طموحات الإخوان والاحتجاجات الشعبية ترجئ مخرجات اجتماع المعارضة الجزائرية

طموحات الإخوان والاحتجاجات الشعبية ترجئ مخرجات اجتماع المعارضة الجزائرية

الجزائر – أرجأ قادة المعارضة السياسية في الجزائر مخرجات مؤتمر انعقد الأربعاء لبحث تقديم شخصية واحدة للانتخابات الرئاسية إلى ما بعد الجمعة القادم، المصادف ليوم المظاهرات الشعبية في العاصمة وعموم البلاد ضد ترشيح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة.

وخيّمت الخلافات الحزبية والطموحات الشخصية للمترشحين على مبادرة زعيم الفصيل الإخواني عبدالله جاب الله، خاصة مع ما وصف بـ”قبر” حركة حمس لمشروع المبادرة السياسية، حيث استبق عبدالرزاق مقري، انعقاد اجتماع المعارضة بندوة صحافية شرح فيها برنامجه السياسي، مما يؤكد أن الرجل ماض في خيار الترشح ولا مجال عند أكبر الأحزاب الإخوانية للتنازل، من أجل المرشح الوحيد للمعارضة.

ورشح من اجتماع المعارضة المنعقد الأربعاء، في مقر جبهة العدالة والتنمية بالعاصمة، بأن زعيم الفصيل المنشق عن حركة حمس، المتمثل في عبدالقادر بن قرينة المترشح باسم حركة البناء الوطني، قد أبدى رفضا مطلقا لأن يكون حليفه السابق وغريمه الحالي عبدالرزاق مقري، مرشحا للمعارضة.

وألقت أجواء الترقب والحذر الشديد التي تخيم على البلاد، عشية المظاهرات الشعبية المنتظرة الجمعة القادم في العاصمة وعموم محافظات البلاد، للتعبير عن رفض ترشيح بوتفليقة، بثقلها على اجتماع المعارضة، خاصة مع نية بعض الأطراف في التريث لمعرفة نتائجها وتأثيراتها على المشهد السياسي في البلاد. وأبدت عدة شخصيات دعمها للمظاهرات والاحتجاجات المذكورة، بدعوى “ضرورة استماع السلطة لموقف الشارع ومعرفة نتائج المغامرة التي أقدمت عليها أحزاب السلطة بترشيح الرئيس الحالي للمرة الخامسة”.

المعارضة من المستبعد أن تتوصل إلى اتفاق حول مرشح وحيد بسبب الخلافات العميقة بين مختلف القوى السياسية

وفيما تتمسك حملة التعبئة الجارية على شبكات التواصل الاجتماعي، بالطابع العفوي للمظاهرات وبراءتها من الاتهامات التي تكال لها من طرف ما يصفونه بـ”الذباب الإلكتروني”، الذين ينسبون الحراك “لأطراف خارجية وأياد أجنبية تريد جر البلاد إلى الفوضى وعدم الاستقرار”، فإن حملة التعبئة تستمر على شبكات التواصل الاجتماعي.

وشهدت مدينة خنشلة الاثنين، احتجاجا شعبيا قويا على تصريحات وصفها ناشطون محليون بـ”المستفزة”، صدرت عن رئيس البلدية الذي تحدى في منشور له سكان المدينة وهدد كل من يقترب من البلدية، كما رفض التصديق على استمارات الاكتتاب للمترشح المستقل رشيد نكاز.

وتطور الغضب الشعبي إلى إنزال صورة كبيرة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة من مبنى البلدية وتمزيقها والدوس عليها، ومطاردة رئيس البلدية الذي لاذ بالفرار. وحذر ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي من السلوكيات والتصريحات الاستفزازية الصادرة عن بعض أعوان الدولة أو المنتخبين المنتمين لأحزاب الموالاة، واعتبروا احتجاج مدينة خنشلة رسالة قوية وتعبيرا صريحا عن حدة الاحتقان والغضب من ممارسات الداعمين لترشيح بوتفليقة.

وعبّر ناشطون معارضون في عدد من العواصم الأوروبية عن انخراطهم في حملة الدعم والتأييد للمظاهرات، على غرار أمير بوخرص ومحمد العربي زيتوت، في حين لم تتبن أي جهة في الداخل الحراك المذكور، ولو ظهرت في صورة احتجاجات شعبية في عدد من المدن والمحافظات، كما هو الشأن للأحداث التي شهدتها مدينة خنشلة الاثنين الماضي.

ودعا عبدالله جاب الله، في كلمته الافتتاحية في اجتماع المعارضة الأربعاء، المعارضة السياسية إلى تبني مطالب الشعب الجزائري الرافض للعهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة، وإلى ضرورة وحدة الموقف والصوت في هذا المنعطف الحاسم بين جميع القوى الفاعلة.

وأضاف “الواجب اليوم تبني مطالب الشعب الرافضة للعهدة الخامسة، وتحركاته الساعية إلى إسقاطها، فبالشعب نكون وبه نناضل، ونعبر عن رفضنا لاستمرار بوتفليقة في الحكم وهو غائب عن الوجود وفي حكم الميّت معنويا، وأن ترشحه يتنافى مع قانون الانتخابات والدستور”.

وتلمح دعوات جاب الله للالتفاف حول مظاهرات الجمعة، إلى نية فصيل من المعارضة الاستثمار في الاحتجاجات الشعبية، والاستعانة بها للضغط على السلطة وعلى أحزاب الموالاة لمراجعة حساباتها تجاه موقف المعارضة والشارع الجزائري معا تجاه الولاية الخامسة لبوتفليقة.

ولفت المتحدث في كلمته إلى أن المعارضة باتت أمام حتمية التوافق على مرشح واحد في الانتخابات الرئاسية القادمة، وإن التفت التف الشعب حولها، وإن بقيت مشتتة بقي الشعب كذلك.

ودعا المعارضة إلى “تغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية، وأن المطلوب من كل مسؤول يعرف قيمة المسؤولية، أن يقرر موقفه انتصارا لمصلحة الوطن والدفاع عن الأمة، ويجعل الانتخابات القادمة محطة للتقويم الصادق لمستقبل أفضل”.

واستبعد مراقبون أن يتوصل فصيل المعارضة إلى اتفاق مبدئي حول مرشح وحيد في الاستحقاق الرئاسي، نظير الخلافات العميقة بين مختلف القوى السياسية والطموحات الشخصية لبعض المترشحين، رغم أن النتائج محسومة مبكرا لصالح مرشح السلطة وفق السيناريو الجاري.

العرب