البازارات الشعبية بتركيا.. فرصة التسوّق بأقل الأسعار

البازارات الشعبية بتركيا.. فرصة التسوّق بأقل الأسعار

تقود السيدة التركية عائشة (49 عاما) عربة التسوق وتجول بسهولة في بازار أتاتورك الكبير في منطقة “باهشه شهير” في الجانب الأوروبي من إسطنبول، حيث بإمكانها أن تحصل على كل ما يلزمها من الخضروات والفواكه لأسبوع كامل وبأسعار أقل بكثير من تلك التي تحددها مراكز التسوق الأخرى في المدينة.

وبينما كانت عائشة تواصل حديثها مع بائع فاكهة الفراولة وتشدد على أن يختار لها الحبات الأصغر حجما، قالت للجزيرة نت إن هذه الأيام هي موسم فاكهة الفراولة، وإنها تأتي إلى البازار طازجة أكثر من الأماكن الأخرى، وسعرها أيضا مناسب، وأضافت “لا يمر أسبوع دون أن أزور هذا المكان لقد أصبحت عادة لازمة وضرورية”.

وفي كل منطقة من إسطنبول، تخصص سلطات البلدية الحكومية أياما محددة ومعروفة لإقامة تلك البازارات الشعبية على امتداد أيام الأسبوع وفي معظم الأحيان تكون في أيام الإجازة الرسمية -السبت والأحد-، وبذلك تصبح تلك الأماكن مكتظة بالمواطنين الذين يجدون فيها فرصة للتسوق بأسعار أقل حيث يتم تخصيص خيام كبيرة لتلك البازارات في بعض الأحياء السكنية أو بمناطق مغلقة.

مميزات كثيرة
ولعل أبرز ما يميز هذه البازارات الشعبية إضافة إلى الأسعار المنخفضة هو احتواؤها على كل ما قد يحتاجه المتسوق، فإلى جانب الخضروات والفواكه الطازجة، تعرض البازارات مختلف المكسرات والأجبان بأنواعها وكذلك الأسماك والحبوب والكثير من الأشياء التي قد لا يجدها المواطنون حتى في أماكن التسوق المعتادة.

وتخصص تلك البازارات أيضا أقساما لعرض وبيع الملبوسات والأقمشة والسجاد والأدوات المنزلية، وفي بعض البازارات الكبيرة تعرض أيضا مواد الأثاث المنزلي وغيرها من الأشياء التي توفر على المتسوق التنقل إلى أماكن متباعدة، كما يوجد بالقرب من كل بازار شعبي أيضا خدمات ومرافق عامة كالمقاهي والمطاعم.

وهناك أكثر من 350 بازارا شعبيا في إسطنبول وحدها وفقا لإحصائيات البلدية، ويفتح كل واحد منها أبوابه ليوم واحد أو يومين أمام المواطنين، وهناك أكثر من 240 بازارا في مناطق وأحياء الجانب الأوروبي من المدينة، في حين يوجد قرابة 115 بازارا في الجانب الآسيوي، ويطلق الأتراك على كل بازار اسم يوم من أيام الأسبوع وهي التي يكون متاحا لهم خلالها.

ولعل أبرز البازارات الشعبية الشهيرة والرخيصة في إسطنبول هو بازار الفاتح الذي يطلق عليه أحيانا “سوق الأربعاء”، ويشهد السوق في هذا اليوم وغيره من الأيام الأخرى إقبالا كبيرا من الناس وتحديدا قبل شهر رمضان، وفي مقدمتهم المقيمون العرب والسوريون الذين صارت لهم محال خاصة في المنطقة يعرضون فيها كل ما يحتاجه العرب.

ومن بين المميزات التي توفرها سلطات البلدية للمواطنين إضافة إلى إشرافها على تلك الأسواق، هو توفير وسائل النقل الجماعي لكل المواطنين الراغبين في الانتقال إليها من داخل الأحياء، وأحيانا توفر تلك البازارات بعض الأشياء البسيطة لمرتاديها مثل المثلجات والمشروبات المجانية وتحديدا خلال فصل الصيف.

نشاط اقتصادي
ويرى باحثون في الاقتصاد تحدثت معهم الجزيرة نت أن هذه البازارات تسهم في تحريك عجلة الاقتصاد التركي والمتمثل في انتعاش التجارة الداخلية ومساعدة الفلاحين والمزارعين في عرض وبيع منتجاهم، كما أنها تعد فرصة لعرض المهنيين والحرفين لمصنوعاتهم، والأهم من ذلك أنها تكسر احتكار التجار للأسعار، وتخلق فرص عمل للآلاف من الناس.

وبحسب الباحث في الاقتصاد التركي نزار حرباوي فإن هذه الأسواق الشعبية تمثل فرص عمل حقيقية لعشرات الآلاف من الشباب التركي والمتقاعدين وربات البيوت والذين يعملون من أجل ربح قوت يومهم وتجعلهم يشعرون بأنهم منتجون في بيئتهم، وتلك أمور مهمة في تأسيس الترابط والاستقرار الاجتماعي والتفاعل بين الفرد والاقتصاد العام.

وتعد هذه البازارات الأسبوعية المتنقلة من حي إلى آخر من أجمل مظاهر الاقتصاد الاجتماعي بتركيا، لا سيما تلك الأسواق الكبيرة والتي تحوي كل ما تحتاجه الأسرة بأسعار قد لا تجدها في الأماكن العامة ومناطق التسوق الاعتيادية.

ويؤكد حرباوي أن هذه الأسواق تتيح لكبار السن وأهالي الحي التفاعل فيما بينهم بشكل مستمر من خلال لقاء أسبوعي يجمعهم في مجال تأمين احتياجاتهم الدورية، ومراقبة العروض وتنوع وثراء المنتجات التي تقدم إليهم بأسعار تناسب جميع فئات المجتمع، وبالتالي تمكنهم من تأمين متطلبات منازلهم بالقدر الذي يستطيعون توفيره من أموال، وهو الأمر الذي يساعد على تحقيق الاستقرار داخل الأسرة والمجتمع.

الجزيرة