العبادي والمالكي يعدّان لمعركة مشتركة لاستعادة مكانتهما

العبادي والمالكي يعدّان لمعركة مشتركة لاستعادة مكانتهما

إعادة توحيد حزب الدعوة الإسلامية، أحد أكبر الأحزاب الشيعية في العراق، تمثّل مصلحة لكبار قادة الحزب حفاظا على مكانتهم وسعيا لتأمين أدوار سياسية مستقبلية لهم، كما تمثّل مصلحة لإيران في الحفاظ على هذا الكيان الكبير الذي يمثّل إحدى ركائز نفوذها في العراق، ومن أعمدة نظام الحكم القائم هناك والذي تعتمد عليه في تأمين ذلك النفوذ.

بغداد – يقلّب رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي خياراته لإعادة التموضع في الساحة السياسية العراقية والحفاظ على حظوظه في العودة إلى السلطة التي غادرها قسرا بعد انتخابات شهر مايو من العام الماضي لمصلحة خلفه عادل عبدالمهدي، رغم اقتناعه التام بالأحقية في ولاية ثانية على رأس الحكومة استنادا إلى ما يراه منجزا كبيرا حقّقه من خلال قيادة الحرب على تنظيم داعش والتي انتهت بهزيمته واستعادة مختلف المناطق العراقية التي كان قد احتلّها.

وأرجعت مصادر عراقية لقاء جمع مؤخّرا بين العبادي وسلفه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي إلى مساع لإعادة توحيد حزب الدعوة الذي يقوده المالكي، بينما أصبح العبادي يشكّل داخله جناحا منشقّا عنه، دون أن يعلن ذلك رسميا.

وشرحت ذات المصادر أنّ تلك المساعي جاءت مدفوعة من جهة برغبة حيدر العبادي في إيجاد منصّة أقوى للدفاع عن مكانته، خصوصا وقد بات يشعر بالتهميش والاستهداف من قبل رئيس الوزراء الحالي عادل عبدالمهدي الذي أظهر رغبة في طمس آثاره ومحو إنجازاته بحسب ما يقول مقرّبون من العبادي، ومن جهة ثانية برغبة لدى المالكي، ومن ورائه طهران، في إعادة حزب الدعوة الإسلامية إلى سالف مكانته باعتباره من أقدر الكيانات السياسية العراقية على تأمين مصالح إيران في العراق.

ولدى المالكي مصلحة كبرى في البقاء على رأس حزب موحّد وقوي، على الأقل للحفاظ على مكانته وضمان الحصانة ضدّ محاسبته على استشراء الفساد في البلاد طيلة ولايتيه على رأس الحكومة، ونهب المال العام وإسقاط ما يقارب ثلث مساحة العراق بيد تنظيم داعش وما نتج عن ذلك من كوارث ستستمر نتائجها لعقود من الزمن.

ولم يجن حيدر العبادي شيئا يذكر من انفصاله عن “رئيسه” في الحزب نوري المالكي وخوضه الانتخابات الماضية ضمن كتلة مستقلة أطلق عليها تحالف النصر، كما لم يفده قربه من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في الدفاع عن منصبه، بل حتى في الوصول إلى منصب وزير الخارجية الذي تقول المصادر إنّه سعى للحصول عليه بعد أن استُبعد من رئاسة الوزراء.

حزب الدعوة معطل منذ مرحلة التمهيد للانتخابات النيابية عندما فشلت محاولات تشكيل قائمة موحدة تضم المالكي والعبادي

وقال علي السنيد القيادي في ائتلاف الإصلاح بقيادة العبادي إنّ خروج الائتلاف من تحالف الإصلاح الذي يهيمن عليه التيار الصدري أمر وارد.

ومن جهته أرجع عبدالحليم الزهيري القيادي في حزب الدعوة الإسلامية موضوع اللقاء الأخير بين المالكي والعبادي إلى “شؤون حزبية”، في تلميح لجهود إعادة توحيد الحزب.

