اتهمت الحكومة الهولندية طهران الثلاثاء بالضلوع في جريمتي قتل هولنديين من أصل إيراني في هولندا عامي 2015 و2017، فيما أقرّ الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على إيران بعد انكشاف تورّط أجهزة استخباراتها في تنفيذ عمليات اغتيال.
ويرى مراقبون أن تمسّك أوروبا بالاتفاق النووي الإيراني لا يحجب مخاوفهم من أنشطتها الباليستية والمزعزعة لاستقرار المنطقة وحتى داخل بلدانهم، بعد توجيه التهم للاستخبارات الإيرانية بتنفيذ اغتيالات في كل من فرنسا والدنمرك وهولندا، ما يقرّب الموقف الأوروبي أكثر فأكثر من الموقف الأميركي الذي بدا معزولا في بداية المطاف.
وجاء في رسالة وقّعها وزيرا الخارجية والداخلية الهولنديان وموجّهة إلى البرلمان أن لدى أجهزة الاستخبارات الهولندية “مؤشرات قوية إلى ضلوع إيران في تصفية مواطنين هولنديين من أصل إيراني في ألميري عام 2015 ولاهاي عام 2017”.
وأوضحت الحكومة الهولندية أن الضحيتين وهما بحسب الشرطة الهولندية علي معتمد (56 عاماً) وأحمد ملا نيسي (52 عاماً) كانا معارضين للنظام الإيراني. معلنةً عقوبات فرضها الاتحاد الأوروبي الثلاثاء على طهران.
وكتب وزير الخارجية ستيف بلوك ووزيرة الداخلية كايسا اولونغرن “في الثامن من يناير 2019، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية وعلى شخصين إيرانيين، بناء على طلب هولندا خصوصاً”.
وأضافا أن هذا يعني أنه تم تجميد الأموال والأصول المالية الأخرى العائدة لهذا الكيان وهذين الشخصين. وتابع الوزيران “بناء على معلومات صادرة عن أجهزة استخبارات أجنبية وأجهزة الاستخبارات الهولندية، تعتبر هولندا أن إيران متورطة في تحضير عمليات تصفية وهجمات على الأراضي الأوروبية”.
وفي يوليو، أعلنت أجهزة الاستخبارات الهولندية أن هولندا طردت في يونيو موظفين اثنين في السفارة الإيرانية من دون كشف أسباب الطرد.
واحتجت طهران على طرد هذين الدبلوماسيين وهددت لاهاي بـ”الردّ” على هذا “التصرف غير الودي ذي التأثيرات المدمرة”.
وكتب رئيس الوزراء الدنماركي لارس لوكي راسموسن في تغريدة أنه “من المشجع جدا استخلاص أن الاتحاد الأوروبي يوافق على عقوبات جديدة ضد إيران رداً على أنشطة معادية ومؤامرات مخطط لها ارتُكبت في أوروبا، بما في ذلك في الدانمارك”.
وأضاف راسموسن “الاتحاد الأوروبي يبقى موحدا. أعمال من هذا القبيل غير مقبولة ويُتوقع أن تكون لها عواقب”.
العرب
واستدعت الدنمارك أواخر أكتوبر سفيرها لدى إيران بعدما اتهمت طهران بالتخطيط لـ”اعتداء” على أراضيها أحبطته ضد ثلاثة معارضين إيرانيين.
ويسعى النظام الإيراني، الذي انكشفت معظم شبكاته الإجرامية والاستخباراتية في قلب أوروبا، إلى تنظيم صفوفه من جديد عبر اتخاذ دول البلقان، حديقة خلفية ومحطة رئيسية لاستعادة نشاطه في قلب القارّة. وعلى الرغم من إفشال عديد الدول للمخططات الإيرانية إلا أن التساهل الأوروبي يشجّع الإيرانيين على مواصلة أنشطتهم التخريبية.
وكشف اعتقال السلطات البلغارية لعناصر إيرانية ضمن شبكة لتهريب الأسلحة قبل شهرين، عن وجه جديد من الأنشطة السرية الإيرانية في أوروبا، في وقت لم تنته فيه تداعيات الكشف عن شبكة إيرانية لاغتيال معارضين في باريس.
وأعلنت السلطات البلغارية أنه تم العثور، في صوفيا على ترسانة تتألف من أكثر من مئة سلاح أوتوماتيكي بينها رشاشات كلاشنيكوف. وأوقف إيرانيان وعدد من البلغار خلال هذه العملية التي سمحت أيضا بالعثور على مطبعة للوثائق المزورة.
واكتشفت الترسانة في مخبأ تحت الأرض في العاصمة، وتضم 67 رشاش كلاشنيكوف و37 مسدسا رشاشا من نوع “سكوربيون” و43 مسدسا آخر وثمانية كيلوغرامات من البارود وحوالي خمسين ألف رصاصة.
وقال رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف للصحافيين “لم أر من قبل مثل هذه الكمية من الأسلحة ومن نوعية تشبه تلك التي تملكها وحداتنا الخاصة”.
وصرّح مدير مكتب مكافحة الجريمة المنظمة إيفايلو سبيريدونوف بأن هذه الأسلحة كانت معدّة للتصدير على الأرجح “وأقرب وجهة هي أوروبا”. ولم يستبعد خبراء أن يتنزل وجود إيرانيين ضمن هذه الشبكة في سياق تكوين شبكات لتهريب أسلحة وعناصر استخبارية إلى قلب أوروبا وأن صوفيا ما هي إلا محطة من المحطات التي تتجمع فيها هذه الشبكات بانتظار فرصة العبور إلى دول مثل ألمانيا وفرنسا.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تتحرك فيها إيران على أراضي بلغاريا التي سبق أن نفذت فيها خلية لحزب الله اللبناني في فبراير2013 عملية تفجير ضد حافلة في مدينة بورغاس على ساحل البحر الأسود.
وأدى التفجير إلى مقتل خمسة إسرائيليين وسائق الحافلة البلغاري، وإصابة نحو ثلاثين شخصا.
واستفادت إيران خلال أربعين عاما من ثورة 1979 من التعاطي الأوروبي المتسامح مع أنشطتها للاستمرار في تعقب المعارضين والتجسس عليهم، ونفذت عناصر تابعة لها محاولات متعددة لاستهداف معارضين للثورة وخاصة من العناصر الكردية المعارضة.
وكانت فرنسا أحبطت في يونيو الماضي هجوما يستهدف تجمعا سنويا للمعارضة الإيرانية في الخارج، جماعة مجاهدي خلق، شارك فيه الآلاف في ضاحية فليبانت على مشارف العاصمة الفرنسية باريس.
ولم تخف باريس شكوكها في أن وزارة الاستخبارات الإيرانية تقف وراء مؤامرة لمهاجمة مؤتمر لجماعة معارضة في المنفى خارج باريس وأنها صادرت أصولا تخص أجهزة الاستخبارات الإيرانية وأخرى لاثنين من المواطنين الإيرانيين.
وكشف موقع “ذا دايلي بيست” الأميركي بالتزامن مع موجة الاعتقالات ضد إيرانيين في أوروبا، أن عناصر الأجهزة الإيرانية تقوم بخطوات بشكل متزايد عبر أوروبا وأفريقيا، وتستغل بعثاتها الدبلوماسية في الخارج كأدوات لتوظيف القوة بشكل غير معهود منذ تسعينات القرن الماضي.