التحديات السياسية والقانونية التي يواجهها نتنياهو في الانتخابات المقبلة

التحديات السياسية والقانونية التي يواجهها نتنياهو في الانتخابات المقبلة

يأمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الفوز بفترة ولاية خامسة كرئيس للوزراء في الانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها في 9 نيسان/أبريل، وتُظهِر استطلاعات الرأي أنه مُتقدم بشكل واضح على المرشحين الآخرين، محتفظاً بدعم ما يقرب من ربع الناخبين. ومع ذلك، لا يكفي الحصول على أكبر عدد من الأصوات [للفوز بالانتخابات]؛ فلكي يتمكن الفائز في هذا السيناريو من ممارسة السلطة، يجب عليه أن يجمع أغلبية تشمل ما لا يقل عن 61 مقعداً في “الكنيست” المكوّن من 120 عضواً. إلّا أن نتنياهو يواجه أيضاً قرارات اتهام فساد محتملة إلى حين عقد جلسة استماع بعد الانتخابات.

وفيما يتعلق بالقضايا السياسية، اعتاد نتنياهو على تأطير الحملات الانتخابية بطريقة تسلط الضوء على نجاحاته الأمنية ضد أعداء إسرائيل بينما يطرح أسئلة حول ما إذا كان باستطاعة منافسيه مواجهة الضغوط الدولية المتعلقة بتقديم تنازلات بشأن القضية الفلسطينية. وفي سعيه للتأكيد على هويته الأمنية في الأسابيع القليلة الماضية، تنازل عن سياسة الغموض التي تنتهجها إسرائيل بشأن العمليات العسكرية ضد الأنشطة الإيرانية في سوريا، مما حدا بالمعارضة إلى اتهامه بتعريض البلاد للخطر من أجل تعظيم مكاسبه السياسية. وفي الأسبوع الماضي، وصف رئيس أركان “جيش الدفاع الإسرائيلي” المنتهية ولايته، غادي آيزنكوت، هذه المزاعم بأنها عارية عن الصحة، قائلاً: “لم تكن هناك أبداً أية مخاوف سياسية وراء قراراتي؛ كما لم تكن [كذلك] في اعتبارات رئيس الوزراء”. وعلى أي حال، من الآمن أن نفترض أن نتنياهو سوف يستمر في استغلال موضوع الأمن كبطاقته الرئيسية في الانتخابات القادمة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، كيف سيؤطر هذه الانتخابات إذا قفزت مزاعم الفساد إلى مركز الصدارة.

هل سيُصْدِر المدعي العام قراراً بالاتهام؟

قد يتوقف مسار الحملة الانتخابية حول ما إذا كان المدعي العام الإسرائيلي، أفيشاي ماندلبليت – الذي كان سابقاً سكرتير حكومة نتنياهو – سيقدّم لائحة اتهام ضد رئيس الوزراء قبل 9 نيسان/أبريل. ويواجه نتنياهو ثلاثة تحقيقات فساد طويلة ومستمرة. ويتمحور أحدها حول ما إذا كانت شركة “بيزيك” للاتصالات قد فازت بمعاملة ضريبية مفضلة لسماحها لمكتب رئيس الوزراء بتوجيه التغطية الصحفية على موقعها الإلكتروني. ويتركز تحقيق آخر على الادعاءات بأن نتنياهو وافق على الضغط من أجل سن قانون يحد من تداول “إسرائيل اليوم” – وهي صحيفة يومية مجانية تتفاخر بأن لها جمهور القارئين الأوسع نطاقاً في البلاد – مقابل [حصوله على] تغطية أكثر ملاءمة من منافستها “يديعوت أحرونوت”. ويتساءل تحقيق ثالث عما إذا كان ما يقدر بـ 180،000 دولار – 200،000 دولار من الشمبانيا والسيجار اللذين حصل عليهما نتنياهو من صديق له يملك أسْهُم قليلة في محطة تلفزيونية إسرائيلية يشكلان رشوة. (وهناك قضية رابعة نابعة من إدعاءات وزير الدفاع السابق موشيه يعلون بأن نتنياهو سعى إلى منفعة نسيبه، محامي شركة ألمانية تبيع غواصات إلى إسرائيل، لكن السلطات لم تُردد حتى الآن هذا الادعاء بشكل رسمي أو تلمّح إلى اتهامات وشيكة.)

