تسبب قرار اللجنة القضائية بمجلس النواب الأربعاء بالموافقة على مذكرة اتهام لوزير العدل وليام بار بازدراء وعرقلة عمل الكونغرس، وما صاحبها من رد فعل البيت الأبيض، في أزمة سياسية دستورية نادرة بالتاريخ الأميركي.
وعكس تصويت اللجنة الانقسام الحزبي وحالة الاستقطاب غير المسبوقة التي تشهدها واشنطن بصورة صادمة، إذ صوت كل الديمقراطيين باللجنة وهم 24 عضوا بالموافقة، في وقت اعترض كل الأعضاء الجمهوريين الـ 16.
وجاء التصويت عقب استخدام الرئيس دونالد ترامب صلاحياته التنفيذية لرفض طلب الديمقراطيين الحصول على تقرير المحقق روبرت مولر حول التدخل الروسي بانتخابات 2016 كاملا وبدون أي اقتطاعات.
وترى وزارة العدل أنه “يحق للرئيس أن يتخذ القرار النهائي في حالة طلب تقديم تقرير أو مثول شخص أمام الكونغرس” كما جاء في خطاب وزارة العدل للجنة القضائية بمجلس النواب.
ويرى محامو وزارة العدل أن الاستجابة لطلب مجلس النواب من شأنه مخالفة القانون الذي يلزمهم بالحفاظ على سرية شخصية ومضمون ما ذكره بعض الشهود أثناء تحقيقات مولر، ومن شأنه تهديد تحقيقات جنائية أخرى جارية ولم تنته بعد.
فصل السلطات
ويأتي الصراع بين السلطة التنفيذية ممثلة في البيت الأبيض ووزارة العدل من جهة، والسلطة التشريعية ممثلة في اللجنة القضائية ومجلس النواب من جهة أخرى، لتلقي بالضوء على أسس النظام السياسي الأميركي القائم على مبدأ فصل السلطات والمشاركة في الحكم.
وتبادل الطرفان توجيه الاتهامات والادعاء بمخالفة الطرف الآخر للقواعد الدستورية المتفق عليها، فقد هاجم رئيس اللجنة القضائية النائب جيري نادلر قرار الرئيس استخدام صلاحياته التنفيذية.
وردت سارة ساندرز المتحدثة الرسمية باسم البيت البيض بالقول “في مواجهة عناد وسوء استخدام السلطة من قبل رئيس اللجنة القضائية النائب نادلر، لم يجد الرئيس أمامه إلا اللجوء لاستخدام صلاحياته التنفيذية”.
ماذا بعد؟
سترفع اللجنة القضائية قرارها لمجلس النواب للتصويت عليه بكل أعضائه الـ 435. وحال الموافقة عليه كما هو متوقع، نظرا لتمتع الديمقراطيين بأغلبية 235 عضوا مقابل مئتي عضو للجمهوريين، ستصدر رئيسة مجلس النواب (نانسي بيلوسي) مذكرة تفيد بأن وزير العدل يعصي قرارات الكونغرس ويعرقل عمله.
ويعتقد خبير القانون الدستوري دومينكو مونتونارو أن القضاء (السلطة الثالثة بالولايات المتحدة) سيفصل في الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية نهاية المطاف، إلا أنه أكد أن الأمر قد يستغرق شهورا أو سنوات أمام المحاكم الأميركية، وهو ما لا يفيد تحقيقات الديمقراطيين.
تعمق الانقسام
وأظهر استطلاع حديث للرأي أجرته جامعة كوينبياك، خلال الأسبوع الأخير من أبريل/نيسان الماضي، انقساما كبيرا في أوساط الشعب الأميركي.
فقد عبر 38% أن تقرير مولر قد برأ الرئيس من أي مخالفة للقانون، في حين رأي 51% أن التقرير لم يبرئه. وأجاب 11% بعدم قدرتهم على الحكم بهذا الموضوع. وظهرت حالة استقطاب كبيرة بين أنصار الجزبين، فقد عبر 76% من الجمهوريين أن التقرير برأ ترامب، في حين عبر 83% من الديمقراطيين أن التقرير لم يبرئه.
المصدر : الجزيرة