دولة الإمارات الساعية إلى الحفاظ على استقرار المنطقة وتجنيبها محاذير الانزلاق إلى نزاع مسلّح من شأنه أن ينعكس بشكل مباشر على أمن إمدادات الطاقة للعالم، تلتقي مع روسيا في وجوب منح الأولوية لجهود خفض التوتّر ومنع التصعيد عبر فتح قنوات الحوار بهدف إيجاد حلول سياسية للأزمات.
موسكو – أبدت دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية روسيا الاتّحادية وفاقا بشأن تطويق التوّترات الجارية في المنطقة وتجنّب أي منزلق قد تفضي إليه.
وجدّد وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، التزام بلاده بتحرّي الدقّة والتزام المهنية في تحديد الجهة المسؤولة عن الهجمات الأخيرة على الناقلات والسفن في بحر عمان، مكرّسا بذلك نهج الهدوء والتروي الذي سلكته بلاده في أعقاب تلك الهجمات بما مثّلته من خطوة تصعيدية أثارت المخاوف من اندلاع صدام مسلّح في المنطقة، فيما كشف وزير الخارجية الروسي عن جهود تبذلها موسكو لجلب كلّ من طهران وواشنطن للحوار وخفض التوتّر الجاري بينهما.
وقال الشيخ عبدالله بن زايد إنّ الهجمات الأخيرة على ناقلات النفط في بحر عُمان عمليات تخريبية، مشدّدا على الحاجة لإيجاد دليل واضح ومقنع في ما يتعلق بتلك الهجمات.
وأوضح خلال مؤتمر صحافي عقده في موسكو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف أنه “لا يمكن أن نحمّل أي دولة مسؤولية الهجمات الأخيرة على ناقلات نفط في خليج عمان لعدم كفاية المعلومات”، مؤكدا أن هناك مناقشات أولية لتشكيل تحالف دولي بشأن الأمن البحري في الخليج.
وتميّزت ردّة فعل الإمارات على عمليات التخريب التي تعرّض لها عدد من السفن مؤخّرا في بحر عمان، بما في ذلك السفن التي استُهدفت قرب الفجيرة، بالهدوء الأمر الذي ساهم في إبطال مفعول تلك العمليات وقطع الطريق على أي تأثير لها على صورة الإمارات كدولة آمنة ومستقرّة وجاذبة للوافدين من مختلف أنحاء العالم، سواء كانوا عمّالا أو سياحا أو تجارا ومستثمرين.
وأحجمت دولة الإمارات عن توجيه أصابع الاتهام بشكل جازم في الهجوم على الناقلات، مؤثرة انتظار نتائج التحقيق، ومتعهدة بضبط النفس ومنع التصعيد خلال ما وصفته بالموقف الصعب.
وأضاف الشيخ عبدالله بن زايد خلال المؤتمر المشترك مع لافروف “إذا كانت لدى الدول الأخرى معلومات أوضح، فأنا متأكد من أن المجتمع الدولي سوف يستمع إليها بسهولة. ولكن يجب أن نكون جادين للغاية وحريصين على أن يتم التحقق من صحة المعلومات التي ستكون مقنعة للمجتمع الدولي”.
دولة الإمارات ترى أن لها دورا دوليا تؤديه في ضمان إمدادات الطاقة العصب الحيوي للاقتصاد العالمي
وقال “نحن في منطقة مضطربة ومهمة للعالم ولا نريد المزيد من الاضطرابات والقلق، ولكن نريد المزيد من الاستقرار والتنمية”، مبينا “أن الحديث الآن حول أهمية العمل على توسيع المشاركة الدولية لحماية السفن خلال مرورها في هذه الممرات سواء الخليج العربي أو مضيق هرمز أو بحر العرب ولكن هذه مشاورات أولية ستحتاج مشاركة ليس فقط الدول الأطراف في المنطقة ولكن أيضا الدول المصدرة والمستوردة”.
وبشأن إيران دعا الشيخ عبدالله بن زايد إلى مشاركة دول المنطقة في الاتفاق بشأن النووي الإيراني. وفي موضوع لصيق بخفض التوتّرات وتطويق الصراعات قال وزير الخارجية الإماراتي إن بلاده تدعم جهود المبعوث الدولي لليمن مارتن غريفيث وستعمل مع الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي.
وفي وقت سابق قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش إنه “لا يمكن معالجة التوترات في الخليج إلا سياسيا”، مضيفا أن “الأصوات الإقليمية مهمة في تحقيق حلول مستدامة” وأن “الحلول السياسية تأتي من خلال الحوار والمفاوضات”. ورأى أن الأزمة الممتدة حاليا في المنطقة هي بسبب “تركيز الجميع على التصعيد وليس على إيجاد حلول سياسية”.
وترى دولة الإمارات باعتبارها من الدول المنتجة والمصدّرة للنفط أن لها دورا دوليا تؤدّيه في ضمان إمدادات الطاقة العصب الحيوي للاقتصاد العالمي.
وقال سلطان الجابر وزير الدولة الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” ومجموعة شركاتها خلال كلمة له بمنتدى بلومبيرغ للأسواق الناشئة في لندن، إنّ بلاده تنظر بجدية بالغة إلى كل ما من شأنه تهديد أمن إمدادات الطاقة العالمية، وتعتبر أن الهجوم على ناقلة واحدة يمثل اعتداء على المجتمع الدولي ككل، مؤكّدا استمرار “دولة الإمارات في التزامها بالعمل مع الأصدقاء والحلفاء لتهدئة الوضع وخفض التصعيد، والمساعدة في الحفاظ على استقرار المنطقة وأمن إمدادات الطاقة للعملاء في أنحاء العالم كافة”.
ويلتقي الموقف الإماراتي بشأن التزام الهدوء ونزع فتيل التوتّر مع موقف روسيا التي تقول إنّها تبذل جهودا لمنع الانزلاق نحو صراع ستطال آثاره وتبعاته المنطقة ككلّ.
وأعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الإماراتي أن موسكو ستحاول جاهدة إقناع كل من الولايات المتحدة الأميركية وإيران ببدء الحوار لحل الأزمة بين البلدين والذي من خلاله يمكن التأثير في الوضع بالمنطقة.
وقال لافروف “تحدثنا بالطبع عن الوضع في الخليج. نحن مهتمون بخفض التوتر، وتخفيف حدة التصعيد في هذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية في العالم ودعم أجندة توحيد إيجابية من شأنها أن تساعد في القضاء على أي خلافات وأي تناقضات من خلال الحوار”.
وأضاف لافروف “سنقنع كلا من زملائنا الإيرانيين وزملائنا الأميركيين بأنه يجب الابتعاد عن هذه السمة الخطيرة، والبدء في تنظيم التناقضات من خلال حوار حضاري”. كما شدد لافروف على أن الحوار حول إيجاد حل للوضع في المنطقة يجب أن يكون قائما على الاحترام المتبادل وليس تحت نير العقوبات الأميركية.
العرب