قد يتخذ ماندلبليت قريباً إجراءات بشأن مسألة واحدة أو أكثر من هذه القضايا. ومن المعروف أن مسؤولي الشرطة الذين أجروا تحقيقات جمع الحقائق يفضلون الاتهام في القضايا الثلاث الأولى. بالإضافة إلى ذلك، عندما اجتمع المدعي العام بأسلافه وبأعضاء المحكمة العليا السابقين في الأسابيع الأخيرة، أفادت بعض التقارير أن جميعهم حثوه على التصرف قبل الانتخابات، بقولهم أن من حق الجمهور معرفة النتائج التي توصل إليها قبل ذهابهم إلى صناديق الاقتراع. وعلى وجه التحديد، نصحوه بالتصرف قبل شهر آذار/مارس من أجل تقليل الادعاءات بأنه يرفع دعوى قضائية عشية الذهاب إلى صناديق الاقتراع. والسؤال هو ما إذا كان سيواصل متابعة أشد الاتهامات قسوة – أي الرشوة – أو يُصْدِر تهم أقل جسامة.

إن الاعتقاد بأن ماندلبليت يميل إلى تقديم لائحة اتهام ينبع أيضاً من خطاب نتنياهو في ساعة الاستماع القصوى على شاشات التلفزيون الإسرائيلي في السابع من كانون الثاني/يناير، عندما دعا إلى إجراء مناظرات تلفزيونية ضد ثلاثة من المقربين السابقين الذين هم الآن شهودٌ من قبل الدولة. وعلى الرغم من رفض السلطات لهذا المطلب كما كان متوقعاً، إلا أن المحللين يؤكدون أن ذلك يوضح مدى قلق رئيس الوزراء من لوائح الاتهام التي تلوح في الأفق. إن مسألة ما إذا كانت هذه الاتهامات وحدها ستجبره قانونياً على ترك منصبه ما زالت موضع جدل، ولكن من الواضح أن الإدانة تتطلب منه التنحي عن منصبه.

وإذا قرر نتنياهو أنه لا مفر من توجيه الاتهامات قبل موعد الانتخابات، فلديه العديد من مسارات العمل المحتملة. هل سيحاول تخفيف الصدمة من خلال استباق ماندلبليت ورفع أمر قضيته إلى الجمهور بشأن كل دعوى قضائية؟ أم أنه سيتجنب التفاصيل ويؤكد للناخبين أنه مستعد لمحاربة التهم في جلسة استماع أو إجراءات قضائية بعد الانتخابات؟ وبدلاً من ذلك، قد يضاعف إدعائه بأن السلطات تواصل الاتهامات ضده لأن ذلك نابع من حقد تجاهه – وهو احتمال بعيد نظراً لأن ماندلبليت كان في السابق مساعداً له للشؤون السياسية. وفي السنوات الأخيرة، انحرفت بِحِدة مفاهيم حزب الليكود الذي ينتمي إليه نتنياهو من النظرة الليبرالية الأوروبية التي تعود إلى القرن التاسع عشر والتي حددت أسلاف الحزب، إلى الترويج بدلاً من ذلك لسرد الاضطهاد من قبل مؤسسة قانونية نخبوية من المفترض أنها تستهتر بالفصيل الشعبوي. وفي هذا الصدد، فإن لوحة أخيرة لحزب الليكود خصت بالذكر عدداً من كبار الصحفيين، بإعلانها أن الشعب هو الذين سيقرر مستقبل إسرائيل، وليس الإعلام – في إشارة إلى أن رئيس الوزراء قد يعتزم تكثيف لهجته ضد الصحافة.

