يشكل تصعيد الهجمات العسكرية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة والحديث عن استهدافها مواقع إيرانية داخل الأراضي السورية، تطورا لافتا في مسار الأحداث برأي مراقبين. وقد جاء الهجوم الإسرائيلي الأخير يوم الأحد وفجر الاثنين في العاصمة دمشق ومحيطها، ليؤكد ارتفاع منسوب التوتر نتيجة التعقيدات الكبيرة في ملفات المنطقة.
وفي ظل تبادل الرسائل العسكرية بين تل أبيب وطهران، برزت تساؤلات عن آفاق هذه المواجهة وحدودها. وفي هذا السياق يستبعد الخبير العسكري هشام جابر حاليا أي تصعيد في المواجهة العسكرية.
ويقول للجزيرة نت إن الإسرائيليين والأميركيين يأخذون بعين الاعتبار الوجود الروسي في سوريا، الذي وضع إطارا محددا وصغيرا للتحرك الإسرائيلي، ويرى أن الروس لن يقفوا مكتوفي الأيدي في حال اندلاع أي حرب إقليمية في سوريا.
من ناحية أخرى، يشير جابر إلى أن الصواريخ الإيرانية قادرة على ضرب المصالح الأميركية في المنطقة، الأمر الذي يمنع اندلاع حرب مفتوحة، وقال إنه ليس لدى الإيرانيين قواعد عسكرية ومراكز ثابتة على الأراضي السورية، وإنما لديهم خبراء فقط.
ويرى الخبير العسكري أن الهجوم الإسرائيلي الأخير لا يختلف عن سابقيه، وأن تكثيف إسرائيل هجماتها على الأراضي السورية مؤخرا يهدف بالدرجة الأولى إلى توجيه رسائل للداخل الإسرائيلي، لأن حكومة تل أبيب في مأزق بسبب فشلها في تحقيق أهدافها بسوريا، وإخفاقها في قطاع غزة، إضافة إلى الملاحقات القضائية بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
خلط أوراق
ترافقت الهجمات الإسرائيلية الجديدة مع تصعيد كلامي وتهديدات متبادلة بين المسؤولين الإيرانيين والإسرائيليين، ويقول الخبير العسكري خالد حمادة تعليقا على التطورات الأخيرة إن زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى المنطقة مؤخرا هدفت إلى التأكيد على مجموعة ثوابت ومنها التصدي للنفوذ الإيراني.
واعتبر حمادة أنه بعد الكلام الأميركي عن الانسحاب من سوريا تريد واشنطن التأكيد أنها لا تزال موجودة بقوة في المنطقة.
وأضاف للجزيرة نت أن الإيرانيين يسعون إلى سيناريو عسكري في المنطقة لخلط الأوراق، كما فعلوا بعد حرب يوليو/تموز 2006 التي خاضتها إسرائيل ضد لبنان، وانتهت بإرساء قواعد اشتباك جديدة. ورأى أن الإيرانيين يحاولون نقل النموذج اللبناني إلى سوريا.
وعن التبرير الإسرائيلي للقصف بأنه رد على استخدام الإيرانيين صواريخ أرض-أرض في قصف هضبة الجولان، قال حمادة إنه إذا تأكد ذلك فسيثبت أن القصف الإسرائيلي كان فعلا على بنية عسكرية إيرانية حقيقية. وإذ استبعد حمادة اندلاع حرب في الوقت الراهن، فقد أكد أن المواجهة مرشحة للتصاعد لاحقا.
الضوابط الروسية
من جهته اعتبر الباحث والأكاديمي علي مراد أن أي مواجهة عسكرية مفتوحة بين الإسرائيليين وبين الإيرانيين والسوريين مستبعدة حاليا، ورأى أن هذه المواجهة ستبقى ضمن ضوابط معينة نظرا للدور الروسي الذي يمنع تصاعد التوتر حاليا.
وقال مراد للجزيرة نت إن إسرائيل وجدت نفسها خاسرة بسبب القرار الأميركي الانسحاب من سوريا، لأنها كانت ترى في الوجود الأميركي هناك نوعا من الضبط لحزب الله والإيرانيين. واعتبر أن الضربات الإسرائيلية محاولة لإعادة رسم الخطوط الحمراء ووضع قواعد اشتباك جديدة، لكنه رأى أنه لا يوجد حاليا مصلحة في التصعيد لدى أي من الأطراف.
وفي ظل تصاعد التوتر على الجبهة السورية الإسرائيلية يبقى الترقب سيد الموقف، في وقت لا يزال فيه الوصول إلى حل سياسي بسوريا بعيد المنال.
المصدر : الجزيرة