طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أربع نساء من النواب الديمقراطيات في الكونغرس الأمريكي بـ«العودة» إلى بلادهن الأصل التي جئن منها، متهماً إياهن بدعم تنظيم «القاعدة» و«كراهية إسرائيل» وأمريكا.
باستثناء إلهان عمر، التي حصلت على الجنسية بعد قدومها إلى أمريكا طفلة، فإن النائبات الأخريات، رشيدة طليب، وألكساندرا أوكاسيو كورتيز، وأيانا بريسلي، ولدن في أمريكا، مثلهن مثل ترامب نفسه، الذي هو من أصول ألمانية، من ناحية جده لأبيه، الذي جاء مثل أهالي نائبات الكونغرس أولئك، وعشرات الملايين الآخرين ممن صاروا أمريكيين بعد أن عبروا البحار والمحيطات للوصول إليها بحثاً عن نظام منفتح ثقافياً وسياسياً ودينياً وحياة أفضل.
يتابع ترامب في تغريداته المهاجمة لعضوات الكونغرس أجندة اليمين العنصري الأمريكي ضد الأقليات الدينية والقومية في تكثيف للشعبوية المقيتة وتهافت المنطق وعدم اكتراث بالحقائق الموضوعية أو التاريخية، كما فعل حين اتهم الرئيس الديمقراطي باراك أوباما بأنه لا يملك شهادة ولادة في أمريكا، وحين كال الإهانات لقاض مكسيكي الأصل، وحين اعتبر القادمين من النرويج مهاجريه المفضلين على عكس القادمين من البلدان التي شبهها بـ«حفر الوسخ»، وحين دافع بشكل صريح عن المتظاهرين من أنصار دعوة التفوق العرقي للبيض، ووصف المهاجرين القادمين من أمريكا اللاتينية باللصوص والمغتصبين وتجار المخدرات، وحين هدد ونفذ قرار منع المسلمين من دول عديدة من دخول الولايات المتحدة الأمريكية.
حسب نانسي بيلوسي، زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب، فإن تغريدة ترامب هي ترجمة لشعاره «إعادة أمريكا عظيمة مجدداً»، وهو «إعادة أمريكا بيضاء مجدداً»، وهذا أحد التأويلات لمنطق ترامب ومناصريه، لكنه ليس دقيقاً، فهذه النزعة العنصرية الأمريكية استخدمت سابقاً ضد الإيطاليين واليونانيين والأيرلنديين والأوروبيين الشرقيين واليهود.
وإذا كانت المسألة تتعلق بسكان البلاد «الأصليين» لأمريكا، فالأحرى بمن أطلق عليهم المستوطنين الأوائل لأمريكا «الهنود الحمر»، أن يرفعوا هم هذا الشعار ويطالبوا أمثال ترامب بمغادرة بلادهم المزعومة إلى بلادهم الحقيقية التي جاؤوا منها.
يعاير ترامب رشيدة وإلهان وألكساندرا وأيانا بالبلاد التي جئن منها، ولكن أليس من حق كل واحدة منهن أن تسأل عن دور الفكر العنصري في أمريكا الذي يمثله ترامب وأمثاله في مآلات وأحوال فلسطين وفنزويلا والصومال، وعن دور ذلك الاتجاه المتطرف والاحتلالي والاستيطاني والعنصري في المعاناة التي تعانيها البلدان التي جاء منها أهاليهن.
إن الشعب نفسه الذي انتخب ترامب رئيساً هو الشعب الذي وثق بهؤلاء النسوة وانتخبهن ليقمن بتمثيله، ومعلوم أن أحد الأسباب الرئيسية لانتخابهن هو كونهن معارضات لترامب، وبالتالي فهو ـ بشكل غير مباشر ـ مسؤول أيضاً عن انتخابهن.
إن زيارة أي من هؤلاء النسوة للبلاد التي جاء أهلهن منها ستكون، من دون شك، مناسبة لفرح وطني كبير، وهو أمر لم يحظ به ترامب حين يزور ألمانيا التي حاول جده العودة إليها للزواج، ولكن سمعته السيئة سبقته إليها، وهو ما دفع السلطات حينها لرفض إعادة الجنسية الألمانية إليه.
ويحق لهؤلاء النائبات إذن أن يسألن: هل يستطيع ترامب أن يعود إلى بلده «الأصلي»؟
القدس العربي