قال مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون أمس الأحد إن الولايات المتحدة أرسلت حاملة الطائرات “يو إس إس أبراهام لينكولن” وقوة من القاذفات إلى منطقة الشرق الأوسط” كي تبعث رسالة واضحة لإيران مفادها أن أي هجوم على مصالح الولايات المتحدة أو حلفائها سيقابل بقوة شديدة” ، وأضاف بولتون أن هذا القرار اتخذ ردا على عدد من المؤشرات والتحذيرات المتصاعدة والمثيرة للقلق” وأكد أن واشنطن لا تسعى إلى الحرب مع طهران، ولكنها على استعداد للرد على أي هجوم من قبل الحرس الثوري أو الجيش النظامي الإيراني أو عبر وكلائها.
من جهة أخرى ، قال موقع أكسيوس الإخباري الأميركي إن إدارة الرئيس دونالد ترمب تتأهب لإعلان حزمة عقوبات جديدة على إيران هذا الأسبوع ، ونقل الموقع عن مسؤولين اثنين في الحكومة الأميركية قولهما إن العقوبات قد تعلن الأربعاء المقبل ، تزامنا مع مرور عام على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، وبحسب الموقع ذاته، فإن المسؤولين لم يفصحا عن طبيعة العقوبات، لكنهما أكدا أنها قد تشمل قطاعات جديدة من الاقتصاد الإيراني، غير قطاع الطاقة، والسؤال الذي يطرح في هذا السياق ما تداعيات التوتر الأمريكي الإيراني على العراق؟
تلقى رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الامريكي السيد مايك بومبيو، وأكد رئيس مجلس الوزراء على اهمية تعزيز التعاون بين البلدين الصديقين وتعميق العلاقات الاقتصادية ورغبة العراق بنقل التكنولوجيا والخبرات الامريكية الى العراق وخلق فرص عمل داخل العراق وتطوير القطاعات الحيوية فيه، وشدد رئيس مجلس الوزراء على اهمية تعزيز جهود الطرفين لحسم المفاوضات النهائية وتوقيع مشروع “الحزمة الواحدة” مع شركة اكسون موبيل الامريكية لتطوير قطاع الطاقة العراقي.
واستعرض رئيس مجلس الوزراء نتائج جولته الاوروبية والملفات المهمة الاخرى ذات الاهتمام المشترك . واكد بومبيو دعم الولايات المتحدة للحكومة العراقية وسياستها الخارجية، مرحبا بأخذ العراق دوره وموقعه الكبير في المنطقة وبتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي بين البلدين، وفي اتصال لم يعلن عنه -بحسب معلومات خاصة حصل عليها مركز الروابط -طالب بومبيو من رئيس وزراء العراق الحد من نفوذ الحشد الشعبي في مؤسسات الدولة العراقية، وإعمار الموصل وأكد على خروج الحشد الشعبي من سهل نينوى وتسليمه لقطاعات الجيش العراقي.
وبهاتين المكالمتين المُعلن عنها وغير معلن عنها، وبعد توقيع عقد شركة اكسون موبيل الامريكية لتطوير قطاع الطاقة العراقي. قربت المسافات بين واشنطن وبغداد، فالزيارة التي تأجلت لعادل عبدالمهدي إلى واشنطن مردها لعدم رضا الأخيرة عن سياسات العراق،لكن الآن اختلف الأمر ومع عودة مياة العلاقات الأمريكية العراقية إلى مجاريها ربما عن قريب يزور عادل عادل عبدالمهدي البيت الأبيض.
