متابعات ميدانية لأوضاع الموصل

متابعات ميدانية لأوضاع الموصل

2014-Jul-03-53b4d55504c52

تشهد مدينة الموصل في اعقاب سيطرة عناصر “داعش” عليها، اوضاعا متفجرة على المستويات الامنية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية، حيث تبلغ معاناة الناس هناك مستويات كبيرة، جراء سلوكات هذا التنظيم المتطرف، التي سبقها نهج حكومي متعمدا سياسات طائفية مستفزة، تقوم على الاذلال والايذاء. وفيما يلي ايجاز لما تشهده المدينة من اوضاع:

فعلى الجانب الاجتماعي والاقتصادي هناك عدد من متغيرات لعل من ابرزها الاتي:

  • تعيش المدينة حاليا بوضع احتلال واضح من قبل “داعش”، وعدم وجود اي تعاون بين الاهالي ومقاتلي التنظيم كما كان في بداية دخولهم في 9 حزيران 2014.
  • ان المضايقات واساليب العنف التي يتبعها المقاتلون في علاقتهم مع الاهالي، واستخدام القوة ادى الى ابتعاد الكثير عنهم، وتجنب افعالهم العدوانية.
  • استفزاز المواطنين المستمر، والتدخل بشؤونهم الخاصة، ومتابعة حركة النساء بطريقة فجة في استخدامهم للحجاب الاسلامي، مع عدم مراعاة كون مدينة الموصل مدينة محافظة معروفة بالتزامها الديني وحرص اهاليها على تطبيق الشريعة الاسلامية.
  • جمع الاتاوات والجباية المستمرة للأموال من الاهالي والمحلات والمكاتب التجارية والاسواق المحلية، بحجة دفع الزكاة، والمخالف يعرض نفسه الى اشد العقوبات.
  • استبشر المواطنون خيرا من تخلصهم من الظلم والاضطهاد، الذي كان واقعا عليهم قبل احداث الموصل، الا انهم تفاجأوا بأساليب العنف القصوى والفكر الجامد المتشدد، الذي يتبعه التنظيم في قيادة المدينة، الامر الذي ادى عزوف الكثير من الشباب عن الانخراط في “داعش” او دعمه باستثناء اهالي القرى والنواحي التابعة لمدينة الموصل.
  • تعاني المدينة الان قلة في الموارد الغذائية، وارتفاع اسعار الوقود والمحروقات، وانقطاع الكهرباء ونقص المياه.
  • التوقف شبه التام في عمل القطاع الخاص، وتغيب الموظفين عن الدوام في المؤسسات الحكومية.
  • تعطل الدراسة في المؤسسات التربوية والجامعات، وعدم انتظام دوام الطلبة فيهما.
  • اغفال واضح ومتعمد لدور جميع الفئات الاجتماعية وشرائح المجتمع وعناصر المجتمع المدني، مقابل سيطرة كاملة لـ”داعش” وعناصرها وتحكمهم بمجريات الامور.

ويتسم الجانب الامني بعدد من المتغيرات منها:

  • عدم وجود قيادات “داعش” العربية والاجنبية في المدينة، وانتقالهم الى داخل الاراضي السورية؛ خوفا من استهدافهم بغارات التحالف الدولي.
  • ترك مواقعهم واماكن وجودهم مساء واخلاؤها من جميع مقاتليهم، والابقاء على عنصرين او ثلاثة لحمايته ليلا .
  • تغيير اساليب وجودهم وحضورهم في الأماكن العامة، واتباع سياسية الاختفاء عن الانظار وتجنب الالتقاء بالآخرين.
  • قيام عناصر “داعش” بحملات اعتقالات لعدد من اهالي المدينة، ممن يعارضون توجهاتهم او اسلوب ادارتهم.
  • السيطرة على شبكات الاتصالات والتواصل الاجتماعي، والتحكم ببعض الاحيان بقطعها.
  • استخدام اماكن بديلة لوجودهم: منها البيوت السكنية العائدة للمسيحيين في احياء المدينة، او دور المسلمين من الاهالي الذين تركوها لأي سبب من الاسباب، واسكان مقاتليهم فيها، والاختفاء بين الاهالي تجنباً للقصف الجوي.
  • تشكيل اجهزة امنية خاصة بهم لمتابعة كبار ضباط الجيش العراقي السابق، والشخصيات السياسية المهمة في المدينة، إذ جرى اعتقال عدد منهم.
  • التكيف مع الضربات الجوية، واستخدام شبكات الهاتف الجوالة بحرية، والركون الى الصمت اللاسلكي، عندما يحتاجون لسرية العمل بينهم.
  • وقوع اضرار جسيمة في صفوفهم، بعد الضربات التي وجهت لهم خلال الاسبوعين الماضيين، سواء على المستوى البشري، او على صعيد مواردهم المالية، حيث استهدف طيران التحالف بيت المال التابع لهم في المدينة.

