على خلفية تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران، مع سعي الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة نفوذ إيران في الشرق الأوسط. وتعثر تشكيل حكومة العراق في ظل تصاعد الخلاف بين كتلتي الإصلاح والبناء. قام الرئيس الأميركي دونالد ترامب بزيارة مفاجئة لدول العالم وليس للحكومة العراقية للقوات الأميركية المنتشرة في العراق الأربعاء بمناسبة عيد الميلاد وهي أول زيارة له لمنطقة صراعات بعد عامين تقريبا من رئاسته وعقب أيام من الإعلان عن سحب قوات بلاده من سوريا. وهبطت طائرة الرئاسة الأميركية في قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار. بعد رحلة استمرت طوال الليل من واشنطن ومع السيدة الأولى ميلانيا ترامب ومجموعة صغيرة من المساعدين ومسؤولين بجهاز أمن الرئاسة وعدد من الصحافيين.
ولم يلتق الرئيس الأميركي بأي من المسؤولين العراقيين حيث غادر العراق بعد زيارته المفاجئة لتفقد قوات بلاده المنتشرة في البلاد. وقد فسر البعض عدم لقائه بالمسؤولين العراقيين بأن الحكومة العراقية لم تكن تعلم بالزيارة، وهذا التفسير عار عن الصحة، فبحسب معلومات خاصة حصل عليها مركز الروابط فإن الحكومة العراقية وفي مقدمتهم رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي على علم مسبق بهذه الزيارة وتحديدًا منذ الساعة الثالثة عصرًا من يوم أمس. ورأى البعض بهذه الزيارة انتقاصا للسيادة العراقية لأنه لم يلتق بالمسؤولين العراقيين في بغداد، وهذا الأمر أيضًا عار عن الصحة، ففي العرف العسكري الأمريكي تعد القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في أرجاء العالم امتداد لأراضي الولايات المتحدة الأمريكية، فزيارته هذه لا تدخل في إطار الزيارات الدبلوماسية المعد لها سلفًا، وإنما تعد زيارة عسكرية داخل البيت الأمريكي، وما أدل على صدق هذا التحليل، فبعد انتهاء زيارة ترامب القصيرة جدا وفي طريق عودته إلى الولايات المتحدة، توقف لنحو ساعة ونصف في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا حيث صافح ووقف لالتقاط صور مع البعض من بين مئات الجنود الذين اصطفوا داخل حظيرة للطائرات. وتوجه ترامب بعد ذلك عائدا إلى واشنطن. ولم يلتق بأنجيلا ميركل وهي أحد حلفاء واشنطن في حلف الشمال الأطلسى والأقوى اقتصادًا في مؤسسة الاتحاد الأوروبي، فقد تعامل الألمان مع هذه الزيارة وفق المنطق السليم الذي أشرنا إليه سابقًًا.
والسؤال الذي يطرح في هذا السياق لماذا يريد البعض تسجيل مواقف على رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي على خلفية زيارة ترمب، يكفي أنه يسجل له رفض لقاء ترامب في القاعدة العسكرية ودعاه إلى زيارة بغداد، بينما الماضي القريب يذكرنا بأنه عندما زار الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش العراق وفي زيارة سرية ذهب المسؤولين والسياسيين العراقيين محل تواجده في القاعدة العسكرية الأمريكية، لماذا لم تثر أي ضجة على هذا الذهاب؟ لماذا الانزعاج من زيارة ترامب ولا ينزعج معظم القوى السياسية من الزيارات المتكررة السرية لقاسم سليماني إلى العراق، فإذا بنظر البعض سليماني حليف للعراق فبنظر البعض الأخر أيَضًا واشنطن حليفة للعراق.
ومن المفيد الإشارة هنا أنه بعد ساعات قليلة من زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قوات بلاده في القاعدة العسكرية. تعرضت السفارة الأمريكية بالمنطقة الخضراء قي بغداد إلى قصف صاروخي بعد منتصف ليل الأربعاء- الخميس . ويبدو أن الجهة السياسية أو العسكرية التي تقف وراء هذا القصف أرادت أن ترسل رسالة للرئيس الأمريكي بأن زيارته غير مرحب بها.
وفي أثناء زيارته قال للصحافيين في قاعدة عين الأسد الجوية نه لا ينوي على الإطلاق الانسحاب من العراق، مشيراً إلى أنه قد يستخدم ارتكاز قواته هناك كقاعدة «إذا أردنا القيام بشيء في سوريا». وتعليقٌا على تلك الزيارة قال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي إن السلطات الأميركية أعلمت نظيرتها العراقية برغبة الرئيس دونالد ترامب في زيارة العراق مساء 26 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وإن الحكومة العراقية رحبت بالطلب.وأضاف المكتب في بيان أن الزيارة جاءت لتهنئة الحكومة العراقية الجديدة، ولزيارة العسكريين الأميركيين العاملين ضمن قوات التحالف الدولي الداعمة للعراق في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.وقال البيان إنه كان من المفترض أن يجري استقبال رسمي ولقاء بين رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي والرئيس الأميركي، ولكنّ تباينا في وجهات النظر بشأن تنظيم اللقاء أدى إلى الاستعاضة عنه بمكالمة هاتفية تناولت تطورات الأوضاع في المنطقة، خصوصا بعد قرار ترامب الانسحاب من سوريا. وأضاف البيان أن عبد المهدي رحب بالرئيس الأميركي في العراق ودعاه إلى زيارة بغداد، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي دعا رئيس الوزراء العراقي لزيارة واشنطن. وختم البيان بأن الطرفين اتفقا على الاستمرار في توثيق العلاقات المشتركة بين البلدين.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية