صعّدت الإدارة الأميركية من موقفها المتشدد حيال إيران وأجنداتها التخريبية بتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، ما من شأنه تقليم أظافر الميليشيات في المنطقة والتي تعتمد جلها على الدعم المالي واللوجستي الذي توفره المؤسسة الأكبر نفوذا في إيران. وتسعى واشنطن من خلال هذه الخطوة غير المسبوقة إلى تجفيف منابع الحوثيين وحزب الله وعزلهم عن حاضنتهم في طهران في إطار استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب.
واشنطن – صنّف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين، الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية أجنبية، لتكون تلك المرة الأولى التي تصنف فيها واشنطن رسميا قوة عسكرية في بلد آخر جماعة إرهابية، فيما ردت إيران بالمثل وصنفت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، الإدارة المسؤولة عن منطقة الشرق الأوسط ومصر، على لائحة التنظيمات الإرهابية، ما يعني بحسب محللين أن طهران تلوح باستهداف القواعد الأميركية في المنطقة من خلال هذا الإجراء.
وقلل متابعون من جدية التهديد الإيراني، إذ أنها تهدد بما لا تملك، إذ يحاول النظام الإيراني امتصاص الصدمة لا غير وهو أكثر العارفين بأن أي مجازفة لاستهداف القوات الأميركية ستكون عنوان سقوطه.
وقال ترامب في بيان “الحرس الثوري هو أداة الحكومة الرئيسية لتوجيه وتنفيذ حملتها الإرهابية العالمية”، مضيفا أن “التصنيف يوضح بجلاء مخاطر الدخول في معاملات مالية مع الحرس الثوري أو تقديم الدعم له، إذا تعاملت ماليا مع الحرس الثوري فإنك بذلك تمول الإرهاب”.
ويأتي الإعلان قبل قليل من مرور عام على قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى ومعاودته فرض عقوبات أصابت الاقتصاد الإيراني بالشلل.
والحرس الثوري مسؤول عن برامج إيران النووية والمتعلقة بالصواريخ الباليستية، حيث تحذر طهران من أن لديها صواريخ يصل مداها إلى ألفي كيلومتر، مما يجعل القواعد العسكرية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط في نطاق تلك الصواريخ.
وتأسس الحرس الثوري عام 1979 لحماية النظام الديني الحاكم، وهو أقوى منظمة أمنية إيرانية ويسيطر على قطاعات كبيرة من اقتصاد الجمهورية الإسلامية ولديه تأثير هائل على نظامها السياسي.
وأدرجت الولايات المتحدة بالفعل عشرات الكيانات والأشخاص على قوائم سوداء لانتمائهم إلى الحرس الثوري، لكنها لم تدرج القوة بأكملها على تلك القوائم.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية أدرجت عام 2007 قوة القدس التابعة للحرس الثوري والمكلفة بعملياته الخارجية على قوائمها السوداء “بسبب دعمها للإرهاب” وتصفها بأنها “ذراع إيران الأساسية لتنفيذ سياستها لدعم الجماعات الإرهابية والمسلحة”.
ويهدف هذا الإجراء إلى منع تقديم أي مساعدة مالية للحرس الثوري الإيراني، حيث يحظر القانون الأميركي على مواطني الولايات المتحدة وشركاتها دعم المنظمات التي تعتبرها واشنطن إرهابية، سواء بالمال أو السلاح أو التدريب.
ولن يسمح لأعضاء الحرس الثوري الإيراني بموجب هذا التصنيف دخول الولايات المتحدة، ومن الممكن أن يطردوا منها.
وكان رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) حشمت الله فلاحت بيشة، قد صرح في تغريدة على موقع تويتر إنه “في حال إدراج الحرس الثوري في القائمة الأميركية للمجموعات الإرهابية، فإننا سندرج العسكريين الأميركيين ضمن قائمة الإرهاب”.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن إدراج الحرس الثوري على لائحة الإرهاب، سوف “يُدخل واشنطن في مستنقع”، وأضاف أن مثل هذه الخطوة ستكون كارثية.
وتعتبر وحدات الحرس الثوري الإيراني وفقا للدستور قوات النخبة داخل الجيش الإيراني، وهي منذ أكثر من ثلاثة عقود أهم بكثير من الجيش التقليدي الإيراني، وتخضع مباشرة للمرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، الذي يمتلك الكلمة الأخيرة في جميع الشؤون ذات الأهمية الاستراتيجية.
وتحمي هذه القوات جميع الحدود الإيرانية والمنشآت النووية والقواعد العسكرية، كما أن للحرس الثوري الإيراني نفوذا سياسيا واقتصاديا كبيرا في إيران. ورغم أن قوات الحرس الثوري قريبة من المتشددين الإيرانيين إلا أنها تحظى أيضا، كضامن لأمن البلاد، بتقدير القوى الإصلاحية بقيادة الرئيس الإيراني حسن روحاني.
وضغط وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وهو منتقد شديد لإيران، من أجل تغيير السياسة الأميركية في إطار موقف إدارة ترامب المتشدد تجاه طهران. وقال في مؤتمر صحافي إن التصنيف سيدخل حيز التنفيذ خلال أسبوع.
واعتبر بومبيو التحرك الجديد تجاه إيران “خطوة تاريخية، تبعث رسالة للحرس الثوري وقاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس”. وأضاف أن “الحرس الثوري انخرط في الإرهاب على مدى السنوات الماضية، ويقوم بتحويل أرباح نظام طهران إلى المنظمات الإرهابية”.
وتابع “الحرس الثوري يحتل مكانه اليوم إلى جانب المنظمات الإرهابية الأخرى مثل حزب الله، والجهاد الإسلامي، وحماس”.
ولفت المبعوث الأميركي الخاص لملف إيران، براين هواك إلى سيطرة الحرس الثوري على نصف اقتصاد طهران، محملا إيران مسؤولية مقتل جنود أميركيين. وقال هواك “أكثر من 600 جندي أميركي قتلوا في العراق بسبب العبوات الناسفة الإيرانية”.
العرب