إذا نجح نتنياهو في الحصول على أغلبية الأصوات في الانتخابات على الرغم من هذه التحديات، فقد يسعى إلى تشكيل ائتلافه القادم وفقاً لِمَن قد يكون أكثر ولاءً له فور توجيه لوائح الاتهام ضده ومضي قضايا المحاكم قدماً في الأشهر المقبلة. وفي هذه الحالة، من المحتمل أن يسعى إلى تشكيل ائتلاف مماثل لذلك القائم حالياً، مع أحزاب يمين الوسط والأحزاب الدينية المتطرفة، من أجل الحفاظ على أغلبيته البرلمانية بدلاً من التواصل مع أحزاب على يسار حزب الليكود. (ستتم مناقشة الاحتمالات والاستراتيجيات الانتخابية الممكنة للأحزاب اليسارية وغيرها من المنافسين في مراصد سياسية مستقبلية).

تأرجح الأحزاب التابعة

أعرب نتنياهو مؤخراً عن قلقه من خسارة بعض شركائه السياسيين للدعم الشعبي الذي كانوا يتمتعون به. فقد انخفض التأييد لما لا يقل عن ثلاثة أحزاب في ائتلافه الحالي إلى ما يقرب من 3.25 في المائة من الأصوات، الذي هو الحد الأدنى المطلوب لدخول الكنيست. وإحدى هذه الأحزاب هي “شاس”، الفصيل الديني المتطرف لـ “السفارديم” الشرقيين الذي كان أحد أعمدة معظم حكومات نتنياهو. ومع ذلك، فإن وفاة زعيم الحزب [السابق الحاخام الأكبر] قبل بضع سنوات والذي كان يتمتع بشخصية براقة [أثّر على شعبية الحزب]، وهناك تحقيق فساد يلاحق الزعيم السياسي الحالي للحزب. بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض ناخبي الحزب ليسوا متدينين متطرفين ويمكنهم التحوّل بسهولة إلى أحزاب أخرى. وبالنظر إلى هذه المخاطر، قد يضغط نتنياهو من أجل قيام اندماج فني بين حزب “شاس” ونظيره الأشكنازي “أغودات يسرائيل”، مما يسمح لانتخاب أعضاء “شاس” في الكنيست القادمة حتى لو انهار الاندماج بعد ذلك.

كما يواجه “حزب البيت اليهودي” خطر [عدم الدخول إلى “الكنيست” المقبلة]، وهو فصيل مؤيد للمستوطنين انشق عن قياداته الكثيري الجدال، حيث يسعى وزير التعليم نفتالي بينيت ووزيرة العدل أييليت شاكيد إلى الابتعاد عن النواة الأساسية للحزب، التي تنحدر من “الحزب الديني القومي” المنحل. ويطلق الزعيمان على أنفسهما الآن “اليمين الجديد”، ويأمل بينيت أن يؤدي هذا التحوّل نحو برنامج انتخابات غير طائفي إلى منحه القفزة إلى منصب نتنياهو.

والحزب الثالث المعرّض لخطر عدم الدخول إلى الكنيست هو “يسرائيل بيتينو”، بزعامة وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان، الذي أسَّس الحزب بعد فترة وجيزة من وصول موجة ضخمة من المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفييتي السابق. بيد، قد لا تشكل جذور المهاجرين هذه برنامج قوي بما يكفي للحصول على تأييدهم في الوقت الذي بلغ فيه الجيل الجديد سن الاقتراع ويشعر بالاندماج في الحياة الإسرائيلية.

ومن الناحية المثالية، يرغب نتنياهو في جذب الناخبين بعيداً عن المنافسين مثل بينيت وليبرمان. ولكن إذا لم يكن ذلك ممكناً، فقد يفضل أن تحتفظ أحزابهم الموثوقة بقوتها وتُبقي الناخبين داخل الكتلة اليمينية – وإلا، فإن الفصائل مثل “البيت اليهودي” قد تصبح ضعيفة إلى درجة أنها قد تفشل في تجاوز الحد الأدنى للدخول إلى الكنيست.

الخاتمة

كما هو الحال في حملات الانتخابات السابقة، يرتكز تقدُّم نتنياهو الحالي في الاستطلاعات على التهديدات الأمنية. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي لوائح الاتهام المعلقة إلى تحوّل منهجي بشكل جذري إلى ما يتجاوز يوم الانتخابات، مما يدفع نتنياهو وحلفاءه إلى النظر في صيغ التحالف التي تضمن بقاءه السياسي على أحسن وجه في وقت تتجلى فيه تحديات قانونية غير مسبوقة.