تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقبض على آلاف المهاجرين غير الشرعيين في عشر مدن، وواجه هذا الأمر معارضة كبيرة من سلطات بعض تلك المدن، والعديد من مؤسسات المجتمع المدني الأميركي.
ففي الوقت الذي نقلت فيه وسائل إعلام أميركية عن مصادر في إدارة الهجرة أنه لم تُسجل على الأرض أي عملية واسعة النطاق للقبض على المهاجرين؛ أكد الرئيس ترامب لصحفيين في حديقة البيت الأبيض الاثنين الماضي أن العملية “كانت ناجحة جدا.. أنتم فقط لا تعلمون ماذا جرى”.
وطبقا لتقديرات مركز “بيو” للأبحاث، فإنه يوجد في الولايات المتحدة ما يقرب من 11 مليون مهاجر غير نظامي، أغلبهم من المكسيك ودول أميركا الوسطى.
ورغم عدم وجود أرقام دقيقة حول أعداد المهاجرين غير النظاميين من العرب، فقد عرفت تجمعات الجالية العربية تواجد آلاف المهاجرين ممن يصلون بطرق شرعية للولايات المتحدة، وتنقضي فترة تأشيراتهم دون المغادرة، فيصبحون في عداد المهاجرين غير النظاميين.
ترامب والمهاجرون
وتحدثت الجزيرة نت مع مهاجر مصري يسعى للحصول على اللجوء في الولايات المتحدة لأسباب سياسية، وقال “وصلت واشنطن قبل أعوام، وقدمت طلب اللجوء، لكن سياسات ترامب أخرت كل الإجراءات المتعلقة بالهجرة. ورغم أنني أتمتع الآن بوضع قانوني مؤقت لحين البت في طلبي، فإن الكوابيس تعرف طريقها لي كلما زادت حدة سياسات ترامب، خاصة تلك التي ذكر فيها أنه سيتم إلقاء القبض على آلاف المهاجرين غير النظاميين”.
وبسبب سياسات ترامب “اختار عدد من المهاجرين العرب المغادرة واللجوء للحدود الكندية، حيث إن الإجراءات أسهل وأكثر إنسانية، خاصة إذا كانت لديك عائلة وأطفال”، كما يقول مهاجر آخر للجزيرة نت.
وشهدت عدة مدن مظاهرات واسعة في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، تزامنا مع بدء حملة إلقاء القبض على مهاجرين غير نظاميين.
وتظاهر المئات أمام البيت البيض اعتراضا على سياسات ترامب، كما تحاول الكثير من جمعيات المجتمع المدني الأميركي طمأنة المهاجرين وتعريفهم بحقوقهم القانونية، حتى لهؤلاء ممن يُعد وجودهم غير شرعي في الولايات المتحدة.
وتوفر تلك المنظمات المعنية بحماية حقوق المهاجرين خدمات مختلفة، أهمها السماح لأي مهاجر غير نظامي بأن يحصل على استشارة قانونية مجانية ليعرف حقوقه في حال إلقاء القبض عليه.
عدوى القلق
وتعد مدينة نيويورك إحدى تلك المدن العشر المستهدفة من مبادرة ترامب الأخيرة.
وتحدث دي بلاسيو عمدة مدينة نيويورك لصحف محلية، وقال “حاولت أجهزة الهجرة إلقاء القبض على مهاجرين في نيويورك، لكنهم فشلوا في ذلك”.
وركزت حملة سلطات الهجرة التي روج لها الرئيس ترامب على آلاف العائلات ممن وصلها قرار نهائي من المحاكم بضرورة مغادرة الأراضي الأميركية. لكن المهاجرين العرب لم يتركوا أي شيء للصدفة، واتخذوا إجراءات احتياطية.
وذكر مهاجر مصري غير نظامي يعيش في نيويورك منذ أكثر من عشرين عاما للجزيرة نت “هنا في منطقة بروكلين بمدينة نيويورك يوجد مئات، وربما عدة آلاف من المهاجرين غير النظاميين من أصول عربية، لكن وبسبب التغطية الواسعة لموضوع حملة ترامب لم يذهب هؤلاء لأعمالهم خلال الأيام الماضية خوفا من تعرضهم لأي مساءلة”.
ويقطن في مدينة نيويورك وضواحيها ومناطق من ولاية نيوجيرسي المجاورة عشرات الآلاف من المهاجرين العرب، أغلبهم يتمتع بأوضاع شرعية، وحصل الآلاف منهم على الجنسية الأميركية.
وتكتظ منطقة أتلانتيك أفينيو في قلب بروكلين بآلاف المهاجرين من اليمن.
وقال منير، الذي يمتلك بقالة يمنية، للجزيرة نت “تعودنا على أن نكون في دائرة الاتهام، ولن يكون الوضع أكثر سوءا مما عانيناه عقب هجمات 11 سبتمبر”.
أحوال سيئة
ووصل منير للولايات المتحدة منتصف ثمانينيات القرن الماضي بتأشيرة سياحية، واستطاع الحصول على الجنسية الأميركية في بداية تسعينيات القرن الماضي، ورغم ذلك يخشى سلطات الهجرة، كما ذكر للجزيرة نت.
وذكر المهاجر المصري للجزيرة نت أن “المناطق التي تكتظ عادة بمهاجرين عرب نظاميين وغير نظاميين في عطلة نهاية الأسبوع تأثرت سلبا بأخبار حملة الاعتقالات”.
وأضاف أن “هناك حدائق عامة ومقاهي عربية كانت شبه خاوية في عطلة نهاية الأسبوع الماضي”.
كما أكد أن “أوضاع المهاجرين العرب والمسلمين أكثر سوءا من نظرائهم اللاتينيين الذين يمكنهم اللجوء للكنائس التي توفر لهم حماية وملجأ، أما المساجد فلا تستطيع الترحيب بالمهاجرين غير النظاميين وحمايتهم خوفا من اتهامها بالتواطؤ ضد إنفاذ القانون”.
وقال المهاجر المصري -الذي امتنع عن ذكر اسمه- “وصلت أميركا بصورة شرعية منذ سنوات طويلة، وأنا أعمل وأدفع ضرائب، ولدي رخصة قيادة وبطاقة رقم قومي، لكنني لا زلت في نظر القانون غير شرعي. على السلطات بدل ترحيلنا أن تُصلح نظام قوانين الهجرة لتسوية أوضاع الآلاف من المهاجرين مثلي”.
المصدر : الجزيرة