تتزايد المعطيات التي تشير إلى استمرار تحرّك عناصر تنظيم “داعش” في مناطق الضفة الشرقية لنهر الفرات، وسُجّلت في الأيام القليلة الماضية، التي أعقبت إعلان القضاء على التنظيم هناك، عملياتٌ هجومية للتنظيم، ضد “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، التي فقدت عدداً من مقاتليها في هذه الهجمات. وإذا كانت كبرى الهجمات ضد “قسد”، منذ السبت 23 مارس/ آذار الحالي، وهو يوم تلاوة بيان “قسد” الذي أعلنت فيه القضاء على تنظيم “داعش”، قد وقعت في مدينة منبج شرقي حلب، بعيداً عن الرقة، وجنوب شرقي دير الزور، آخر معاقل التنظيم في شرقي الفرات، فإن آخر الهجمات المسجلة في هذا السياق، وقعت يوم الجمعة، بالقرب من قرية ذيبان، على بعد 68 كيلومتراً شمال الباغوز.
وأفادت مصادر محلية في المنطقة لـ”العربي الجديد”، أن “الهجوم الذي وقع يوم الجمعة، استهدف آلية عسكرية لقسد، عبر لغم أو عبوة ناسفة، وأودى بحياة عدد من القوات المستهدفة، فضلاً عن إصابة آخرين”، مضيفة أن “هجماتٍ أخرى مشابهة، وقعت في الأيام القليلة الماضية”.
وتبنى “داعش” عبر وكالته “أعماق” هذا الهجوم، مشيراً إلى أن “عناصر منه فجروا الآلية العسكرية لقسد، قريباً من جسر الميادين”، وهي البلدة المقابلة لقرية ذيبان، على الضفة الأُخرى لنهر الفرات. وفي السياق، ذكرت الوكالة، أن هجوم الذيبان أودى بحياة خمسة عناصر من قسد، وذكرت أن مسلّحي التنظيم نفذوا هجوماً آخر قرب بلدة الطيّانة الواقعة جنوبي ذيبان بحوالى أقل من 3 كيلومترات. كما تحدثت الوكالة عن هجماتٍ أخرى، إحداها بين قريتي الذيبان والحوايج، وهجومين آخرين، قرب حقلي الجفرة وكونيكو، بريف دير الزور الجنوبي الشرقي. وفيما لم تؤكد قوات “قسد” هذه الهجمات رسمياً، فإنها أعلنت في 26 مارس، مقتل سبعةٍ من عناصرها، في هجومٍ استهدف نقطة تفتيش لهم بمدينة منبج، شرقي مدينة حلب، على الضفة الغربية لنهر الفرات.
وبينما كان المتحدث باسم “مجلس منبج العسكري” التابع لـ”قسد” شرفان درويش، قد علّق على هجوم منبج لـ”رويترز”، بالقول إنه “ليس بإمكانه تحميل جهة معينة مسؤولية الهجوم”، إلا أنه اعتبر أن “هدف المهاجمين هو إثارة الفتنة لانزعاجهم من هزيمة داعش”، الذي تبنى في بيانٍ لاحق الهجوم، لافتاً إلى أنه “قُتل تسعة من عناصر قسد بأسلحة رشاشة”.
وبعيداً عن هجوم منبج، وبالعودة لحديث التنظيم نفسه عن هذه الهجمات التي شنّها ضد “قسد”، فإنها بحسب الخريطة، تركّزت شرقي نهر الفرات، إلى الجنوب الشرقي من مركز محافظة دير الزور، تحديداً في المناطق الممتدة بين جنوب قرية الشحيل وشمال قرية أبو حمام. ويبدو وكأن خلايا “داعش” المتوارية، تنشط في هذه المناطق أكثر من غيرها، في الوقت الذي لم تُسجّل فيه هجماتٌ في محيط هجين والشعفة والباغوز، وهي آخر المعاقل التي كان يسيطر عليها التنظيم.
”
خشية مقاتلي قسد من الهجمات المفاجئة لداعش تضعهم في حالة استنفار
”
وتدرك قوات “قسد” و”التحالف الدولي”، وجود خلايا نشطة للتنظيم، موزعة في قرى عديدة شرقي نهر الفرات، وتؤكد تركيز جهودها في ملاحقة هذه الخلايا، والقضاء عليها، خلال المرحلة المقبلة. وكان القائم بأعمال وزارة الدفاع الأميركية باتريك شاناهان، قد اعتبر يوم إعلان هزيمة “داعش” بالباغوز بمثابة “علامة فارقة في الحرب على داعش، إلا أننا ندرك أن عملنا بعيد عن الاكتمال”.
وفيما أنهت قوات “قسد” و”التحالف الدولية”، المرحلة الأصعب من الحرب على التنظيم، من خلال القضاء على معاقله الواضحة والواسعة شرقي الفرات، إلا أنها تواجه مخاطر العمليات الأمنية الخاطفة، التي يهدف من خلالها عناصر التنظيم، لإيقاع أكبر قدر من الخسائر ضد “قسد”. عملياتٌ اكتسب عناصر “داعش” خبرة فيها، مع معرفتهم بجغرافية المناطق التي بقيت خاضعة للتنظيم لنحو خمس سنوات، قبل بدء تقلّص نفوذه.
ويبدو أن خشية مقاتلي “قسد” من الهجمات المفاجئة لـ”داعش”، تضعهم في حالة استنفار، ضمن المناطق الواسعة التي تخضع لهم في شرقي الفرات. في موازاة ذلك، قال ناشطون في دير الزور لـ”العربي الجديد” أمس السبت، إن “عناصر من قسد، قتلوا مدنياً يدعى سامر حسين العلي يوم الجمعة، بعدما أطلقوا عليه النار، أثناء عمله في تهريب محروقاتٍ نحو المناطق القريبة، الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري”. وذكرت المصادر أن “الحادثة وقعت في قرية الجنينة شمال بلدة الحسينية شرق الفرات، وأن العناصر أطلقوا النار، بعد محاولتهم إيقاف الشخص المقتول”.
العربي الجديد