أكدت صحيفة “نيويورك تايمز”، في تقرير لها اليوم، أن احتجاز إيران لثاني ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز، الذي يعتبر ممرًا مائيًا إستراتيجيًا في الخليج، يشكل تصعيدًا حادًا للتوترات بين طهران والغرب، ويحيي المخاوف من صراع عسكري، برغم ما بدا أن كلا الجانبين يحاولان التشديد على ضرورة إفساح المجال للمفاوضات.
واعتبرت الصحيفة الأمريكية أن المواجهة بين إيران وبريطانيا، على وجه الخصوص، تحمل تعقيداتها، إذ إن لبريطانيا مكانة محورية في مجموعة من الدول الأوروبية، التي حاولت التوسط لإيجاد حل لصراع أوسع بين طهران وواشنطن بشأن مصير اتفاق عام 2015 مع القوى العالمية المصممة على منع إيران من الحصول على سلاح نووي، مشيرة إلى أن الحادثة الأخيرة تهدد الجهود الدبلوماسية.
وأشارت الصحيفة إلى أن القيادة المركزية للجيش الأمريكي، المسؤولة عن العمليات في الشرق الأوسط، قالت في بيان لها إن “طائرة دورية في المجال الجوي الدولي “تراقب مضيق هرمز، وأن البحرية على اتصال بالسفن الأمريكية في المنطقة “لضمان سلامتها”.
وذكرت أن بريطانيا تبحث الرد على إيران، غير أن وزير الخارجية جيرمي هانت استبعد الخيارات العسكرية، وقال: “نبحث عن طريقة دبلوماسية لحل الوضع.. لكننا واضحون للغاية أنه يجب حلها”.
وصرح وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، السبت، أن احتجاز طهران لناقلة نفط ترفع علم المملكة المتحدة يكشف “مؤشرات مقلقة” إلى أن “إيران قد تكون اختارت طريقًا خطيرًا لسلوك غير قانوني ويسبب زعزعة في الاستقرار”.
وقال الحرس الثوري الإيراني، الجمعة، إنه احتجز الناقلة “ستينا إيمبيرو”، التي تملكها السويد، في مضيق هرمز، لأنها “خرقت القواعد البحرية الدولية”.
وجاء ذلك بعد ساعات من تمديد محكمة في جبل طارق لثلاثين يومًا احتجاز الناقلة “غريس 1” الإيرانية، التي صادرتها قبل أسبوعين في عملية شاركت بها البحرية البريطانية، لشبهة أنّها كانت متوجّهة إلى سوريا لتسليم نفط، في انتهاك لعقوبات أمريكية وأوروبية.
وقال هانت في تغريدة إن احتجاز “ستينا إيمبيرو” يكشف “مؤشرات مقلقة إلى أن إيران اختارت طريقًا خطيرًا لسلوك غير قانوني، ويسبب زعزعة في الاستقرار بعد احتجاز جبل طارق القانوني لنفط كان متجهًا إلى سوريا”.
وأضاف هانت أن “ردنا سيكون مدروسًا لكنه حازم. كنا نحاول أن نجد طريقًا لحل مسألة غريس 1، لكننا سنؤمن سلامة سفننا”.
من جهته، قال وزير الدولة البريطاني جيمس بروكنشير إن احتجاز الناقلة في مضيق هرمز أمر “غير مقبول على الإطلاق”، مؤكدًا أن لندن لا تزال تحاول القيام باتصالات دبلوماسية مع طهران حول المسألة.
وقال وزير الإسكان لإذاعة بي بي سي: “تصرفات الإيرانيين غير مقبولة على الإطلاق. من المهم جدًا أن نحافظ على حرية الملاحة في الخليج”.
وتابع: “نريد أن تحلّ المسألة بالطرق الدبلوماسية. يجب على الإيرانيين أن يفرجوا فورًا عن هذه الناقلة”.
ونصحت لندن، السبت، السفن البريطانية بالبقاء “خارج منطقة” مضيق هرمز “لفترة مؤقتة”، بعد احتجاز إيران لناقلة نفط ترفع العلم البريطاني.
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية في بيان: “ما زلنا نشعر بقلق عميق من تحركات إيران غير المقبولة التي تشكل تحديًا واضحًا للملاحة الدولية”.
وأضاف: “نصحنا السفن البريطانية بالبقاء خارج المنطقة لفترة مؤقتة”.
وفي 4 يوليو/تموز الجاري، أعلنت حكومة إقليم جبل طارق التابع للتاج البريطاني، إيقاف ناقلة نفط تحمل الخام الإيراني إلى سوريا، واحتجازها وحمولتها.
وأوضحت أن سبب الإيقاف “انتهاك” الناقلة للحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على سوريا.
وفي اليوم نفسه، استدعت الخارجية الإيرانية السفير البريطاني لدى طهران، روب ماكير، للاحتجاج على احتجاز الناقلة.
وأطلقت سلطات جبل طارق، الأسبوع الماضي، سراح أربعة أشخاص من طاقم الناقلة الإيرانية، من دون الإفراج عن الناقلة نفسها.
وأكد ديفيد ريتشاردز، رئيس أركان الجيش البريطاني بين 2010 و2013، أن خيارات بريطانيا “محدودة جدًا” فيما يتعلق بالخطوات العسكرية التي يمكن اتخاذها من دون دعم الحلفاء مثل الولايات المتحدة، في حال أخفقت العقوبات الاقتصادية في حلّ المشكلة.
وأضاف في حديث لإذاعة بي بي سي أن “البحرية الملكية، إذا نظرنا إلى ذلك في الدرجة الأولى، أصغر من أن يكون لها تأثير هام بدون الحلفاء”.
وكانت “ستينا إيمبيرو” متوجهة إلى السعودية، الجمعة، عندما اصطدمت بسفينة صيد، وفق سلطات ميناء مرفأ بندر عباس جنوب إيران، حيث ترسو السفينة حاليًا.
ورأى توم توغندات، الذي يرأس لجنة تدقيق في الشؤون الخارجية مشتركة بين الأحزاب في البرلمان، أن الخيار العسكري حاليًا سيكون “غير حكيم على الإطلاق”.
وقال لإذاعة بي بي سي: “إذا أرسلت (الناقلة) إلى ميناء بندر عباس، إذن هو مرفأ عسكري إيراني مهم، وأعتقد أن الخيارات العسكرية ستكون غير حكيمة على الإطلاق الآن”.
القدس العربي