بغداد – تراقب الولايات المتحدة الأميركية عن كثب نتائج تحركات العراق على الساحة الأوروبية للبحث عن شركاء موثوقين في مجال الطاقة، في وقت تؤكد مصادر أن “واشنطن عرضت على بغداد صيغة مغرية للتعاطي مع العقوبات المفروضة على إيران”.
وتقول مصادر وثيقة الصلة بمكتب رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي إن الولايات المتحدة تدعم جهود العراق لتخفيف اعتماده على إيران في قطاع الطاقة، لكنها لا تريد أن تدفعه دفعا إلى أحضان الشركات الأوروبية مثل سيمنس الألمانية التي تنافس الشركات الأميركية على غرار جنرال إلكتريك في عقود هذا القطاع.
وتؤكد المصادر لـ”العرب” أن “الإدارة الأميركية حاولت معرفة طبيعة التفاهمات التي توصل إليها رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي خلال جولته الأوروبية مؤخرا، وشملت ألمانيا وفرنسا”.
ولدى عودته إلى بغداد تلقى عبدالمهدي مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
وأكد عبدالمهدي خلال المكالمة “أهمية تعزيز التعاون بين البلدين الصديقين وتعميق العلاقات الاقتصادية ورغبة العراق بنقل التكنولوجيا والخبرات الأميركية إلى العراق وخلق فرص عمل داخل العراق وتطوير القطاعات الحيوية فيه”، مشددا على “أهمية تعزيز جهود الطرفين لحسم المفاوضات النهائية وتوقيع مشروع (الحزمة الواحدة) مع شركة إكسون موبيل الأميركية لتطوير قطاع الطاقة العراقي”.
العرض الأميركي يشكل طوق نجاة لحكومة عبدالمهدي، التي لا تستطيع أن تتوقف عن استيراد الكهرباء والغاز الإيرانيين خشية إغضاب طهران
واستعرض عبدالمهدي، خلال حديثه مع وزير الخارجية الأميركي، “نتائج جولته الأوروبية والملفات المهمة الأخرى ذات الاهتمام المشترك”.
من جهته أكد بومبيو “دعم الولايات المتحدة للحكومة العراقية وسياستها الخارجية”، فيما رحب بـ”أخذ العراق دوره وموقعه الكبير في المنطقة وبتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي بين البلدين”.
وربما هذه المرة الأولى التي يشار خلالها إلى “مشروع الحزمة الواحدة” بين الولايات المتحدة والعراق.
وتقول المصادر إن “الوزير الأميركي عرض على عبدالمهدي منح العراق استثناء من تنفيذ العقوبات على إيران، لقاء حصول شركات أميركية على تسهيلات لتنفيذ عقود في قطاع الطاقة الكهربائية”.
وتكشف المصادر أن “الولايات المتحدة تعتقد أن العراق قد يستغرق نحو أربعة أعوام لحل مشكلة نقص الطاقة الكهربائية، وأنه سينفق نحو 20 مليار دولار في هذا القطاع، وليس 14 مليارا كما تخطط حكومة عبدالمهدي”، مشيرة إلى أن “واشنطن لا تعارض ربط حصول شركاتها على تسهيلات لتنفيذ مشاريع بملف العقوبات على إيران”.
ويستورد العراق من إيران الكهرباء، والغاز اللازم لتشغيل محطاته الخاصة بتوليد الكهرباء، أي أن مشترياته الرئيسية تتعلق بقطاع واحد.
l
ووفقا للصفقة الأميركية المعروضة على العراق، فإن بإمكان بغداد مواصلة شراء الكهرباء والغاز من إيران، حتى انتهاء الشركات الأميركية من تنفيذ مشاريع تسمح للعراق بتوليد طاقته التي يحتاجها على أرضه.
ووفقا للمصادر، فإن هذه الصيغة، ستضمن للولايات المتحدة تشغيل شركاتها في العراق ضمن استثمارات مالية ضخمة، فضلا عن ضمانها وصول العراق إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الكهرباء، ليتخلص من ارتباطه العضوي بإيران في هذا الملف.
وتقول المصادر المقربة من عبدالمهدي إن “الحكومة العراقية تدرس العرض الأميركي بشكل جدي، وربما توافق عليه”.
وربما يشكل العرض الأميركي طوق نجاة لحكومة عبدالمهدي، التي لا تستطيع أن تتوقف عن استيراد الكهرباء والغاز الإيرانيين خشية إغضاب طهران أولا وتعميق النقص في قطاع الطاقة العراقية، ولا تستطيع أيضا أن تتمرد على العقوبات الأميركية ضد إيران، ما قد يتسبب في معاقبة العراق أيضا.
وكان العراق أعلن عن توقيع اتفاق أولي مع سيمنس يتضمن تحسين أداء المنظومة الكهربائية بما يحقق “إضافة قدرة توليد جديدة وتطوير محطات كهرباء قائمة وتوسيع شبكات نقل الكهرباء”.
وبشكل أولي، ستكون العقود الأولى مع الشركة الألمانية بقيمة نحو 700 مليون يورو من أصل نحو 14 مليار دولار خصصها العراق لعقود عاجلة في قطاع الطاقة.
العرب