غزة – يواجه سكان غزة تصعيدا إسرائيليا خطيرا على خلفية إطلاق صاروخ من القطاع صباح الاثنين طال منزلا في شمال تل أبيب وأدى إلى سقوط 7 أشخاص بجروح متفاوتة.
وشنت إسرائيل منذ عصر أمس غارات مكثفة على القطاع استهدفت أساسا مواقع لكتائب عزالدين القسام الذراع العسكرية لحماس، التي سبق وأن نفت مسؤوليتها عن إطلاق الصاروخ. وهذه المرة الثانية التي يتم فيها استهداف مكان في قلب إسرائيل خلال أقل من شهر، ولم يتبنّ أي فصيل فلسطيني الهجوم الجديد.
وأعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض والذي تزامن مع انطلاقة القصف على غزة “إسرائيل تقوم حاليا بالرد بقوة”.
وقال نتنياهو “في الوقت الذي نتكلم فيه (…) تقوم إسرائيل بالرد بقوة على هذا العدوان المتعمد. لديّ رسالة بسيطة أوجهها إلى أعداء إسرائيل: سنقوم بما يلزم للدفاع عن شعبنا وعن دولتنا”. وتابع “إسرائيل لن تتسامح وأنا لن أتسامح مع ما حصل”.
من جهته صرح الرئيس الأميركي أن الولايات المتحدة “تعترف بالحق المطلق لإسرائيل بالدفاع عن نفسها”، فيما بدا ضوء أخضر لاستمرار عمليتها في القطاع المحاصر.
وأوضحت مصادر فلسطينية أن الغارات استهدفت مواقع لحماس وفصائل أخرى في مناطق متفرقة من قطاع غزة، ما خلف أضرارا مادية، ولكن لم يتضح ما إذا كانت الغارات قد تسببت في وقوع إصابات بشرية. وحذر في وقت سابق رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية إسرائيل من “تجاوز الخطوط الحمراء”. وقال في بيان “إن أي تجاوز للخطوط الحمراء من قبل الاحتلال، لن يستسلم له الشعب الفلسطيني، والمقاومة قادرة على ردعه”.
إعلان الرئيس الأميركي الجولان السوري أرضا إسرائيلية قد يخفف على نتنياهو ضغط شن عملية عسكرية واسعة في القطاع
ويأتي التصعيد في توقيت جد حساس حيث تزامن مع قرار ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت سوريا أو إيران من أوعزتا للفصائل بالقيام بإطلاق الصاروخ على تل ابيب والذي أشعل فتيل المواجهة مجددا.
وربط بعض المعلقين بين إطلاق الصاروخ واحتجاجات شهدتها شوارع غزة في الآونة الأخيرة على ارتفاع الأسعار، وهي مظاهرات قالت الأمم المتحدة إنها أدت إلى حملة اعتقالات وعنف من جانب حماس.
وكتب دان شابيرو، وهو سفير سابق للولايات المتحدة لدى إسرائيل، على تويتر “بعد الإخفاق في إسكات الاحتجاجات بقمع عنيف، اختارت حماس أسلوبا آخر. هل من طريقة أفضل لإلهاء شعبهم وتحويل غضبها بعيدا عن حماس ليعود إلى إسرائيل من خلال استفزاز الأخيرة للقيام برد قوي؟”.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الصاروخ أطلق من رفح في جنوب القطاع، أي إنه قطع أكثر من 100 كلم وهي المرة الأولى التي يبلغ فيها صاروخ من القطاع هذا المستوى، وأكدت صحيفة “يدعوت أحرنوت” أن الصاروخ كان نوعيا واتسم بقدرة تدميرية هائلة.
ودفع هذا التطور رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى اختصار زيارته التي بدأها الأحد إلى الولايات المتحدة والتي كانت من المقرر أن تدوم 4 أيام لحضور المؤتمر السنوي للجنة العامة الإسرائيلية الأميركية (أيباك) والعودة إلى إسرائيل بعد لقائه الرئيس الأميركي.
ويرى متابعون أن عملية إطلاق الصاروخ شكلت إحراجا كبيرا لنتنياهو أمام الرأي العام الإسرائيلي، ويبدو رئيس الوزراء الذي يتولى أيضا حقيبة الدفاع (بعد استقالة أفيغدور ليبرمان) في وضع صعب بين السير في عملية شاملة، قد تأتي بنتائج عكسية تؤثر على مشواره الانتخابي، أو القيام بشن ضربات جوية انتقائية، وهذا الأمر سيجعله محل انتقاد خصومه في السباق الانتخابي.
وسبق أن تجنب نتنياهو القيام برد عنيف على إطلاق صاروخين على تل أبيب في 14 مارس الجاري ولم يتسببا آنذاك في أي إصابات أو أضرار. وألقت إسرائيل باللوم حينها على حماس لكن مسؤولا أمنيا في إسرائيل قال في وقت لاحق إن الصاروخين أُطلقا بطريق الخطأ. واعتبر أبرز منافسي نتنياهو في الانتخابات رئيس تحالف “أزرق وأبيض” بيني غانتس “أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، جعل الإسرائيليين رهينة بيد حماس في موقف غير مسبوق ولا يمكن تصوره”.
وأضاف غانتس الذي سبق وأن قاد عملية الجرف الصامد في القطاع عام 2014 حينما كان رئيسا لهيئة الأركان الإسرائيلية “هذا إفلاس أمني منيت به إسرائيل أمام حماس، ويجب على نتنياهو مواجهة هذا التصعيد الخطير”.
ويرى مراقبون أن إعلان الرئيس الأميركي الجولان السوري المحتل أرضا إسرائيلية قد يخفف على نتنياهو ضغط شن عملية عسكرية واسعة في القطاع، مرجحين أن يقتصر الأمر على شن غارات جوية دون تخطي الخطوط الحمراء.
وكانت معلومات قد تحدثت عن مساع مصرية أممية لاحتواء التصعيد. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك مساء الاثنين إن الأمين العام أنطونيو جوتيريش “قلق للغاية” من التطورات الأخيرة في إسرائيل وقطاع غزة ويدعو الجانبين إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس.
العرب