المنهج العسكري واللوجستي لـ”داعش”

تمكن التنظيم من استقطاب عدد من القبائل والعشائر العراقية في المناطق التي يوجد فيها، واوجد حاشية تعبوية من العائلات الكبيرة المنتشرة في محافظة نينوى، وصولاً لتحقيق اكبر انتشار ومسك للأرض في محافظة نينوى، ويلاحظ المتتبع ان “الدولة الاسلامية” تمكنت من احراز تقدم في الجانب العسكري، ما مكنها من السيطرة على المحافظة باكملها، واتبعت عدداً من الاساليب لتحقيقه:

  • العمل على توحيد الفصائل الاسلامية، الممتدة على اطراف الاراضي التي تسيطر عليها “داعش” والعمل على ضمها تحت رايتها.
  • توسيع دائرة التنظيم، بالتركيز على المخاوف العديدة التي تنتاب السنة من حكومة بغداد، وعلاقتها القوية مع ايران .
  • تعزيز قوات التنظيم العسكرية، ما يجعله اكثر قدرة على مواجهة القوات الحكومية، واستخدام الاسلحة المتطورة والمتقدمة، التي تم الاستيلاء عليها خلال تقدمه وسيطرته على معسكرات الجيش.
  • تماسك التنظيم من الناحية العشائرية حيث توجد عناصر وشباب من قبائل وعشائر كبيرة، ينتمون الى قبائل الجبور والعبيد والحمدانيين و السبعاوي.
  • تعدد مصادر التمويل المالي للتنظيم، فضلاً عن السيطرة المستمرة على ابار وحقول النفط في المناطق التي يصلون اليها.
  • وفرة وكبر حجم السيولة النقدية لدى عناصر وقيادات التنظيم، حيث يجري توزيعها بين مقاتليهم، لضمان استمرار عملياتهم العسكرية.
  • ما زال التنظيم يحقق دخلا اضافيا له، يقدر بمليون دولار يوميا من مبيعات النفط في الحقول التي سيطر عليها، وعددها ثمانون حقلا تمتد من منطقة دير الزور السورية،حتى ابار نجمة والقيارة في مدينة الموصل, الى حقل حمرين في محافظة صلاح الدين، وباحتياط مقداره عشرون مليار برميل نفط .
  • اعتماد النشاط الاعلامي المكثف، وتبني الطابع الاسلامي في التوجيه والمناهض للسياسة الطائفية لحكومة بغداد.
  • ان عدم وجود قوات برية على امتداد الارض التي سيطرعليها “داعش” في محافظة نينوى، مكنته من تحقيق استرخاء عسكري ولوجستي.
  • يستمد التنظيم قوته في القتال، من عقائدية متعصبة، تتسم بالانغلاق وعدم المرونة، الامر الذي اوقع على اهالي الموصل ضغطاً وضرراَ في ذات الوقت هذا من جانب، ومن جانب آخر فان التمسك الحرفي بالدعوة الى الجهاد في سبيل الله، وتحقيق شرعه واعلان “الخلافة الاسلامية”، اغرقته في سياسات ضيقة لا تحفل بالمتغيرات والمصالح لمختلف اللاعبين الاقليميين والدوليين.
  • تأسيسا على ما تقدم تمكن التنظيم من تجنيد مجموعة لابأس بها، من المتعاونين معهم، لرفدهم بمعلومات، عن المواقع العسكرية واماكن وجود اسلحة وذخيرة ومعدات الجيش العراقي.
  • استطاعوا الحصول على وسائل تنصت جيدة، ولديهم امكانية من استراق المكالمات ضمن مناطق عملهم.
  • استخدام اساليب الاختفاء داخل المدن السريعة والمدروسة او خارجها، وهو امر ينطبق على وجودهم لمعالجة اي موقف، ليكون سريعاً ومنظماً وبأعداد غير متوقعة، فضلاً عن خبرتهم الواسعة في الاختفاء والتمويه.
  • استخدام وسائل التفجير المتقدمة بشكل واسع، مع اعتماد اساليب مبتكرة في زرع المتفجرات، والغام الطرق والجسور في حالة انسحابهم.
  • لديهم القدرة على التكيف وفق اسلوب قتال القطعات، ولديهم القدرة على وضع الحلول الانية، سواء في الجانب السوقي التسليحي والتعبوي.

      مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية