الجزائر – تتسارع وتيرة التطورات السياسية في الجزائر بشكل يفتح البلاد على المزيد من التصعيد، على خلفية تجاهل السلطة لمطالب الحراك الشعبي الرافضة لترشيح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة مجددا، والداعية إلى رحيل السلطة.
وتقدم الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة بأوراق ترشحه رسميا لخوض انتخابات الرئاسة، مؤكدا سعيه لإعادة انتخابه رغم الاحتجاجات الحاشدة على ذلك. وتعهد بوتفليقة في حال انتخابه، بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة لن يكون مرشحا فيها.
وقرر علي بن فليس أبرز منافسي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية عامي 2004 و2014، عدم الترشح لانتخابات الثامن عشر من ابريل المقبل في الجزائر
وجاء إعلان بن فليس، في مؤتمر صحافي بمقر الحزب بالعاصمة عقب اجتماع طارئ لمكتبه السياسي (أعلى هيئة في الحزب). وقال بن فليس إن “الظروف السياسية الحالية لا تسمح لي بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة”.
وخرج عشرات الآلاف من طلبة الجامعات الجزائرية، بالعاصمة ومختلف مدن البلاد، في مسيرات احتجاجية بمجرد التأكد من عزم السلطة على ترشيح الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، وتجاهلها للمطالب المرفوعة خلال الأسبوعين الأخيرين، من طرف الحراك الشعبي.
وفي نفس السياق خرج عشرات الآلاف من الجزائريين المهاجرين للتظاهر ضد ترشيح بوتفليقة، في عدد من العواصم والمدن الأوروبية كباريس ومرسيليا ولندن وبرلين، للتأكيد على انخراط كل الفئات الاجتماعية في الحراك الشعبي المتصاعد، وشهدت ساحة الجمهورية بباريس حضور العديد من الناشطين المعارضين للسلطة،
كأمير بوخرص والعربي زيطوط.. وغيرهما.
واستقبل المجلس الدستوري (المحكمة العليا) نهار أمس، الذي يمثل آخر يوم لمهلة إيداع ملفات الترشح، العديد من ملفات الترشح، وتعمدت إدارة الحملة الانتخابية لمرشح السلطة تأخير عملية الإيداع إلى غاية الساعات الأخيرة من المهلة المذكورة، لتلافي الأضواء الإعلامية والشعبية والأسئلة المنتظرة.
وتركزت الأنظار، نهار أمس، على مبنى المجلس الدستوري لمتابعة عملية إيداع ملفات الترشح، حيث تقدم كل من المترشحين المستقلين علي غديري، رشيد نكاز، عبدالحكيم حمادي، غاني مهدي، الذين أضيفوا إلى ترشح قادة بعض الأحزاب كعبدالعزيز بلعيد، عبدالقادر بن قرينة علي زغدود، محفوظ عدول، وهم رؤساء جبهة المستقبل، وحركة البناء الوطني، وحزب النصر.
ولم تصدر الرئاسة الجزائرية أي تعليق أو بيان حول الوضع الصحي لبوتفليقة، وفيما أشارت بعض المصادر في الجزائر، إلى عودة الرجل في سرية لإدارة التطورات المتسارعة، أكدت مصادر إعلامية في جنيف نهار أمس، عن استمرار تواجد بوتفليقة على الأراضي السويسرية لغرض العلاج.
وتفاجأ الرأي العام الجزائري لما وصفه بـ”تمهيد المترشح علي غديري، الطريق لمرشح السلطة لإيداع الملف بالوكالة لمصالح المجلس الدستوري، بعدما تكفل مدير حملته الانتخابية مقران آيت العربي، بالعملية المذكورة في حضور المعني”، وهو ما يوحي بأن مدير الحملة الانتخابية الجديد عبدالغني زعلان، هو الذي يقدم ملف ترشيح بوتفليقة.
وتداول ناشطون على شبكات التواصل وصل استلام الملف، الذي تضمن عبارة “تسليم الوثيقة لمقران آيت العربي، نيابة عن المترشح علي غديري، واعتبروا السيناريو طبخة سياسية بين السلطة وبين المترشح المستقل علي غديري، الذي صرّح للصحافيين بأنه “سيكون رجل القطيعة مع الماضي، وأن صوت الشعب والإرادة الشعبية هما اللذان يمنحانه منصب الرئاسة في الـ18 من أبريل”.
وأثارت مسألة الترشح بالوكالة لغطا كبيرا في البلاد، باعتبارها المخرج الوحيد لتجاوز ضرورة حضور المترشح المعني إلى مقر الهيئة لتقديم الملف، وهو ما يستحيل على المترشح المريض عبدالعزيز بوتفليقة، الذي عمد محيطه إلى تأخير إيداع ملفه إلى ساعة متأخرة من المساء.
وذكر الخبير الدستوري والسيناتور السابق إبراهيم بولحية، أن “الدستور لا يتضمن أي شيء يستوجب الحضور الشخصي للمترشح، ولا مانع إذا قدم الملف من طرف مفوض من المعني، وأن الدستور كفل للجميع حق الترشح ولا أحد بإمكانه منع أي شخص من ذلك، بما أن الصندوق هو الذي يعطي وينزع″، في إشارة إلى الحراك الشعبي الرافض لترشيح بوتفليقة.
وذهبت الخبيرة الدستورية فتيحة بن عبو إلى أن “الدستور كفل الترشح بالوكالة، إلا أن القانون الداخلي للمجلس الدستوري يوجب الحضور الشخصي للمعني، وفي هذه الحالة يتوجب الاستظهار بوثيقة وكالة رسمية”، ويشير البند العاشر من قانون المجلس الدستوري إلى أن “ملف الترشح يودع من طرف الشخص المعني بالترشح”.
وكان المترشح المستقل غاني مهدي أول المرفوضين من قبل هيئة المجلس الدستوري بدعوى عدم استيفاء شروط الترشح، وهو الأمر الذي كان يتوقعه الكثير من المراقبين، وصرح للصحافيين بأن “رئيس المجلس الدستوري رفض استقبالي بحجة عدم استكمال ملف الترشح، وأنه من الآن أنا ضد العهدة الخامسة وفي صفوف الحراك”.
العرب