ميونيخ – التقت إيران وقطر في ما يشبه التنسيق المسبق على التحذير من أخطار أمنية كبرى تتهدد منطقة الشرق.
وبدا أن تصريحات وزيري الخارجية؛ الإيراني محمد جواد ظريف والقطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أمام مؤتمر ميونيخ للأمن تسعى لدفع الاتهامات الدولية التي تكال لطهران بأنها راعية للإرهاب وأنها مصدر لزعزعة الاستقرار في المنطقة وفق ما صدر عن المؤتمر الدولي الأخير في وارسو. فضلا عن تحذير المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، السبت، من أن انسحاب القوات الأميركية من سوريا، يمكن أن يعزز نفوذ إيران في هذا البلد.
واتهم ظريف الولايات المتحدة بـ”الهوس المرضي” تجاه طهران، ورفض اتهاما أميركيا بأن بلاده تخطط لمحرقة نازية (هولوكوست) جديدة.
فيما دعا وزير الخارجية القطري إلى اعتماد الحوار سبيلا لحل أي مشكلة مع إيران، وفي إشارة إلى مؤتمر وارسو الدولي حول الشرق الأوسط، قال “لا نجد جهودا فعلية من الولايات المتحدة للحديث عن قضايا الشرق الأوسط، ولو كانت هناك مشكلة مع إيران فيجب أن تكون مدعوة إلى طاولة الحوار”.
وحاول ظريف إبعاد الأنظار في ميونيخ عن خطاب مؤتمر وارسو قبل أيام، وردّ تهمة الإرهاب عن بلاده والتشديد على اتهام إسرائيل بأنها التهديد الفعلي للاستقرار في الشرق الأوسط مهوّلا بإمكانية اندلاع حرب إسرائيلية إيرانية. وقال وزير الخارجية الإيراني إن إسرائيل تسعى للحرب وحذر من أن تصرفاتها هي والولايات المتحدة تزيد من فرص اندلاع حرب في المنطقة.
واتهم ظريف إسرائيل بانتهاك القانون الدولي بعد حملات القصف التي شنتها على سوريا، كما انتقد القوى الأوروبية لعدم انتقادها إسرائيل والولايات المتحدة جراء تصرفاتهما في المنطقة.
مصادر دبلوماسية أوروبية تقول إن ظريف يحاول تجاهل حقيقة أن الموقف الأوروبي يشارك واشنطن القلق من البرنامج النووي والصاروخي لإيران وسلوكها المزعزع للاستقرار
وقال “خطر (الحرب) هائل وسيكون أفدح إذا واصلتم التغاضي عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي”. وسعى وزير الخارجية الإيراني في ميونيخ إلى استغلال التباين في الموقف من إيران بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقال إن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس “طلب بغطرسة من أوروبا على أرضها، أن تنضم إلى الولايات المتحدة (وتنسحب من الاتفاق النووي الإيراني)، وأن تضر عبر ذلك بأمنها”.
ورفض الأوروبيون دعوات نائب الرئيس الأميركي للانسحاب من الاتفاق النووي الذي وقع في عهد باراك أوباما، مكررين أن طهران تفي بالتزامها بعدم تطوير سلاح نووي.
غير أن مصادر دبلوماسية أوروبية قالت إن ظريف يحاول تجاهل حقيقة أن الموقف الأوروبي يشارك واشنطن القلق من البرنامج النووي والصاروخي لإيران وسلوكها المزعزع للاستقرار، وأن الخلاف بين أوروبا والإدارة الأميركية يتعلق بأسلوب التصدي لإيران.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حذرت، السبت، أمام المؤتمر، من أن انسحاب القوات الأميركية من سوريا الذي أعلن عنه الرئيس دونالد ترامب، يمكن أن يعزز نفوذ روسيا وإيران في هذا البلد، ما يؤكد موقفا أوروبيا تعبر عنه ميركل من الأخطار الإيرانية في الشرق الأوسط.
وفي معرض التناغم الإيراني القطري، دعا وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني خلال مشاركته في المؤتمر إلى اعتماد الحوار سبيلا لحل أي مشكلة مع إيران.
وحول العلاقة مع طهران قال “إيران جارتنا ونتقاسم أكبر حقل غاز منذ قيام دولتنا ولدينا حدود مشتركة وهذه طبيعة الجغرافيا”. وأضاف “الأزمة جعلتنا نحتاج أكثر إلى المجال الجوي الإيراني، ونحن نقدر ذلك”.
وأكد أن “الاختلاف في الرأي بين الخليج وإيران يجب حله بالحوار وهذا كان موقفا ليس لقطر فقط بل لكل مجلس التعاون”. وقال أيضا “لدينا مع تركيا علاقة متينة جدا وأسسنا علاقة أبعد من الأزمة الخليجية”. وحذّر الوزير القطري من زيادة الاستقطاب في الشرق الأوسط. وقال “إننا نعايش زيادة في الاستقطاب بالمنطقة، تزداد يوما بعد يوم بشكل درامي”.
ويأتي كلام وزير الخارجية القطري إثر دعوة أعضاء في الكونغرس الأميركي لتخيير قطر بين علاقتها بواشنطن أو الرهان على إيران. وقال الجنرال المتقاعد من سلاح الجو تشارلز والد، الذي كان نائبا لقائد العمليات العسكرية الأميركية في أوروبا، إن “قطر ترتكب خطأ حين تتمسك بدعمها لإيران”.
وأضاف والد خلال مؤتمر ناقش العلاقات الأميركية القطرية “أعتقد أنه يجب على قطر أن تختار. يجب على القطريين أن يقرروا ما إذا كانوا سينسجمون مع التحالف التقليدي بين الدول الغربية ودول مجلس التعاون الخليجي، أو الانحياز إلى إيران. لا يمكن أن يكونوا داعمين لكلا الاتجاهين. ولن تسمح لهم إيران بسياسة اللعب على الحبلين. تلك هي المشكلة. عندما تبدأ في العمل مع إيران، فأنت ترقص مع الشيطان”.
ولفت دبلوماسيون إلى أن طهران تحاول أن تحشر الضغوط ضد إيران داخل زاوية نزاع ثنائي بين طهران وواشنطن بسبب أجندة أميركية. خصوصا بعد أن تحدث ظريف عن وجود “خطاب كراهية يتسم بالجهل من قبل ممثلي الحكومة الأميركية”. واتهم الولايات المتحدة أيضا بتوجيه “اتهامات بغيضة” لطهران، وبـ”العداء” لإيران و”شيطنتها”.
ورصد مراقبون تناغما في كلام إيران وقطر حول الرغبة في الحوار مع الجوار لحل الأزمات. ورأى هؤلاء أن الدوحة وطهران تحاولان تجميل صورتيهما أمام المجتمع الدولي والتخفيف من وقع الاتهامات ضدهما برعاية الإرهاب.
وقال وزير خارجية قطر إنه لا يوجد حوار بين الدوحة والسعوديين والإماراتيين حاليا. وأضاف أن الدوحة ليس لديها أي مانع لبذل أي جهود لحل الأزمة مع الدول الخليجية الثلاث (السعودية والإمارات والبحرين) ومصر.
وتشهد منطقة الخليج أسوأ أزمة في تاريخها بدأت في 5 يونيو 2017، حين قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، ثم فرضت عليها “إجراءات عقابية” بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة.
العرب