التحالف العربي في اليمن بقيادة السعودية رغم دعمه لجهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة لا يسمح للمتمرّدين الحوثيين باستغلال تلك الجهود لإعادة تجميع صفوفهم وتطوير ترسانتهم، ويعلن عن طريق عمليته العسكرية النوعية ضدّ المتمرّدين في صنعاء، أن صبره على عرقلتهم للسلام وتلاعبهم باتفاقات السويد ليس من دون سقف زمني.
صنعاء – حملت العملية النوعية التي نفّذها التحالف العربي ضدّ أهداف عسكرية تابعة لجماعة الحوثي في العاصمة اليمنية صنعاء، إنذارا شديدا للجماعة، بأنّ تحرّكاتها للاستفادة من التهدئة في جبهة الحديدة واستغلالها لإعادة تجميع قواها، مرصودة بدقّة، وأنّ المضي في جهود السلام ودعمها لا يعنيان غض الطرف عن محاولة المتمرّدين المدعومين من إيران كسبَ الوقت، وأنّ خيار استخدام القوّة ضدّهم سيظلّ قائما.
كما اعتبر متابعون للشأن اليمني أنّ إيران معنية أيضا برسالة التحالف من وراء العملية التي استهدفت قدرات الحوثيين في مجال الطيران المسيّر، وهي قدرات متأتية من مساعدات مادية وتقنية إيرانية.
ولا تزال الهدنة المعلنة في محافظة الحديدة على الساحل الغربي اليمني والناتجة عن محادثات السويد التي رعتها الأمم المتحدة قائمة رغم هشاشتها، لكنّ تنفيذ الاتفاقات التي تمّ التوصّل إليها خلال تلك المحادثات يتعثّر بشدّة حتّى في أكثر الجوانب سهولة، وهو المتعلّق بتبادل الأسرى.
ويُتّهم الحوثيون بعرقلة تنفيذ الاتفاقات وباتباع تكتيك هادف إلى ربح الوقت والاستفادة من التهدئة في جبهة الحديدة بعد أن كانت قد مثّلت طيلة الأشهر السابقة مصدر ضغط شديد عليهم، حيث تسبّبت مواجهتهم لقوات كبيرة هناك مدعومة من التحالف العربي في إرهاق لقدراتهم ولجهدهم الحربي.
ودعّمت بلدان التحالف جهود المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث لإطلاق مسار سلام يُخرج اليمن من واقع الحرب التي يعيشها منذ قرابة الأربع سنوات بسبب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية وغزوهم عدّة مناطق يمنية على رأسها العاصمة صنعاء التي لا يزالون يسيطرون عليها، ويديرون الحرب انطلاقا منها.
وبحسب مصدر سياسي يمني فإنّ عملية التحالف الأخيرة في صنعاء، ذات هدف مزدوج يتمثّل في إحباط محاولة الحوثيين تطوير ترسانتهم من الطائرات المسيّرة، وتوجيه رسالة سياسية لهم، وللمجتمع الدولي، بأن صبر التحالف على الحوثيين وعرقلتهم لمسار السلام ليس من دون سقف زمني.
وكشف المتحدث باسم قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية تركي المالكي، الأحد، تفاصيل العملية التي استهدفت شبكة لمرافق لوجستية للطائرات دون طيار تابعة للحوثيين في العاصمة اليمنية الواقعة تحت سيطرتهم.
وقال المالكي إن “قيادة القوات المشتركة للتحالف العربي نفذت عملية نوعية لتدمير أهداف عسكرية مشروعة لقدرات الطائرات دون طيار في سبعة مرافق عسكرية مساندة تقع في أماكن متفرقة بصنعاء”.
وأوضح أن “عملية الاستهداف جاءت بعد عملية استخبارية دقيقة جارية منذ وقت طويل، شملت رصد ومراقبة نشاطات الميليشيا الحوثية وتحركات عناصرها الإرهابية بهذه الشبكة، لمعرفة وربط مكونات النظام وبنيته التحتية عملياتيا، ولوجستيا وكذلك منظومة الاتصالات وأماكن تواجد الخبراء الأجانب”.
وسبق العمليةَ بيومين الإعلان عن مقتل “قائد القوات الجوية” للمتمرّدين اللواء الركن طيار إبراهيم الشامي، في عملية استخباراتية دقيقة للتحالف العربي تمكّن من خلالها من الإيقاع بالشامي الذي يحمل الرقم 19 ضمن قائمة المطلوبين من قبل التحالف باعتباره المسؤول الأول عن إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المهرّبة من إيران.
وكشفت العمليتان نجاح التحالف في اختراق مناطق سيطرة الحوثيين استخباراتيا وخضوع نشاطاتهم في تلك المناطق للرصد والمتابعة بشكل مستمرّ.
وشرح المالكي أن “الأهداف المدمرة شملت أماكن التخزين للطائرات دون طيار وورش التصنيع وقطع الغيار، وورش التركيب والتفخيخ، وأماكن الفحص وتجهيز منصات وعربات الإطلاق، وكذلك مرافق التدريب لتنفيذ العمليات الإرهابية”.
واختتم المتحدث باسم التحالف العربي تصريحه بتأكيد “التزام قيادة القوات المشتركة للتحالف بتطبيق القانون الدولي الإنساني بكافة العمليات العسكرية واستمرار التزام التحالف بمنع وصول واستخدام الميليشيا الحوثية الإرهابية وكذلك التنظيمات الإرهابية لمثل هذه القدرات النوعية التي تهدد الأمن الإقليمي والدولي”، مؤكّدا أنّ قيادة القوات المشتركة للتحالف اتخذت كافة الإجراءات الوقائية والتدابير اللازمة لحماية المدنيين وتجنيبهم الأضرار الجانبية.
ووُصفت ضربات التحالف ضدّ الأهداف المذكورة بأنها الأشدّ والأعنف خلال فترة الـ12 شهرا الماضية. وجاءت في أعقاب هجوم بطائرة مسيّرة شنه الحوثيون قبل حوالي عشرة أيام على عرض عسكري للحكومة اليمنية في قاعدة العند بمحافظة لحج جنوبي اليمن أسفر عن مقتل وجرح عدد من المشاركين في العرض أبرزهم اللواء محمد صالح طماح، رئيس الاستخبارات العسكرية في الجيش اليمني، الذي توفي متأثرا بجراح أصيب بها جرّاء الهجوم.
العرب