من مخاض ثوري صعب، وُلدت حركة شباب 6 أبريل “يافعة” لتطفئ اليوم السبت شمعتها الـ11 بشيخوخة إجبارية تبحث عن أكسير يعيدها من جديد.
ففي مثل هذا اليوم 6 أبريل/نيسان 2008 خرجت الحركة من رحم الحراك العمالي الذي هزّ نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك بمدينة المحلة (شمال)، مبشرًا بثورة الملايين يوم 25 يناير/كانون الثاني 2011.
بين الصعود والهبوط، تباينت أسهم الحركة في بورصة السياسة والثورة، قبل أن تنزوي كليًا في السنوات الأخيرة خلف قضبان السجون واتهامات السلطة لها بالإرهاب والعمالة للخارج، وانقسامات وخلافات داخلية وأخرى مع شركاء الميدان.
الحركة التي تميزت بالمرونة التنظيمية الشبكية غير الهرمية، تم تحييدها بعد قرار قضائي بحظر نشاطها، بالتزامن مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم صيف 2014.
ومن مؤشرات التضييق الأمني الذي تتعرض له الحركة، أن قادتها تواروا بصورة ملحوظة عن الإدلاء بتصريحات صحفية بدعوى “المراقبة الشرطية” والملاحقات الأمنية.
البداية.. حراك عمالي
ولدت حركة 6 أبريل من رحم الحراك العمالي الذي شهدته مدينة المحلة الكبرى ربيع 2008، احتجاجًا على التضخم المتصاعد، لتتحوّل لاحقًا إلى حركة احتجاج أوسع.
وضمن مساعٍ لتحريك مياه السياسة الراكدة آنذاك، أطلق شباب الحركة عبر فيسبوك دعوة للإضراب العام اختاروا لها يوم 6 أبريل/نيسان 2008، تزامنًا مع إعلان عمال المحلة الكبرى إضرابهم في اليوم ذاته، وذلك بهدف تعميم الفكرة على مستوى مصر.
ووقتها نجحت الدعوة في هز القبضة الأمنية للنظام المصري معنويًّا، في واقعة نادرة بشّرت بإسقاطه يوم 25 يناير/كانون الثاني 2011.
ليتخذ مؤسسو الحركة من ذلك اليوم (6 أبريل) اسما لها، ومزجت الحركة في تكوينها الأول بين مستقلين وآخرين ينتمون لتيارات سياسية متباينة من بينهم اليساري والإسلامي والليبرالي.
ومع تسارع وتيرة الأحداث، إثر مقتل الشاب خالد سعيد بمحافظة الإسكندرية على يد قوات الأمن صيف 2010 بدعوى تعاطي المخدرات، علا صيت الحركة إذ نظمت فعاليات احتجاجية خلال الأشهر السابقة للثورة.
كما كانت من متصدري المشهد الثوري، مع تنحي مبارك عن الحكم يوم 11 فبراير/شباط 2011، لتبدأ جولة جديدة من معارضة المجلس العسكري، الذي أدار شؤون البلاد خلفًا لمبارك بشعار “يسقط حكم العسكر”.
ففي يوليو/تموز 2011 وقع أول صدام فعلي بين الحركة والمجلس العسكري حين اتهمها الأخير في بيان بشكل مباشر بـ”العمل لصالح أجندات خارجية”، وهو ما رفضته الحركة.
مرحلة الانقسامات
منذ تأسيسها، شهدت 6 أبريل انسحابات متتالية من مؤسسين وأعضاء إثر خلافات داخلية ارتبطت في مجملها بعملية صناعة القرار في الحركة.
أما الانقسام الأكبر فكان في أبريل/نيسان 2011 بإعلان 500 من الأعضاء تشكيل جبهة مناوئة للمنسق أحمد ماهر تحت مسمى “6 أبريل الجبهة الديمقراطية”، إثر تمسكه بموقعه منسقًا للحركة دون تداول للقيادة، وفق تقارير.
ودفعت جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية 2012، التي فاز بها الرئيس الأسبق محمد مرسي، إلى مزيد من الانقسامات داخل الحركة، بعد إعلان جبهة ماهر تأييد مرشح الإخوان باعتباره ممثلاً للثورة أمام أحمد شفيق الذي كان يعد أحد أقطاب النظام القديم.
دفع ذلك القرار مجموعة من جبهة ماهر إلى إعلانها الانشقاق عن الحركة ومقاطعة الانتخابات على غرار الجبهة الديمقراطية.
ولم يستمر دعم جبهة ماهر لمرسي إلا في أسابيعه الأولى في الحكم، قبل أن يقع الخلاف الأكبر بين الإخوان والحركة إثر التعديلات الدستورية التي أعلنها مرسي أواخر 2012، وأدت لاحقًا لما يعرف بـ”أحداث الاتحادية” (شرقي القاهرة).
وفي الأشهر الأخيرة من حكم مرسي، دعمت الحركة بجبهتيها دعوات الخروج عليه يوم 30 يونيو/حزيران 2013، والتي مهّدت للانقلاب العسكري حين كان السيسي وزيرًا للدفاع.
ورغم دعمها “خريطة الطريق” التي أعلنها السيسي يوم الانقلاب، فإن الحركة أعلنت تنديدها بقتل المتظاهرين المعارضين لتعلن نهاية 2013 رفضها للخريطة والدعوة للتظاهر في ذكرى الثورة في يناير/كانون الثاني 2014.
كما رفضت الحركة قانون التظاهر الصادر أواخر 2013، وهو القانون الذي دفع بمنسقها أحمد ماهر إلى السجن ثلاث سنوات والمراقبة الشرطية لمدة مماثلة إثر إدانته بالتظاهر دون ترخيص.
ومع اشتداد الضربات الأمنية لكافة قوى المعارضة، صدر حكم قضائي في أبريل/نيسان 2014 باعتبار 6 أبريل “جماعة محظورة”، بجانب مصادرة مقراتها وممتلكاتها بدعوى “العمل لصالح جهات أجنبية وتهديد السلم والأمن العام”.
واختزلت الحركة نشاطها إثر القبضة الأمنية الحالية في منشورات على صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، لتعبر من خلالها عن مواقفها.
أيقونة الحراك السياسي
مستشهدًا بدور الحركة في تحريك مياه التغيير الراكدة قبل الثورة، قال ووكيل لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس الشورى السابق ثروت نافع إن “حركة 6 أبريل ستظل أيقونة فارقة في إحياء الحراك السياسي السابق للثورة لتفاعلها مع الشارع قبل النخب”.
ودعا نافع في حديث للجزيرة نت الحركة إلى عدم الاستسلام لما فُرض عليها، وأن تعيد تنظيم أولوياتها وأن تستعيد قوتها في إيصال رسائل سياسية للشارع حتى في أصعب الظروف القمعية كما هي الحال الآن، وفق قوله.
وأشار إلى أن “التعديلات الدستورية الأخيرة قد تكون فرصة للحركة كي تبدأ هذا الحراك والتفاعل السياسي السلمي ولو بحشد الناس للتصويت ضد فكرة تأليه الحاكم وأبديته، وتذكيرهم بأن السلبية والاستسلام تصنع الفرعون”.
المصدر : الجزيرة