يرقد إبراهيم في قسم العناية المركزة، في حين تخضع كوثر للعلاج من الصدمة النفسية وتنادي بأسماء صغارها فردا فردا وتصر على رؤيتهم.
وفي ضواحي مقاطعة نوفا سكوتيا بكندا تجري الاستعدادات لتوديع كل من أحمد ورولا ومحمد وغالا وهالا ورانا والرضيع عبد الله.
في عام 2017 وصل الزوجان برفقة أطفالهما الستة إلى كندا ولقيا ترحيبا حارا من السلطات والسكان، وفي وقت لاحق ازدادت العائلة بطفل سابع.
فرحت العائلة بالحياة بعد أن تركت الموت وراءها في مدينة الرقة السورية، وقبل خمسة أشهر انتقلت إلى منزل جديد في نوفا سكوتيا.
وخلال فترة وجيزة تأقلمت الأسرة مع محيطها الجديد وأحب الجيران شغب الأطفال وضحكهم وتسكعهم.
لكن الموت تسلل إليهم وسط ضجيج الحياة، فقد شبت النار في المنزل الجديد وقضى جميع الصغار نحبهم صباح الثلاثاء الماضي.
وإذا كانت خسارة طفل واحد كافية لتدمير حياة أي أسرة فإنه لا يمكن وصف الأذى الذي لحق بعائلة باهرو بعد مقتل أطفالها السبعة في لحظة واحدة.
وحتى الحين لم تستوعب الأربعينية كوثر أن تكون بلا ولد بعد أن كانت بالأمس أما لسبعة أطفال تتراوح أعمارهم بين 15 عاما وأربعة أشهر.
أما إبراهيم فيرقد في العناية المركزة، ويبدو أن حياته مهددة بعد أن اقتحم النار في محاولة لإنقاذ صغار حلم بأن يمهله الزمن حتى يراهم كبارا.
صراخ الموت
وفي وقت سابق، ذكرت شرطة هاليفاكس الإقليمية أن الحريق وقع صباح الثلاثاء الماضي، وقالت إحدى الجارات إنها سمعت ضوضاء عالية عندما شب الحريق.
وتروي دانييل بيرت “سمعت دويا هائلا تبعه صراخ امرأة، لذلك قفزت من السرير وبحثت عن النافذة الخلفية، وكل ما كنت أراه هو ألسنة اللهب تنطلق من الباب الخلفي إلى السطح”.
المستشار البلدي لمنطقة سبريفيلد ستيف آدماز وصف موت الأطفال السبعة بالمأساة الفظيعة، وقال لقناة “سي بي سي” الكندية إن معظم منازل الحي جديدة وبنيت خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وأفاد ديف ميلدرم نائب رئيس جهاز الإطفاء بأن رجاله واجهوا حريقا هائلا في الطابقين الأرضي والعلوي، مما صعب عملية إخماد النيران التي التهمت المنزل وحصدت أرواح الأطفال.
وتعليقا على حالة كوثر، قالت عضو جمعية القلب ناتالي هورن “إنها تجد صعوبة في قبول ما حدث، وهي تكرر فقط اسم أولادها مرارا وتكرارا وتطلب رؤيتهم”.
وعلى مواقع التواصل والقنوات والصحف، تتالت الروايات العاطفية المحزنة بشأن الأسرة التي كانت سعيدة بمقدمها إلى كندا قبل عام ونصف فقط.
وكتب أحدهم “خلال السنة والنصف الماضية استمتع الأطفال بالذهاب إلى المدرسة وركوب الدراجات والسباحة واللعب مع الأصدقاء، والركض في الفناء.. لقد أحبوا كل دقيقة، وكان من المستحيل ألا نسمع ضحكهم”.
تعاز وتبرعات
أما رئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو المعروف بصداقته للاجئين السوريين فعبر عن حزنه العميق، قائلا إن اللغة تعجز عن وصف فجيعة مقتل الأطفال.
وعلى الفور بدأ أصدقاء الأسرة وجيرانها في جمع التبرعات لها، وجمعوا حتى الحين 279 ألف دولار.
وقال إمام مسجد البركة إبراهيم الشنطي إن حملة التبرعات تهدف لمساعدة الأسرة على مواجهة مصيبتها، وإيجاد مأوى جديد، وتسديد التكاليف المتوقعة.
وأضاف لقناة “سي بي سي” أن والدة الأطفال لا تزال تحاول استيعاب ما حصل، “ونأمل أن يتجاوزوا هذه” المحنة.
وفي حديثها عن الأم المكلومة تقول الجارة ميليسا “أتمنى أن تعرف أن المجتمع هنا من أجلها، وأتمنى مع مرور الوقت أن تكون قادرة على أن تصبح قوية مرة أخرى”.
وليست هذه الحادثة الأولى من نوعها في نوفا سكوتيا، ففي يناير/كانون الثاني 2018 قتل أربعة أطفال بعدما شب حريق في منزلهم الواقع بالشمال الشرقي من المنطقة.
المصدر : الجزيرة,مواقع إلكترونية