مؤتمر وارسو: “صدمة” لإيران أم “مؤامرة” للتطبيع مع إسرائيل؟

مؤتمر وارسو: “صدمة” لإيران أم “مؤامرة” للتطبيع مع إسرائيل؟

تناولت صحف عربية مؤتمر وارسو للسلام في الشرق الأوسط الذي اختتم أعماله في العاصمة البولندية مؤخرا. وتباينت آراء المعلقين والكتاب العرب في تقييمهم للمؤتمر، حيث اعتبر البعض أنه شكّل نجاحا في مواجهة إيران، بينما رأى آخرون أنه فشل في تحقيق أهدافه المرجوة.

وقد عُقد المؤتمر بدعوة من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وبمشاركة 60 دولة عربية وأجنبية.

“صدمة كبيرة لإيران”

تقول صحيفة “الوطن” السعودية إن ما ترتب على المؤتمر يظهر أن “النظام الإيراني بات أقرب للسقوط في الوقت الحالي مقارنة بفترات سابقة، لاسيما بعد إهداره أموال الدولة في عمليات عسكرية استهدفت أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، ما أدى إلى تزايد الغضب الدولي، وتصاعد الاحتجاجات المنددة بتفقير الشعب والسلوك الإرهابي للنظام في الداخل والخارج”.

في السياق ذاته، تقول “البيان” الإماراتية في افتتاحيتها إن المؤتمر شكّل “صدمة كبيرة لإيران وميليشيا الحوثي في اليمن، وكشف عن الوجه الإرهابي لطهران من خلال ميليشياتها المنتشرة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وخرجت الإدانات صريحة لسياسات إيران وتدخلاتها في شؤون الدول”.

ويقول حنا صالح في “الشرق الأوسط” اللندنية إن المؤتمر “وجّه الكثير من الرسائل التي سيكون من الصعب على نظام الملالي تجاهلها؛ وأولاها أن السلوك الإيراني بات تحت المجهر العالمي، فكل أنماط الإرهاب وافتعال الحروب الداخلية والشراكة مع عصابات الجريمة المنظمة في تهريب المخدرات وترويجها كما في غسل الأموال، باتت معروفة، وأن على إيران أن تعود دولة طبيعية”.

ويرى خير الله خير الله في “العرب” اللندنية أن المؤتمر ساهم في عزل إيران أكثر وتأكيد وجود نيّة لحملها على تغيير سلوكها.

ويضيف “لعلّ أهمّ ما في هذا المؤتمر أنه سيسمح مرة أخرى بمعرفة ما إذا كانت إدارة دونالد ترامب جدّية فعلا في الذهاب إلى النهاية في المواجهة مع النظام الإيراني أم أن كل ما في الأمر خُطبا نارية لا ترجمة لها على أرض الواقع”.

على الجانب الآخر، يتساءل عبد الباري عطوان في “رأي اليوم” اللندنية “ألا يَخجل العرب المَهزومون من تِكرار العِبارة التي تُدينهم حول سيطرة إيران على أربعِ عواصم عربيّة؟”.

ويقول إن “الحكومات العربيّة التي تعتَبر إيران هي الخَطر الأكبر وليس إسرائيل، هي التي انخَرطت في مشروع التّدمير الأمريكي في العِراق واليمن وسوريا وليبيا، سواء بالتّمويل أو توفير الغِطائين السياسي والإعلامي لهذا المُخطّط التدميري”.

ويضيف أن “إيران ورغم أربعين عامًا من الحِصار الأمريكي، أقامت دولة مؤسسات وطوّرت صناعةً عسكريةً جبّارة استخدمتها كورقة ضغط لتركيع الغرب وأمريكا… في الوقت الذي دمّر فيه الحُكّام العرب المُقاومة الفلسطينية بتحريضٍ أمريكي تحت ذريعة السلام”.

“مؤامرة فاشلة”

يقول علي الصالح في “القدس العربي” اللندنية إن المؤتمر “عنوان لمؤامرة فاشلة وخاسرة لتغيير وجه الشرق الأوسط، أشرفت على تنفيذها مجموعة من هواة السياسة في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في محاولة بائسة لممارسة مزيد من الضغوط على الفلسطينيين للقبول بما يسمى صفقة القرن”.

ويخلص الكاتب إلى القول بأن مؤتمر وارسو “مؤامرة غرضها الأساسي تطبيع الدول العربية على أوسع نطاق مع دولة الاحتلال، ولم تكن إيران والتهديدات الأمريكية ضدها سوى الطعم لجر أرجل هذه الدول إلى الفخ المنصوب لها”.

ومن جهته، يرى رضوان السيد في “الاتحاد” الإماراتية أن المؤتمر لم يكن واضح المعالم “فبعد أن كان ضد إيران، صار معنياً بقضية السلام في الشرق الأوسط”.

ويضيف “هذه النتيجة، أي عدم القدرة، أو انعدام الضرورة، أو عدم الثقة بإدارة ترامب، تعني تفويت فرصة نادرة، للدخول في جبهة عالمية (أكثر من ستين دولة) لمواجهة التخريب الإيراني”.

وفي “الأهرام” المصرية، يقول مصطفى السعيد إن المؤتمر تطرق إلى إيران “بوصفها العقبة الرئيسية ضد السلام الذى تنشده واشنطن، لكن أوروبا لم تكن متحمسة للانخراط في الاجتماع الأمريكي، وهو ما انعكس على التمثيل الضعيف والتصريحات غير المنسجمة مع التوجهات الأمريكية”.

ويرى الكاتب أن الأهم في المؤتمر “هو عدم الإعلان رسميا عن إطلاق صفقة القرن، رغم التأكيدات الأمريكية أنها ستكون بداية العام الحالي”.

ويقول حازم عياد في “السبيل” الأردنية إن المؤتمر “لم يلاق هوى عند دول الاتحاد الاوروبي رغم محاولات جلبهم الى الطاولة سواء عبر تغير عنوانه الرئيس الممثل بمناقشة التهديدات الايرانية أو عبر الحديث عن صفقة القرن وتصفية الصراع العربي الصهيوني؛ فأولويات دول الاتحاد الاوروبي مختلفة تماما عن أولويات العرب والمشاركين”.

ويضيف “حصاد مر لمؤتمر وارسو لم يخفف وطأته بالنسبة لنتنياهو سوى الجانب التطبيعي والمكاسب الانتخابية”.

ويرى الكاتب أن “المؤتمر بكل تفاصيله أكد اختلاط الأوراق وانعدام الرؤية الاستراتيجية، فهو مجرد مؤتمر تطبيعي لا يحتوي على مضامين حقيقية يقفز على الحقوق الفلسطينية بل وقفز على صفقة القرن ذاتها”.