الأرض لن تهتز في 25 حزيران، عندما ستنعقد في المنامة، عاصمة البحرين، «الورشة» الاقتصادية بمبادرة إدارة ترامب. وللحقيقة، ما هكذا يبنى السور: فقبل الإعلان عن انعقاد المنتدى الاقتصادي بمشاركة الإسرائيليين والفلسطينيين، إلى جانب مندوبين من الدول العربية والعالمية، يجري فحص من سيأتي. معقول الافتراض أن الأمريكيين بدلاً من ذلك سيكتفون بموافقة المنامة على استضافة المنتدى، وعلى الفور أعلنوا عن الفكرة التي كانت، في أفضل الأحوال، نصف ناضجة.
سارع الفلسطينيون إلى الإعلان، كما كان متوقعاً، بأنهم لن يضعوا العربة أمام الحصان، وأن التعاون الاقتصادي يجب أن يكون نتيجة التسوية السياسية: وليس العكس. وأوضحوا بأنه لن يشتريهم أحد بالمال، معلنين عن أنهم سيقاطعون الورشة، وطلبوا من الدول العربية ألا تشارك. كثير من دول المنطقة وجدت نفسها بين المطرقة والسندان: ضغط أمريكي شديد لإرسال وزراء المالية، مقابل ضغط فلسطيني لعدم المشاركة والذي يؤثر على رأيهم العام. أما الحل الذي وجدوه فهو إرسال مندوبين على مستوى منخفض.
بعد أن أعلنت روسيا والصين بأنهما لن تشاركا، وأعلنت ومعظم الدول المهمة والغنية أنها لن ترسل وزراء المالية لديها، فهم جارد كوشنير ورجال فريقه بأنهم يقفون أمام مشكلة. «البحرين» هو الآخر ارتعدت فرائصه، وطلب أن يكون مستوى المشاركين من إسرائيل متدنياً، بدون وزير المالية. أما إلغاء الورشة فكان اعترافاً بالفشل، فقرر الأمريكيون الامتناع عن خطوة دراماتيكية لهذا القدر. ولكن جاء التبرير بأن هذا ليس اجتماعاً سياسياً، وبالتالي فإن إسرائيل مطالبة بألا تبعث بمندوب على مستوى سياسي، فيشرح كل شيء.
لقد بدأت القصة ببيان الإدارة المفاجئ، بأنها توشك على أن تكشف القسم الاقتصادي من صفقة القرن المتأخرة. وبدأ المنتظرون على أحر من الجمر لوصول الخطة السياسية التي تؤدي إلى مصالحة إقليمية، بدأوا يهتمون. في البداية كان يخيل أن الخطة تقوم على أساس غلاف اقتصادي يعرض على الأطراف ولا سيما الفلسطينيين. ولاحقاً فهم بأن هناك تغييراً قد طرأ: الاقتصاد سيفصل، وسيسبق الأفكار السياسية.
أما الآن فيتبين أن المشاركين في هذا المنتدى سيكونون قليلين نسبياً، وليسوا من أصحاب القرار في بلدانهم. وستنتظر الخطة السياسية إلى ما بعد الانتخابات عندنا، وستعرض بعد تشكيل حكومة جديدة (إذا لم نرسل إلى صناديق الاقتراع للمرة الثالثة)، وعلى ما يبدو أيضاً بعد الانتخابات في الولايات المتحدة. كل من علق آمالاً برزمة يرسلها إلينا العم من أمريكا أو خاف منها، يمكنه أن يهدأ.
إن الورشة الاقتصادية التي ستشارك فيها محافل اقتصادية من المنطقة، ولا سيما رجال أعمال، هي بالفعل لقاء عديم أي طموح، وبالتأكيد ليست بديلاً عن الخطة الحقيقية. ومثلما لا تبرر أي آمال، فإنها أيضاً غير جديرة بالمظاهرات المضادة. فلما كانت الإدارة تراجعت عن نيتها عقد لقاء اقتصادي مهم، فقد سلمت، أغلب الظن، بإلغائه العملي.
القدس العربي