إجماع أوروبي على رفض إدراج السعودية في القائمة السوداء لغسيل الأموال

إجماع أوروبي على رفض إدراج السعودية في القائمة السوداء لغسيل الأموال

بروكسل – تكبدت خطة بروكسل التي تتمثل في إدراج السعودية على قائمة سوداء لغسيل الأموال هزيمة بعد معارضة شبه جماعية من دول الاتحاد الأوروبي، في خطوة تكشف نجاح السعودية في تسجيل نقطة في معاركها متعددة الأوجه مع اللوبي المعادي لها في الغرب.

وكشفت مصادر دبلوماسية، من مقر الاتحاد الأوروبي، أن الدبلوماسية السعودية نجحت في كسب 27 دولة أوروبية من جملة 28 إلى صفها لإبطال وضع الرياض على القائمة، ومن بين هذه الدول بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا.

وقال دبلوماسيان من الاتحاد الأوروبي إن حكومات في الاتحاد قد تمنع تبني قائمة سوداء لغسيل الأموال، تضم السعودية، وذلك بموجب إجراء تم تفعيله الخميس.

وأضاف الدبلوماسيان أن بعض مبعوثي الدول عارضوا تبني القائمة خلال اجتماع الخميس، مما أدى إلى بدء عملية قد تؤدي إلى تأجيل القائمة أو سحبها.

وقال دبلوماسي إن الكثير من دول الاتحاد الأوروبي تواجه ضغوطا من السعودية وواشنطن لإلغاء القائمة.

وفقا لمشروع بيان نشرته صحيفة فايننشال تايمز فإن الحكومات ستقول إن القائمة التي أعدتها لجنة تابعة للمفوضية الأوروبية، لم تتم وفق “عملية شفافة وذات مصداقية”، وإن هذه الحكومات ستدعو إلى “إدراج يلبي معاييرنا العالية، ويعزز مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب”، وهو ما يعني أن الزج بالسعودية في القائمة تم لاعتبارات لا علاقة لها بتلك المعايير.

ووصف السفير الأميركي لدى الاتحاد الأوروبي، جوردون سوندلاند، مشروع اللجنة بأنه “سياسي بحت”، آملا بأن تدفع دول الاتحاد الأوروبي نحو إلغاء القائمة.

وقال “لا أعتقد أن خوض معركة مع الولايات المتحدة والكثير من الدول الصديقة الأخرى حول هذا النوع من القضايا هو من مصلحة الاتحاد الأوروبي”.

ويعتبر نجاح السعودية في إفشال هذا التصنيف بمثابة مكسب دبلوماسي في بيئة غربية مسممة سياسيا وإعلاميا ضدها، وفي أوج الدعاية المضادة التي ركبت قضية اغتيال الصحافي جمال خاشقجي والحرب في اليمن لابتزاز الرياض التي باتت تبحث عن تثبيت دور إقليمي ودولي يراعي أمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية سواء تقاطع مع أدوار دول أوروبية أم تشابك معها مثلما يجري في اليمن.

وذكرت مصادر سياسية أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز قد عبر لقيادات أوروبية التقى بها في قمة شرم الشيخ عن اعتراضه على هذه الخطوة. كما تطرق وكيل وزارة الخارجية السعودي عبدالرحمن بن إبراهيم الرسي إلى القضية مع عدد من السفراء الأوروبيين في الرياض.

الرياض أرسلت في الأشهر الأخيرة إشارات قوية على رفض ابتزاز غربي يتخفى عادة وراء شعارات حقوق الإنسان

وحذر المسؤول السعودي من أن القائمة السوداء ستكون لها “عواقب سلبية وخيمة” على التعاملات التجارية والمالية للرياض مع أوروبا.

وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي إن فريقا من الدبلوماسيين السعوديين يتمركز في بروكسل لحشد الدعم لمنع الإدراج في القائمة السوداء، كاشفا عن أنه هدد بإلغاء عقود مربحة في بعض بلدان التكتل.

وباتت الدول الغربية حذرة في التعاطي مع السعودية الجديدة، الباحثة عن تركيز نفوذها إقليميا، والساعية إلى بناء علاقات خارجية مبنية على التكافؤ وتبادل المصالح، مستفيدة من نفوذها المالي والاستثماري وكونها المصدر الأكبر للنفط في العالم.

وأرسلت الرياض في الأشهر الأخيرة إشارات قوية على رفض ابتزاز غربي يتخفى عادة وراء شعارات حقوق الإنسان، وهو ما عكسه وقف صفقات كبرى مع ألمانيا وكندا.

وفيما أعلنت كندا عن مراجعة موقفها بشكل كامل، لا تزال ألمانيا تراوح في موقفها بين نفوذ اللوبي المعارض للرياض، ومصالح الشركات الألمانية، سواء في مجال صناعة الأسلحة أو صناعة الدواء التي تضررت من ردة الفعل السعودية.

وأحدث الموقف من السعودية انقساما في صفوف الائتلاف الحاكم في ألمانيا الذي يشهد توترا بالأساس، حيث اتهمت أنجريت كرامب كارينباور، زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الحاكم، الحزب الديمقراطي الاشتراكي بتعريض صناعة الدفاع والوظائف في البلاد للخطر برفضه تخفيف موقفه بشأن شحنات الأسلحة للسعودية.

وقالت الحكومة الألمانية الجمعة إنها ستقرر قبل حلول نهاية مارس ما إذا كانت ستمدد قرارها بوقف شحنات الأسلحة للسعودية، وهو القرار الذي أثار غضبا في بريطانيا وفرنسا لكونه يهدد مصالح الشركات الأوروبية.

العرب