أظهرت بيانات نشرها مكتب الإحصاء التابع للاتحاد الأوروبي، “يوروستات”، اليوم السبت، أن التبادل التجاري بين إيران والأعضاء الـ28 للاتحاد قد تراجع بشكل حاد مع بداية عام 2019 على خلفية العقوبات الأميركية المفروضة على إيران بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي.
وأشارت البيانات التي نشرها “يوروستات” على موقعه الإلكتروني، إلى أن حجم التبادل التجاري بين الجانبين قد تراجع إلى الخمس في الشهرين الأولين من عام 2019، إذ وصل إلى 756 مليون يورو، بعدما كان 3.72 مليارات يورو في الفترة ذاتها من عام 2018.
وأكد التقرير أن الصادرات الأوروبية إلى إيران خلال يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط 2019 وصلت إلى النصف، لتسجل 620 مليون يورو، قياسا مع الفترة نفسها من عام 2018 حينما كانت 1.563 مليار يورو.
كما أن واردات أوروبا من إيران تراجعت إلى 136 مليون يورو بعدما كانت 2.157 مليار يورو في يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط 2018.
وكانت ألمانيا الوجهة الأولى للصادرات الإيرانية خلال الشهرين الأولين من العام 2019، حيث بلغت قيمتها 37 مليون يورو. كما أنها كانت أكبر مصدّر إلى إيران بين الدول الأوروبية، وصل حجم صادراتها إلى 222 مليون يورو.
وفي تعليق على الإحصائيات التي نشرها “يوروستات”، أكدت وكالة “تسنيم” الإيرانية أنها تظهر “فشل الاتحاد الأوروبي في تنفيذ وعوده للدفاع عن منافع إيران في إطار الاتفاق النووي”، موضحة أن الدول الأوروبية قد صفرت وارداتها من النفط الإيراني خلال الشهرين الأولين من عام 2019 “عملا بالحظر الأميركي على نفط إيران”.
على صعيد متصل، رأى رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، في مقابلة مع “نادي المراسلين الشباب”، اليوم السبت، أن بلاده “قد بالغت في الاعتماد على قدرة أوروبا، فهم (الأوروبيون) ضعفاء في حماية آليات مثل الاتفاق النووي”.
وأضاف أن “أوروبا كانت بديلاً لإيران بعد الثورة وانقطاع علاقاتها مع أميركا، لكن تبين أن الأوروبيين لا يملكون القدرة على الإبقاء على الاتفاق النووي من دون أميركا”.
وأكد حشمت الله فلاحت بيشه أن الآلية الأوروبية لدعم التجارة مع إيران (إنستكس)، والتي أسستها الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) في يناير/ كانون الثاني الماضي، “دليل على التخبط الأوروبي”، موضحاً أن “الأوروبيين ينتظرون عودة العلاقات بين إيران وأميركا لكي يكون لهم موقع”.
ولفت إلى وجود خلافات بين إيران وأوروبا حول طبيعة عمل هذه الآلية المالية، قائلاً إن “أوروبا تعتبر إنستكس أداة مؤقتة لتجاوز تطرف (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب، لذلك هي آلية لحماية أوروبا وليس الاتفاق النووي، الأمر الذي لا يقنع الجمهورية الإسلامية”.
وقال فلاحت بيشه إن “إنستكس كانت لها نتيجة ضئيلة، والجمهورية الإسلامية لا تراهن عليها إستراتيجياً”، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن الآلية “كانت لها آثار سياسية مهمة دولياً، في كونها أظهرت أن العالم يريد العلاقة مع إيران، ما يعني أن ترامب (الرئيس الأميركي) معزول”.
وأشار إلى وجود آليات مشابهة تتبعها إيران لمواصلة التجارة مع تركيا والعراق والهند وروسيا والصين، معتبراً أنها “ستحقق منافع ثنائية وتغطي أكبر قدر من التعاملات”، وأن نجاح هذه الآليات “يتوقف على تغلب الدول على ضعفها السياسي والاقتصادي والاعتماد على ذاتها”.
وفي وقت سابق من إبريل/ نيسان الحالي، انتقد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الأوروبيين، قائلاً “إنهم متأخرون جداً في تنفيذ تعهداتهم تجاه إيران”.
وقال ظريف إن إيران “أسست الشركة الشريكة لإنستكس (الآلية الأوروبية لدعم التجارة مع إيران)، بالتالي لا يوجد ما يتذرع به الأوروبيون لعدم تنفيذ التزاماتهم والبدء بالعمل وفقها”.
وأضاف ظريف أن الآلية الأوروبية “هي خطوة أولية للأوروبيين، وهم قدموا لنا في أيار الماضي تعهدات بعد خروج أميركا من الاتفاق النووي”، مؤكداً أن “على الأوروبيين بذل الجهود لتنفيذ التزاماتهم، فهم متأخرون جداً، ولا ينبغي أن يتصوروا أن إيران ستنتظرهم”.
واشتكت طهران خلال الشهور العشرة الماضية من التأخير الأوروبي في تنفيذ تعهداته ووعوده للحفاظ على الاتفاق النووي، وسط تهديدات بين فينة وأخرى بالانسحاب منه إن لم تترجم أوروبا أقوالها في هذا الصدد إلى إجراءات وأعمال تساعد الحكومة الإيرانية في الالتفاف على العقوبات الأميركية.
كما أن تشاؤم طهران من الآلية الأوروبية لدعم التجارة معها، يؤكد أن زيارة مدير القناة المالية الأوروبية “إنستكس” الألماني بير فيشر إلى طهران خلال الشهر الماضي، ولقاءاته مع السلطات الإيرانية المعنية، لم تحقق نتائج مرضية للجانب الإيراني.
العربي الجديد