وبين الزهيري أنّ الاجتماع ناقش قضية عقد المؤتمر العام لحزب الدعوة مرجحا عقد المؤتمر بعد شهر رمضان القادم. وتقول مصادر مطلعة إن العبادي لا يزال مترددا في حسم موقفه من الاستمرار في حزب الدعوة بالرغم من أنه يرأس مكتبه السياسي.

وتضيف أن الحزب معطل بشكل عملي منذ مرحلة التمهيد للانتخابات النيابية في مايو الماضي عندما فشلت محاولات تشكيل قائمة موحدة تضم المالكي والعبادي.

ويخشى العبادي أن يتعرض للمزيد من الخسائر السياسية والشعبية في حال غادر الحزب الآن، لكنه يخشى المضي بلا غطاء سياسي، في ظل الغموض الذي يحيط بمستقبل معظم الأحزاب والكيانات السياسية.

لذلك، ووفقا للمصادر، يحافظ العبادي على صلة بالحزب، من دون أن ينخرط في شؤونه بشكل واضح حتى ينضج مشروعه السياسي الخاص الذي يعتقد أنه سيعيده إلى الواجهة.

ولا يفتأ العبادي يذكّر بوجوده في الساحة العراقية مشدّدا على لعب دور مستقبلي فيها. وقال خلال كلمته في تجمع عشائري أشرف عليه، السبت، في محافظة النجف “سنخدم وطننا من أي موقع كان ولن نسمح للتضحيات أن تذهب سدى”. وذكّر بإنجازه في قيادة الانتصار العسكري على داعش قائلا “ما تحقق أذهل العالم وهذا الانتصار لم يأت بالمجان إنما بتضحيات كبيرة ولا يجوز التفريط به”.

ويقول مقربون من العبادي إنه يعد لمشروع سياسي ربما يختبره خلال الانتخابات المحلية التي لا تزال الخلافات قائمة بشأن موعدها المحدد، مع تلاشي آمال إجرائها نهاية العام.

ويبدو أن برغماتية العبادي في التعاطي مع حزب الدعوة، تغيض أمينه العام نوري المالكي، الذي لا يرى مانعا في العمل مجددا مع رئيس الوزراء السابق، بشرط القبول بدور الرجل الثاني في الحزب.

وتؤكد مصادر “العرب” أن قيادات بارزة في حزب الدعوة، على غرار عبدالحليم الزهري بذلت مساعي كبيرة خلال الشهرين الماضيين لتقريب وجهات النظر بشأن عقد مؤتمر عام لإعادة هيكلة الحزب. لكن المساعي لم تسفر عن نتائج إيجابية. ويعتقد كثيرون أن إيران سترحب بأي عملية لهيكلة حزب الدعوة، بشرط أن تحافظ على وضع المالكي أمينا عاما له.

وغدا من الشائع داخل الوسط السياسي العراقي أن يشار بصريح العبارة إلى إيران وكبار حلفائها المحلّيين من قادة أحزاب وميليشيات شيعية بالأساس، لدى الحديث عن إخراج العبادي من السلطة وتهميش دوره السياسي على اعتباره لم يكن موضع ثقة طهران ومتّهما من قبلها بموالاة واشنطن.

وتداولت الأوساط العراقية خلال الفترة الماضية إمكانية إعلان العبادي انفصاله رسميا عن حزب الدعوة والمبادرة إلى تأسيس حزب جديد بقيادته مستندا إلى قدر من الشعبية استطاع أن يحصل عليه خلال سنوات حكمه.

وتقول المصادر إن انشقاق العبادي عن الدعوة الإسلامية لن يكون من دون نتائج على الحزب الذي خسر السلطة لأول مرّة منذ 2005، وهو ما دفع كبار “الدعاة” ومن بينهم عبدالحليم الزهيري وأبوجعفر الركابي إلى قيادة جهود لإعادة توحيد الحزب ومنع تفكّكه على غرار المجلس الأعلى الإسلامي الذي خرج عنه عمار الحكيم وأسس تياره الخاص تحت مسمّى “تيار الحكمة”.

العرب