حين قال بعد الاتفاق إن أوبك لن تواصل خفض إنتاج النفط إذا حدث نقص في المعروض وأنها مستعدة للدعوة إلى اجتماع غير عادي لسد أي فجوة في الإمدادات.
وانعكست المفاجأة على أسعار النفط التي قفزت بنحو 5 بالمئة ليتجاوز سعر مزيج برنت حاجز 63 دولارا للبرميل، بعد أن جاء الخفض الإجمالي البالغ 1.2 مليون برميل يوميا أكبر من متوسط توقعات السوق بخفض مليون برميل يوميا.
وكانت السعودية، أكبر منتج في منظمة أوبك، قد واجهت مطالب من ترامب بمساعدة الاقتصاد العالمي عن طريق الإحجام عن خفض الإمدادات. واتضح موقف الرياض في إعلان الفالح قبل الاجتماع الأخير بأن واشنطن لا يمكنها إملاء رغباتها على المنتجين.
وسيقدم خفض الإنتاج دعما لجميع المنتجين بعد أن تراجعت الأسعار بشكل حاد في الأسابيع الأخيرة بعد الإعفاءات الأميركية لثماني دول من قيود شراء النفط الإيراني رغم وفرة الإمدادات.
ويرى محللون أن الأسعار يمكن أن ترتفع كثيرا لتتجاوز 70 دولارا للبرميل إذا ما صدقت وعود واشنطن بخفض الإعفاءات تدريجيا وتوقف بعض الدول المستثناة عن شراء النفط الإيراني بحسب تصريحات المسؤولين الأميركيين.
وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي في مؤتمر صحافي “إن منظمة أوبك لن نتناول المسائل الجيوسياسية”. وأشاد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك بقدرة نظيره السعودي على “إيجاد حل في أصعب وضع” مشيرا إلى أن روسيا ستشارك في الخفض.
وظل اتفاق أوبك على المحك على مدى يومين بفعل المخاوف من أن روسيا ستخفض الإنتاج بأقل مما ينبغي، إضافة إلى إمكانية عرقلة الاتفاق من قبل إيران، التي تناقصت صادراتها من الخام بفعل العقوبات الأميركية.
لكن بعد محادثات اليوم الثاني للاجتماعات التي استمرت لساعات، سحبت إيران اعتراضاتها وأكدت روسيا استعدادها لخفض أكبر، بعد أن كانت تتحدث عن صعوبة خفض إنتاجها في فصل الشتاء.
وأكد الغضبان أن الخفض سيستمر لستة أشهر وأن إنتاج أكتوبر هو مرجعية الخفض وليس نوفمبر الذي شهد زيادة كبيرة في الإنتاج.
وقال بوب مكنالي رئيس مجموعة رابيدان إنرجي التي مقرها الولايات المتحدة إن “خفض أوبك وحلفائها غير واضح التفاصيل ومن المرجح أن يسفر عن خفض فعلي يقل عن الرقم المعلن البالغ 1.2 مليون برميل يوميا”.
وأضاف أن “عناوين أخبار الاجتماع لن تبهج الرئيس ترامب، لكن مدى قوة رد فعله ستتوقف بالأساس على ما إذا كان ذلك سيرفع أسعار الخام بقوة في الأيام والأسابيع المقبلة”.
وصبت واشنطن الزيت على النار عندما التقى المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران برايان هوك بالفالح في فيينا هذا الأسبوع في تطور غير مسبوق قبيل اجتماع لأوبك. ونفت السعودية أول الأمر حدوث مناقشات بين هوك والفالح لكنها أكدتها لاحقا.
وقال غاري روس المدير التنفيذي لبلاك غولد انفستورز ومراقب أوبك المخضرم إن “الضغط السياسي الأميركي عامل مهيمن بوضوح خلال اجتماع أوبك هذا، مما يحد من نطاق الإجراءات السعودية لإعادة التوازن إلى السوق”.
وتراجعت أسعار الخام بمقدار الثلث تقريبا منذ أكتوبر مع قيام السعودية وروسيا والإمارات بزيادة الإنتاج لتعويض تراجع صادرات إيران. ودفع ذلك منظمة أوبك وروسيا إلى البدء في مناقشة خفض الإنتاج لكن روسيا قاومت لفترة طويلة أي خفض عميق.
واجتمع نوفاك مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سان بطرسبرغ يوم الخميس وعاد إلى العاصمة النمساوية. وحصل على ما يبدو على موافقته على مشاركة روسيا في خفض الإنتاج.
وقال مصدر بوزارة الطاقة الروسية إن موسكو مستعدة للمساهمة بخفض قدره نحو 200 ألف برميل يوميا، وهو ما يزيد على الرقم المقترح بادئ الأمر والبالغ 150 ألف برميل يوميا. وقال مصدر في أوبك لاحقا إن روسيا وافقت على خفض يبلغ 230 ألف برميل يوميا.
وتتنافس روسيا والسعودية والولايات المتحدة على صدارة منتجي الخام في السنوات الأخيرة. والولايات المتحدة لا تشارك في مبادرات تقييد الإنتاج نظرا لتشريعات مكافحة الاحتكار لديها وتشظي صناعتها النفطية.
وأظهرت أرقام للحكومة الأميركية هذا الأسبوع أن الولايات المتحدة أصبحت مصدرا صافيا للنفط الخام والمنتجات المكررة للمرة الأولى على الإطلاق مما يسلط الضوء على مدى زيادة الإنتاج التي غيرت في معادلة المعروض بالأسواق العالمية.