منذ تولي عادل عبد المهدي رئاسة مجلس وزراء العراق، يسعى بكل جهد أن يقيم توازنًا داخليّا، بمعنى أن يكون على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية في العراق، وخارجيّا يحاول قدر الإمكان أن يوازن بالعلاقة بين واشنطن وطهران، بما يخدم مصالح العراق ويجنبه الكثير من المشكلات والتحديات، فالعراق اليوم يواجه العديد من العقبات الكبيرة والخطيرة التي تهدد سيادة الدولة العراقية ، ومنها: قيام الشركة العربية الشريكة مع شركة ناقلات النفط بتهريب النفط “بمنفيست عراقي” وهذا الأمر خطير جدا، وسيطرة إحدى الفصائل المسلحة على منافذ الحدود العراقية مع سوريا والأردن، فالأمر هنا في غاية الخطورة على هيبة السيادة العراقية لجهة هذا الفصيل مرتبط مع إيران. فالإجابات على الأسئلة التي وجهت إلى رئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي من قبل النائب فالح حسن جاسم في كانون الثاني، يناير الماضي، ورده علبها- لا يقطع مجالًا للشك – بأن رئيس وزراء العراق حربص كل الحرص على سيادة العراق بما يتعلق بعدد قوات التحالف الموجودين في العراق، والمتعلق باتفاقية الاطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتواجد القوات التركية على الأراضي العراقية.
يدرك رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي ونائبه لشؤون الطاقة بأن واشنطن مصرة على تنفيذ عقوبات صارمة على طهران، وإن الإعفاء الذي منحته للعراق إنما هو اعفاء مؤقت حتى يتمكن العراق من حل مشكلة استيراد الغاز والكهرباء الايراني، فواشنطن تريد من بغداد أن تضع خارطة طريق تنهي الاعتماد على الغاز والكهرباء الايراني ليصار انتاجهما من داخل العراق، وبحسب معلومات حصل عليها مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، فإن واشنطن سوف تمدد الاعفاء العراقي من إيران لمدة ثلاث أشهر.
فكما هي السياسة لا تعرف الثبات وإنما رمال متحركة، فهناك تبلور لحراك سياسي تسعى من خلاله بعض القيادات في التحول الى صف المعارضة، وهذا الحراك لا يخدم مصالح طهران في بغداد، لذلك تسعى بشتى الوسائل إلى تجميده أو تأخيره، فبحسب معلومات حصل عليها مركز الروابط، زار قاسم سليماني العراق -قبل عشرة أيام – زيارة سرية وسريعة استغرقت 24 ساعة فقط، لتقريب وجهات النظر بين حلفاء طهران في بغداد، ولم يفلح في تحقيق ذلك، لأن الكثير من الأمور قد تغيرت في العراق.
عسكريّا، أبرمت القوة البحرية العراقية اتفاقًا مع البحرية الحرس الثوري الإيراني للتعاون في كافة المجالات. وهذا الاتفاق ازعج وأقلق في نفس الوقت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية والتحالف الدولي ودول الخليج العربي وفي مقدمتهم دولة الكويت. كما أن الدوائر الغربية السياسية مستاءة من تنامي قوة البحرية للحشد الشعبي في العراق.
اقتصاديّا، وعلى الرغم من ارتفاع اسعار النفط حتى وصل سعر البرميل 70 دولارا أمريكيا، فإن الوضع الاقتصادي بالعراق في غاية السوء، فالعراق بحاجة إلى أموال طائلة من أجل إعادة الاعتبار لكل مرافق الدولة العراقية، فعلى سبيل المثال البنية التحتية في العراق بحاجة إلى ثورة لإعادة تأهيلها، فعادل عبد المهدي يحاول بكل قوة أن ينفذ سياسات إجرائية تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، لكنه يصطدم ببعض مافيات الفساد للحيلولة دون القيام بتلك الاجراءات.
المفارقة العجيبة في العقوبات المفروضة على ايران بأن تأثيرها السلبي على المجتمع العراقي أشد وأعمق من تأثيرها على المجتمع الإيراني، لأن لإيران أدواتها في العراق تعمل على تخفيف حدة العقوبات عليها حتى لو كان على الحساب المجتمع العراقي !! فإيران تسعى بكل جهد أن لا تؤثر تلك العقوبات على طريق حريرها نفوذها إلى شرق البحر المتوسط. خلاصة القول أن إيران منذ عام 2003م، وإلى يومنا هذا وهي تستثمر العراق بما يخدم مصالحها الاستراتيجية.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية