رادوها مليونية فكانت كذلك، إذ اكتظت شوارع لندن بأكثر من مليون متظاهر، يضاف إليهم قرابة خمسة ملايين رافض “للبريكست” في الفضاء الإلكتروني ممن وقعوا على عريضة تطالب بإلغاء الخروج من الاتحاد الأوروبي، في هجمة معاكسة ومفاجئة للرأي العام البريطاني ضد رئيسة الوزراء والأحزاب السياسية التي تتخبط وتزايد على بعضها بعضا في مسألة ضرورة الخروج من الاتحاد تلبية لصوت الشارع.
مشهد مليونية السبت يؤكد أن الشارع البريطاني عام 2019 لا يشبه بتاتا الشارع الذي صوت عام 2016 لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، إذ كشفت نتائج استطلاع للرأي أجراه مركز “يو غوف” الشهير للدراسات أن 90% من البريطانيين أعربوا عن رغبتهم بالتفكير في خيارات أخرى بما فيها التوجه إلى انتخابات مبكرة أو إجراء استفتاء آخر، بدل الخروج من الاتحاد، مما يعني معارضتهم للاتفاق وللخروج ذاته.
ورفع المتظاهرون شعارات تندد بسياسة رئيسة الوزراء البريطانية، وتطالب باستفتاء ثان على البقاء في الاتحاد، إضافة لاستفتاء الشعب على أي اتفاق يتم التوصل إليه قبل تطبيقه. كما كان لزعيم حزب الاستقلال السابق اليميني نايجل فراج النصيب الأبرز من النقد، وحمّله المتظاهرون مسؤولية الأزمة التي تمر بها البلاد.
نظرة للوراء
وقالت ليا المواطنة الفرنسية للجزيرة نت إنها تأمل أن يتم إلغاء البريكست، وإنها جاءت لممارسة الضغط على الحكومة البريطانية إذ ترى أن مستقبلها سيكون مهددا إذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وعبّر مسن بريطاني عن قلقه وإحباطه من قرار مغادرة الاتحاد، وقال إنه يعتقد بأن التصويت للخروج كان خاطئا، وإنه يشعر بعدم وجود أي فائدة منه، بل على العكس سيكون هناك ضرر بالغ وعلى مختلف القطاعات الحيوية، وصعوبة مثلا في التوظيف في القطاعات الحيوية كاستقطاب ممرضات للعمل في الصحة، إضافة للتعقيدات الأخرى.
وفي المسيرة السابقة لمناهضي البريكست في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بلغ عدد المشاركين 700 ألف، ليتجاوز العدد في مسيرة اليوم المليون بحسب المنظمين، مما يعني تضاعفا متسارعا في أعداد الرافضين لمغادرة الاتحاد.
وانضم عدد من النواب والسياسيين للمظاهرة كعمدة لندن صديق خان، وألقى النائب العمالي ديفد لامي كلمة جماهيرية طالب فيها بضرورة رحيل تيريزا ماي، ووصف كبار داعمي مغادرة الاتحاد من نواب حزب المحافظين بـ”الكذابين”.
مصير تيريزا ماي
وتأتي هذه المظاهرة في وقت كشفت فيه صحيفة تايمز البريطانية نقلا عن شخصيات بارزة في رئاسة الوزراء عن وضع جدول زمني لتنحي تيريزا ماي، كما كشفت الصحيفة أن أقرب حلفاء ماي باتوا على قناعة بضرورة استقالتها ومغادرتها منصب رئيس الوزراء.
الشاب جم قال للجزيرة نت إنه يعقد جازما بأن الخيار الذي اتخذ في 2016 كان خاطئا وأنه ينبغي عليهم العودة وإعادة التفكير في الأمر كله من البداية، حيث لا يبدو هناك اليوم خيار جيد أمام البريطانيين.
ورأى بعض المتظاهرين الذين تحدثت لهم الجزيرة نت، أن على رئيسة الوزراء الاستفادة من ضغط الشارع هذا لجهة الذهاب باتجاه إلغاء البريكست والبقاء في الاتحاد الأوروبي، وهو برأيهم أفضل خيار من شأنه المحافظة على مصالح واستقرار المملكة المتحدة.
وكان من المقرر أن تنسحب بريطانيا من الاتحاد يوم 29 مارس/آذار الجاري، إلا أن تصويتا بمجلس العموم أيّد تأجيل الخروج حتى تتوصل رئيسة الوزراء لاتفاق مع البرلمان على صيغة نهائية.
ووفقا لقرار المحكمة الأوروبية العليا، فإنه يحق للمملكة المتحدة طلب إلغاء العمل بالمادة 50 والبقاء في الاتحاد الأوروبي في أي وقت قبل موعد الخروج، وحسمت المحكمة الجدل في هذا الأمر بالتأكيد الذي نشره المحامي العام الأوروبي في ديسمبر/كانون الأول الماضي بأنه إذا قررت أي دولة عضو في الاتحاد وقف عملية الخروج فإنه يحق لها ذلك دون العودة للاتحاد.
الجزيرة