علمت “الجزيرة نت” من مصادر مطلعة أن إيران استأنفت جهود وساطة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والنظام السوري لإعادة العلاقات بينهما، بعد قطيعة مستمرة منذ سنوات على خلفية الموقف من الثورة السورية.
وكشفت المصادر التي تحدثت للجزيرة نت أن نقاشا يجري داخل المكتب السياسي لحركة حماس وأطرها القيادية، حول مسألة استعادة العلاقة مع النظام السوري، وحساب المكاسب والخسائر من وراء هذه العلاقة، في ظل استمرار الأسباب التي أدت إلى القطيعة، في إشارة منها إلى تعاطي النظام مع الثورة السورية.
التزام الصمت
وقالت المصادر إن هذا النقاش يأتي في ظل استعادة إيران مجددا مساعيها لوساطة كانت توقفت في مرحلة سابقة، من أجل رأب الصدع واستعادة العلاقة بين حماس والنظام السوري.
ورفض عضو بالمكتب السياسي للحركة بشكل قاطع التعقيب للجزيرة نت على تصريحات لعضو آخر بالمكتب هو الدكتور محمود الزهار، قال فيها إن “جهودا بُذلت في السابق وتبذل حاليا لعودة العلاقات بين الحركة والنظام السوري”.
واكتفى المصدر بالقول إن “هناك قرارا اتخذه المكتب السياسي يمنع الحديث سلبا أو إيجابا في مسألة العلاقة مع النظام السوري، أو التعقيب على تصريحات أبو خالد الزهار”.
ماذا قال الزهار؟
وكان الزهار قال “إن من مصلحة المقاومة أن تكون هناك علاقات جيدة مع جميع الدول التي تعادي إسرائيل ولديها موقف واضح وصريح من الاحتلال مثل سوريا ولبنان وإيران، في الوقت الذي تؤيّد فيه بعض الدول الخليجية إسرائيل”.
وأضاف القيادي بحركة حماس لموقع إخباري قريب من النظام السوري، إنهم كانوا يتحركون في سوريا كما لو كانوا في فلسطين، وفجأة انهارت العلاقة على خلفية الأزمة السورية، معتبرا أنه “كان من الأولى ألا تترك حماس (بشار) الأسد، وأنْ لا تدخل معه أو ضده في مجريات الأزمة”.
ولاقت تصريحات الزهار انتقادات حادة من بعض الكتاب والمغردين، بينهم الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة الذي رفض بشدة مدحه “لنظام بشار المجرم، والدعوة لعودة العلاقة معه”، حسب قوله.
لن تكون بلا ثمن
وقال الزعاترة في حديث للجزيرة نت إن “الحصار الذي تتعرض له حماس من بعض أنظمة العرب هو الذي دفعها نحو إيران، ومن يحاصرون الحركة والمقاومة هم أنفسهم من يتواطؤون مع مشاريع التصفية الأميركية الصهيونية. لكن ذلك شيء، والتصريحات والمواقف المستفزة لجماهير الأمة، وغير المحسوبة أصلا، شيء آخر”.
وحول فرص نجاح الوساطة الإيرانية بين حماس ونظام الأسد، رأى الزعاترة أن “الأمر ليس صعبا بطبيعة الحال إذا طلبت الحركة ذلك، وتصريحات النظام العنترية ضدها يمكن أن تختفي إذا توسط الإيرانيون المعنيون بذلك حتى يثبتوا صواب موقفهم في سوريا بوصفه أساس العداء لهم في المنطقة (بجانب العراق واليمن)، وهم الآن أكثر حرصا على ذلك في ظل تصعيد العقوبات الأميركية، وللخروج من أسر المشروع الطائفي المتصادم مع الغالبية في المنطقة”.
واعتبر الزعاترة أن استعادة حماس لعلاقتها مع سوريا لن يكون بلا ثمن، وسيتحتم عليها تقديم قربان يتمثل في تصريحات تدين ضمنيا الموقف السابق، وهذا كله سيسيء إليها كثيرا في أوساط جماهير الأمة، مما يؤكد أن لا مصلحة لها أبدا في دخول هذا الباب، لا سيما أن الحديث عن انتصار النظام في سوريا ما زال وهما، فضلا عن أن وضع إيران نفسها في سوريا يبدو مهددا بالتفاهمات الروسية الأميركية.
وقال إن “السياسة حسابات دقيقة تجيب على كل الأسئلة، وليس الراهن منها فقط، وخسارة جماهير الأمة لا تعدلها خسارة”، في إشارة منه إلى أن خسائر حماس أكبر من مكاسبها في حال إعادتها تطبيع العلاقة مع النظام السوري.
إشارات ومؤشرات
من جهته، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة في غزة الدكتور حسام الدجني للجزيرة نت، أن “هناك فرصة لعودة العلاقات بين حماس وسوريا، وقد ظهرت من إشارات عدة لقادة الحركة، أهمها صدرت عن رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة يحيى السنوار خلال إحياء يوم القدس العالمي في شهر رمضان الماضي”.
لكن الدجني يعتقد أن هذه المسألة لا تحظى بإجماع داخل المؤسسات القيادية لحماس، فالبعض يرى في عودة العلاقات مع نظام الأسد “طعنة للثورة السورية”، بينما يراها آخرون مهمة في ظل الظروف السياسية والإقليمية، خصوصا ما يعرف إعلاميا باسم “صفقة القرن”، والموقف العدائي لبعض الدول العربية -وخصوصا السعودية- تجاه حماس، كل ذلك يدفعها أكثر نحو تطبيع العلاقة مع النظام السوري.
وقال إن عودة العلاقات بين الجانبين مرتبط بمدى قدرة الوسيط الإيراني على تقريب وجهات النظر، وإقناع دمشق بفتح أبوابها مجددا أمام حماس التي كانت تجد في سوريا الملاذ الآمن لقياداتها، واستفادت منها في تطوير قدراتها العسكرية.
الجزيرة