الانسحاب الأميركي يحيي الأطماع التركية التاريخية في سوريا

الانسحاب الأميركي يحيي الأطماع التركية التاريخية في سوريا

القاهرة – اعتبرت قيادات كردية سورية بارزة أن إعلان الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا قد أحيى أطماع الأتراك في الأراضي السورية، ولفتت إلى أن المنطقة العازلة التي أعلنت تركيا الاتفاق مع الولايات المتحدة على إقامتها في الشمال السوري لا تستهدف فقط الوجود الكردي في المنطقة، وإنما قضم أكبر قدر ممكن من الأراضي السورية.

وحذرت هذه القيادات من أن تركيا، إذا نجحت في ذلك، فإن “شهيتها الاستعمارية” قد تنفتح باتجاه المزيد من أراضي الدول العربية.

وقال القائد العام لوحدات حماية الشعب الكردية سيبان حمو: “قرار الولايات المتحدة الأميركية بالانسحاب من سوريا فتح الباب لأطراف عدة، دولية وإقليمية، أبرزها تركيا، لطرح مشاريعها الخاصة لاستغلال الخطوة الأميركية”.

وأضاف: “تركيا تهدف إلى ضم وتتريك ما يقرب من 60 ميلا من العمق السوري من محافظات حلب والرقة وإدلب وغيرها، وصولا للحدود العراقية … هي بالأساس تعتبر هذه المناطق جزءا من الأراضي التركية وحدودها القومية فيما يعرف بالميثاق الملي (عام 1920)… إنهم يرون أن الوقت الراهن قد يكون الفرصة الملائمة لتحقيق هذا الهدف”.

ولم يخف حمو انزعاجه الواضح مما وصفه بـ”مبدأ المصلحة الذي تتعامل به الدول الكبرى في ما يتعلق بالمكون الكردي”.

وأوضح :”العالم كله يشهد أننا لم نعتد على تركيا، وأن العكس هو الصحيح … كل التهديدات والاعتداءات جاءت من جانب تركيا ومرتزقتها، وكان آخرها ما حدث، ولا يزال يحدث، بحق أهالي عفرين من مجازر وتهجير … ونظرا لأن الشعب الكردي فقير وليس لديه موارد يساوم بها، فإن كفة تركيا هي الأرجح لهم، ومن ثم نجد الدول الكبرى تتبنى مزاعمها بضرورة تأمين حدودها من الخطر الكردي، في تناقض بشع للواقع على الأرض”.

وشدد حمو: “لو كان بهذا العالم أبسط قواعد النزاهة، لكان يتعين أن تقام المنطقة العازلة بعمق 20 ميلا داخل الأراضي التركية حفاظا على الشعب الكردي”.

وقال:”نحن كقيادة عسكرية لا علاقة لنا بالتفاهمات التركية-الأميركية، هذا نتركه للإدارة السياسية، وسنلتزم بما تقرره، وسنظل من جانبنا نحصن مناطقنا استعدادا لمواجهة أي خطر”.

وحول العلاقة مع دمشق، قال حمو :”الحدود التي نسيطر عليها هي حدود الدولة السورية والتهديدات التركية الراهنة هي تهديدات للدولة السورية، ولذا، نحن نقول إن حكومة دمشق لديها مسؤولية الدفاع عن تلك الحدود”.

وتابع :”بالتأكيد هناك مشاكل مع دمشق ونريد حلها، ولكن في النهاية نحن جزء من الشعب السوري ونحمل الجنسية السورية”.

وحذر حمو الدول العربية من البقاء في موقف المتفرج مما تقوم به تركيا، وقال :”إذا ظل العالم العربي في موقف المتفرج، فإن التاريخ قد يعيد نفسه … وقد تنفتح الشهية التركية القذرة وتحاول بأسلوب استعماري جديد ابتلاع الدول العربية واحدة تلو الأخرى”.

كان الرئيس التركي رجب أردوغان قال مؤخرا إن تركيا والولايات المتحدة توصلتا، خلال اتصال هاتفي بينه وبين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى تفاهم له أهمية تاريخية بشأن منطقة عازلة تقيمها تركيا في سوريا، على طول الحدود.

ووصف القيادي الكردي البارز صالح مسلم الحديث عن تولي تركيا إقامة المنطقة العازلة بأنه “أشبه بتسليم الخروف للذئب”.

وقال :”لا نعرف التفاصيل الكاملة لتفاهمات ترامب/أردوغان عن المنطقة الآمنة، ولكن ما نعرفه هو أن هذا هدف استراتيجي لتركيا”.

وأضاف مسلم ساخرا :”حينما يتكلمون عن حماية مناطق بشمال سورية بتسليمها لتركيا، فالأمر أشبه بتسليم الخروف للذئب … وقد أكدنا رفضنا القاطع لذلك، وأبدينا تعاطيا إيجابيا مع فكرة المنطقة الآمنة شريطة دعمها بقوات دولية: تحمي الأكراد وفي الوقت نفسه تثبت زيف الادعاءات التركية بأننا كأكراد سوريين نستهدف حدودهم وأمنهم”.

وحول التصريحات غير المتناسقة الصادرة من الولايات المتحدة بشأن الانسحاب، قال مسلم :”بالطبع، قرار الانسحاب كان متسرعا، فالأمريكيون لم يحققوا بعد أيا من أهدافهم من عملية سوريا: خطر تنظيم داعش لا يزال قائما، والوجود الإيراني في سورية لا يزال قويا، وبالطبع الاستقرار لا يزال أمرا بعيدا … ونعتقد أن التضارب سببه تأثير الداخل الأمريكي، أي استقالات المسؤولين والعسكريين الأميركيين الرافضين لتلك الخطوة … ونعتقد أن تنفيذ انسحاب ممنهج قد يستغرق عدة أشهر.

وأشار إلى أن اتصالات الأكراد مع الجانب الأميركي لا تزال متواصلة، لافتا أيضا إلى وجود اتصالات مع الروس، حيث قال :”المبعوث الأميركي الخاص بسوريا جيمس جيفري كان موجودا قبل أيام في مناطقنا، أي أن الاتصالات مستمرة بين مجلس سورية الديمقراطية والإدارة الذاتية. كما أن هناك اتصالات مع الروس، وزار وفد كردي من الإدارة الذاتية موسكو الشهر الماضي”.

ونفى مسلم أن تكون زيارة الوفد الكردي لموسكو جاءت ردا على القرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا، وأكد أن “القرار صدر أثناء زيارة الوفد الكردي لموسكو، ولذا تمت مناقشته بطبيعة الحال، ولكن الوفد ذهب بالأساس لتسليم الروس خارطة طريق مقدما من جانبنا كرؤية للحل السياسي”.

وحول آخر تطورات المفاوضات مع دمشق، قال مسلم :”بابنا مفتوح للحوار من البداية، لكن النظام هو من كان يرفض … والآن الفرص أصبحت أقوى بعد تدخل الروس، وكما قلت، الوفد الكردي سلم خارطة طريق للمناقشة، ونحن ننتظر الرد … لم يصلنا شيء محدد من دمشق بعد، ولكننا نرى أن بعض التصريحات التي صدرت عن الخارجية السورية مؤخرا إيجابية ونتطلع إلى البناء عليها، شريطة عدم المطالبة بالعودة إلى أوضاع ما قبل عام 2011 . فنحن نسعى ونتمنى أن تكون هناك سوريا جديدة ديمقراطية علمانية لا مركزية تسع الجميع”.

العرب