بغداد – حاول رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، إقناع السعودية بأن الميليشيات العراقية المنتشرة قرب حدود البلاد الغربية، لن تتوغل في العمل السوري، على خلفية إعلان الولايات المتحدة خطة للانسحاب من هذا البلد. كما لا يستبعد أن يكون الفياض قد ذهب للرياض لأجل طمأنتها بشأن دوره كوزير داخلية متوقع في حكومة عادل عبدالمهدي، خاصة وأن المخاوف الإقليمية والدولية كانت أحد الأسباب وراء تأخير المصادقة على حقيبة الداخلية إلى حد الآن.
ويزور الفياض الرياض منذ يومين، وسط تكتم كبير من قبل المنصات الرسمية المعنية في البلدين.
ولم يصدر عن بغداد تعليق رسمي يوضح أسباب هذه الزيارة، فيما تقول المصادر الحكومية العراقية لـ”العرب” إن “بوصلة الحشد الشعبي العراقي، هي على رأس جدول أعمال هذه الزيارة”.
وقال مراقب سياسي عراقي في تصريح لـ”العرب” إن القصد الحقيقي من تكليف الفياض بزيارة المملكة هو تلميع صورته وإظهاره بمظهر الرجل القوي وتسليط الضوء على قدرته على ضبط الأمور في المناطق التي تتحرك فيها ميليشيات الحشد الشعبي وبالأخص المناطق ذات الغالبية السنية التي تم تحريرها من قبضة داعش ولم يغادرها الحشد.
وأكد أن الجانب الأهم من الزيارة يصب في لعبة عبدالمهدي لاستدراج السعودية طرفا في عملية القبول بالفياض وزيرا للداخلية، لما ستحمله تلك الزيارة من إشارات قبول عربي به، باعتباره الرجل القوي الذي يمكن أن يكون قادرا على التحكم بالأوضاع الأمنية الداخلية في العراق والعمل على عدم اتساع دائرة تأثيرها السلبي على الدول المجاورة.
ووفقا للمصادر، فإن “رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، طلب من الفياض، الذي يترأس قوات الحشد الشعبي، أن يشرح الموقف الميداني على الحدود العراقية السورية للسعوديين، بعد بدء عمليات الانسحاب الأميركي”.
ولم ترد من الرياض أنباء بشأن هذه الزيارة، فيما قالت مصادر دبلوماسية محلية إن “الطابع الاستخباري هيمن عليها”.
ورجحت مصادر في بغداد أن يكون الفياض قد التقى وزير شؤون الخليج في السعودية ثامر السبهان.
ورفض مقربون من الفياض في بغداد تأكيد هذه الأنباء لـ”العرب”.
وفي حال نجح الفياض في إنجاز الشق الأول من مهمته، المتعلق بالحشد الشعبي، فربما “يمهد لزيارة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، إلى السعودية”، على حد تعبير المصادر.
ويخطط عبدالمهدي لزيارات خارجية تشمل السعودية وتركيا وإيران والولايات المتحدة، فيما سيقوم الرئيس العراقي برهم صالح، بزيارة إلى روسيا.
وبحسب مصادر “العرب” في بغداد، فإن هذه الزيارات قد تبدأ في غضون أسابيع قادمة.
وكان رئيس الوزراء العراقي، أعلن لدى تكليفه بتشكيل الحكومة، أنه لن يقوم بزيارات خارجية، إلى حين ترتيب الملفات الداخلية.
وفي حال تمكن الفياض من الوفاء بوعوده من خلال السيطرة على حركة الميليشيات الشيعية قرب الحدود بين العراق وسوريا، فإن هذا ربما يرضي الكثير من الأطراف.
واعتبر المراقب العراقي أن الحديث عن الدور الذي يلعبه الحشد في ملء الفراغ الذي سيسببه رحيل القوات الأميركية من سوريا هو نوع من التعمية على حقيقة الانزعاج الذي تشعر به دول محيطة بالعراق نتيجة التهديدات التي يطلقها بين حين وآخر عدد من زعماء تلك الميليشيات التي لا تخفي ارتباطها بإيران.
وكان رئيس الوزراء العراقي، أصدر أوامره للجيش، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، بالاستعداد لملء الفراغ الناجم عن انسحاب الولايات المتحدة من سوريا. وعمليا، أرسلت قيادة القوات المسلحة قطعات كبيرة لتقديم الإسناد في الشريط الحدودي الطويل بين العراق وسوريا. لكن دخول الحشد الشعبي على معادلة ضبط الحدود، أثار مخاوف إقليمية ودولية بشأن نوايا إيران في المنطقة.
وحركت فصائل مسلحة منضوية تحت راية الحشد الشعبي، لكنها تخضع فعليا لإيران، المئات من مقاتليها في مناطق حدودية، على وقع أنباء الانسحاب الأميركي، ما فتح نقاشا داخليا وخارجيا بشأن الجهة التي ستملأ الفراغ.
ويريد الأميركيون أن يشترك العراقيون وقوات سوريا الديمقراطية في إطار تنسيقي لملء فراغ الانسحاب من سوريا، لكن روسيا لن تمانع دخول الحشد الشعبي القريب من إيران، ضمن هذه الدائرة، وهو ما ترفضه واشنطن.
وتؤكد المصادر أن تحركات الحكومة العراقية الحالية، تستهدف وضع حد للتنبؤات التي راجت مؤخرا بشأن إمكانية لجوء إسرائيل إلى تنفيذ غارات ضد مقرات للحشد الشعبي قرب الحدود السورية.
وتعتقد إسرائيل أن هذه المقرات تستخدم لإعادة هيكلة المجموعات المسلحة العراقية التي تقاتل في سوريا، كلما تعرضت لهجمات مدمرة.
العرب