بغداد تستثمر الحاجة الأوروبية للتخلص من إرث داعش

بغداد تستثمر الحاجة الأوروبية للتخلص من إرث داعش

برلين – تجد الحكومة العراقية في محاربة تنظيم داعش ومعالجة الإرث الثقيل الذي خلّفه، من مقاتلين أجانب ترفض حكومات بلدانهم الأصلية استعادتهم، ومن عوائل يصعب التعامل معها قانونيا واجتماعيا، ورقة لجلب دعم أوروبي هي في أمسّ الحاجة إليه لإطلاق عملية إعادة الإعمار الصعبة والمكلفة، ولتنشيط الاقتصاد العراقي المرهق، ولتحسين الأوضاع الاجتماعية ولتوفير الخدمات الأساسية تجنّبا لغضب الشارع المتحفّز للتظاهر والاحتجاج.

وخلال زيارة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي الأخيرة لألمانيا برز ملف محاربة داعش وتصفية تركته الثقيلة كدافع قوي للتعاون بين بغداد وبرلين سياسيا وأمنيا واقتصاديا.

وبدا ذلك واضحا في الخطاب السياسي لعبدالمهدي الذي اعتبر أنّه يتعين على العالم دعم بلاده “بعد ما قدمته من تضحيات من أجل جعل العالم أكثر سلاما”.

وفي مقابلة أجرتها وكالة الأنباء الألمانية معه قال عبدالمهدي إنّ “العراق قدّم تضحيات كبيرة لمحاربة داعش، وخسر الملايين من أبنائه من نساء ورجال وأطفال من كافة الانتماءات”، معربا عن اعتقاده بأن “العراق بإلحاقه الهزيمة بداعش ساعد العالم، وساعد أوروبا بالذات، في التقليل من الهجرة وفي جعل العالم أكثر سلاما عما كان عليه في الأعوام الماضية”، مضيفا “العراق يجب أن يُدعم وأن يتم التعامل معه بشكل مختلف، وليس أن تُرمى عليه المشاكل”.

وعما إذا كان هناك تعاون بين العراق ودول أخرى تريد استعادة مواطنيها الذي قاتلوا ضمن صفوف داعش في سوريا، قال عبدالمهدي “أحيانا يُطلب من العراق المساعدة في نقل مواطني الجنسيات الأخرى ممن قاتلوا في سوريا. وفي هذا الشأن يتم دراسة كل حالة على حدة. ونبحث ماذا يريدون وماذا نريد نحن، وهل ساهم المطلوبون في أعمال ضد العراق، وهل قاموا بعمليات مسلحة مباشرة أو غير مباشرة، وهل هم مطلوبون للقضاء العراقي أم لا”.

وحول ما إذا كانت ألمانيا طلبت مساعدة من العراق بهذا الخصوص، في ظل رفض الحكومة الألمانية التعامل مع المجموعات الكردية في سوريا لكونها ليست جهة رسمية، قال عبدالمهدي “على حدّ علمي، وأنا رئيس الوزراء، لم أتلق طلبا من ألمانيا. هناك طلب من آخرين: من الولايات المتحدة ومن فرنسا. لكن إلى حد الآن لم أتلق طلبا رسميا من ألمانيا في ما يخص مقاتلين ألمانا داعشيين موجودين في سوريا”.

وفي ما يتعلق بعوائل داعش الموجودين حاليا داخل الأراضي السورية، قال رئيس الوزراء العراقي “إذا كانوا عراقيين، فالعراق يقوم بالتدقيق واستلامهم بعد التأكد من جنسيتهم، ثم نضعهم في أماكن ونقدم لهم كافة ما يجب أن يقدم من رعاية صحية وسكن إلى آخره، إلى حين الاطمئنان إلى أوضاعهم الأمنية. حين ذلك، يعودون إلى ديارهم أو ينقلون إلى مكان آخر. أما إذا كانوا من غير العراقيين، فهذا أمر آخر”.

وحول الاستراتيجية التي تنتهجها الحكومة العراقية لمنع عودة أيديولوجية داعش، قال رئيس وزراء العراق “داعش ليس تنظيما وإنما مجتمع له أنصاره ودورته الكاملة، ونستطيع محاربته عسكريا وأن نقضي عليه كما فعلنا في العراق وسوريا، لكن سيكون من الصعب جدا القضاء عليه أيديولوجيا”. واستطرد قائلا “إذا ما أريد فعلا القضاء على داعش، علينا أن نتحد جميعا، مسلمين ومسيحيين، أوروبيين وغربيين وغير ذلك، في تطويق هذه المجتمعات الداعشية لأنها تستطيع إعادة إنتاج نفسها. وعندما تعاونا في محاربة تنظيم داعش، قضينا عليه، لكن إذا أردنا القضاء على أيديولوجيته، فإننا بحاجة إلى أنماط وأشكال عمل تختلف عن الأشكال الحالية”.

وحول مستقبل الأطفال الذي حاربوا في صفوف التنظيم وكيفية التعامل معهم، قال عبدالمهدي “إذا فهمنا ما هو داعش وكيف ينتج نفسه، نستطيع أن نتعامل مع أطفاله بشكل يختلف عن التعامل مع أي قاصر أو حدث”.

وعن مجالات التعاون مع ألمانيا وما إذا كانت القروض التي قدمتها برلين للعراق قد ساهمت بالفعل في تحسين الأوضاع، قال عبدالمهدي “عموما، القروض الألمانية ساعدت في إصلاح الطرق والجسور المدمرة ومساعدة النازحين وإعمار مناطقهم. وقد ساهمت ألمانيا بشكل جيد في إعادة الإعمار.. هذا في ما يخص الحرب، أما التعاون بين الجانبين في المجالات الاقتصادية، فهو أكثر من ذلك بكثير، وهذا واضح في مجالات مثل الكهرباء والطاقة وغيرها”.

ووقّع مسؤولون في الحكومة العراقية ورئيس شركة سيمنس الألمانية العملاقة للصناعات الهندسية والإلكترونية جوكيزر في برلين الأسبوع الماضي اتفاقا تنفيذيا لخارطة طريق من أجل إعادة تأسيس شاملة لقطاع الطاقة في العراق.

وبشأن التعاون في مجال الكهرباء مع سيمنس وشركة جنرال إلكتريك الأميركية، قال عبدالمهدي “الشركتان عملاقتان والعراق يريد أن يتعاون معهما، ولدينا مشاريع واتفاقات مع الشركتين”.

العرب