كشفت شركة أرامكو النفطية السعودية الاثنين أنها قدمت عرضا لشركة نوفاتك الروسية للدخول كشريك بمشروع الغاز الطبيعي المسال 2 في القطب الشمالي.
وقال وزير الطاقة والثروة المعدنية السعودي خالد الفالح في مقابلة مع وكالة تاس الروسية إن “أرامكو عرضت الانضمام إلى نوفاتك في المشروع ونأمل في أن توافق على ذلك”.
ولم يكتف بذلك، بل أكد أن أرامكو تدرس مشاريع الغاز المسال لشركتي الطاقة الروسيتين العملاقتين روسنفت وغازبروم وإنها مهتمة بالاستثمار في شركة سيبور الروسية للبتروكيماويات.
وكان الفالح قد قال خلال زيارته إلى موسكو في أكتوبر الماضي إن “الطرفين في المرحلة النهائية من المفاوضات بشأن بناء مصنع لإنتاج المطاط الصناعي في الجبيل وسيقوم بتشييده هذا التحالف السعودي الروسي”.
وأضاف “أنا واثق من أنه سيتم تشييده، لكن الأهم من ذلك، هو أملنا في أن التعاون مع سيبور سيسمح لأرامكو والشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) بالاستثمار في بناء مصنع للبتروكيماويات في روسيا”.
وتأتي الخطوة بعد يوم من إعلان صندوق الاستثمار المباشر الروسي بأن الفالح عرض على الرئيس فلاديمير بوتين خطط أرامكو للاستثمار في روسيا.
وتوقع وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك في مؤتمر صحافي مشترك جمعه بالفالح في موسكو أن تتوصل بلاده والرياض خلال العام الجاري إلى اتفاقات لمشاريع مختلفة أبرزها في مجال الطاقة.
وقال إن “مجالات التعاون بين روسيا والسعودية متنوعة وغنية، حيث نتناقش في مشاريع للبتروكيميائيات وتسييل الغاز والزراعة في روسيا”.
وذكّر باستثمار شركة سيبور الروسية المشاركة في مشروع ضخم للبتروكيميائيات في السعودية، والذي يهدف لبناء مصنع لإنتاج المطاط الصناعي.
ومن الواضح أن موسكو تخطط لزيادة حصتها العالمية بالتعاون مع أرامكو خاصة مع تطلعات قطر للسيطرة على السوق مجددا بعد أن أعلنت في يوليو 2017 عن خطط لزيادة إنتاج الغاز المسال إلى 100 مليون طن سنويا بحلول 2025.
ويقول محللون إن الوفاق غير المسبوق بين موسكو والرياض في مجال الطاقة لم يكن يخطر ببال أحد وأنه يشير إلى بداية نظام عالمي جديد في صناعة النفط بعد أن سادت المنافسة بينها على مدى عقود.
ويرى كثيرون أن التعاون، الذي ظهر في اتفاق خفض الإنتاج المبرم بين منظمة أوبك بقيادة السعودية، أكبر مصدر للخام في العالم، ودول خارجها بقيادة روسيا أعطى ذلك الانطباع في ظل ضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتنفيذ المزيد من التخفيضات لإعادة الأسعار إلى رشدها.
ويشكل التقارب بين البلدين في صناعة النفط والغاز وأنشطة المصب منعطفا في الشراكة الجديدة المتسارعة وغير المتوقعة بين البلدين، وفق محللين الذين قالوا إنها ستغير خارطة التحالفات في المستقبل.
وتعاونت السعودية وروسيا، أكبر منتجين للنفط في العالم، على مدار العامين الأخيرين، في إطار اتفاق مع دول أخرى لخفض إنتاج النفط ورفع أسعاره رغم أن زيادة الإنتاج في أنحاء أخرى تقوض هذه الجهود.
وكانت أوبك أنشأت تحالفا يعرف باسم أوبك + يضم أعضاء المنظمة و10 دول أخرى بقيادة روسيا. وتوصل المشاركون إلى اتفاق لاستئناف خفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يوميا اعتبارا من مطلع العام الحالي.
وينتهي ذلك الاتفاق في نهاية الشهر الحالي. ويعتزم التحالف عقد اجتماع في الأسابيع المقبلة لاتخاذ قرار بشأن التحرك المقبل.
وقال الفالح في وقت سابق هذا الأسبوع إن “التمديد مضمون تقريبا، لكن السؤال يتعلق بتحديد موقف المنتجين من خارج المنظمة. واستبعد وجود حاجة لتعميق خفض إنتاج النفط”.
وارتفعت أسعار النفط 16 بالمئة منذ بداية العام بفضل أسباب من بينها اتفاق أوبك +، لكن الأسعار انخفضت من ذروة فوق 75 دولارا للبرميل في أبريل إلى نحو 62 دولارا للبرميل حاليا بفعل مخاوف بشأن الطلب بسبب النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين وتباطؤ النمو الاقتصادي.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن السعودية تقوم حاليا بخفض أكبر من المطلوب منها بموجب الاتفاق، في مسعى لوقف تنامي المخزونات.
وفعليا، تضخ السعودية للأسواق العالمية ما يقل بحوالي 700 ألف برميل يوميا عن المستوى المستهدف لها والبالغ 10.3 مليون برميل يوميا.
ويقول محللون إن إنتاج النفط الأميركي يلتهم تدريجيا أي خفض في إنتاج أوبك وحلفائها ويتضح ذلك في مواصلة ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة التي أصبحت تنفرد بصدارة المنتجين في العالم.
لكنّ المنتجين يحققون في الوقت الحاضر عوائد تفوق إيراداتهم قبل اتفاقات خفض الإنتاج حين انهارت الأسعار إلى حوالي 27 دولارا في بعض المراحل، الأمر الذي يعوض فقدانهم لحصص في الأسواق الدولية.
وكان الفالح قد أكد في مقابلة مع قناة ‘سي.أن.بي.سي’ الأميركية في فبراير الماضي أن أوبك وشركاءها “يأخذون الأمور ببساطة”، وذلك ردا على تغريدة من ترامب طلب فيها من منتجي النفط تخفيف جهود تعزيز أسعار الخام.
العرب