بينما يتصاعد التوتر في منطقة الخليج تُسلط الأضواء على الحرس الثوري الإيراني الذي يؤكد سيادته على مضيق هرمز ولا يتردد في إسقاط الطائرات المسيرة الأميركية واحتجاز ناقلات النفط البريطانية.
والحرس الثوري هو الجيش العقائدي المخلص للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران، ولا يعد من الناحية التنظيمية جزءا من القوات المسلحة بل يتمتع بقيادة مستقلة تتلقى أوامرها من علي خامنئي مباشرة.
قدرات عالية
يتألف الحرس الثوري الإيراني -وفق تقديرات المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن- من 350 ألف عنصر، في حين يقول معهد الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن أن عدد أفراده لا يتجاوز 120 ألفا.
وقد ظهر الحرس الثوري في 5 مايو/أيار 1979 بعد انتصار الثورة الإسلامية والإطاحة بنظام الشاه، عبر مرسوم من قائد الثورة الإمام آية الله الخميني، ووضع تحت إمرة المرشد مباشرة.
وكان الهدف الرئيس من إنشاء هذه القوة جمع القوات العسكرية المختلفة التي نشأت بعد الثورة في بنية واحدة موالية للنظام لحمايته وإقامة توازن مع الجيش التقليدي الذي لم يشارك في الثورة وظل بعض ضباطه أوفياء لحكم الشاه.
ويعرف عن أعضاء الباسدران حماسهم الديني وولاؤهم المطلق للنظام وجاهزيتهم للدفاع عنه ضد “أعداء الداخل والخارج”، مما جعلهم موضع تكريم القيادة، ومنحهم نفوذا كبيرا داخل أجهزة الدولة على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
ويرى المراقبون أن أكبر دليل على نفوذ الحرس الثوري في جسم الدولة وصول أحد أعضائه إلى رئاسة الجمهورية الإسلامية، وهو الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
مفاصل الدولة
ودخل العديد من كوادر الحرس إلى مفاصل الدولة الحساسة، ومن أبرزهم سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي علي لاريجاني وقائد الشرطة محمد باقر قاليباف، كما أصبح عدد منهم ناشطين في قطاعات البناء والنفط.
ولعب الحرس الثوري دورا أساسيا في الحرب ضد العراق بين 1980 و1988. وينظر إليه على أنه جيش مواز يملك سلاحي الطيران والبحرية الخاصين به.
ورغم أن الحرس الثوري يسهم مع الجيش في مهام مراقبة الحدود فإن تجهيزاته أكثر تطورا، وتحديدا بطاريات صواريخ “شهاب 3” بعيدة المدى.
خلال الاحتلال الأميركي للعراق، اتهمت واشنطن الباسدران -من خلال جيش القدس التابع له- بمساعدة المجموعات الشيعية في العراق، وهو ما نفته طهران. ويرى مراقبون أن الحرس الثوري يدعم حركات المقاومة وعلى رأسها حزب الله في لبنان.
يشار إلى أن الباسيج وهم منظمة شبه عسكرية قوامها من الشباب وطلاب الجامعات تتبع هي الأخرى بأفرادها -المقدر عددهم بعشرة ملايين شخص- أوامر الحرس الثوري الذي يقوم بتدريبها وتزويدها بالسلاح.
النفط والصواريخ
ينخرط الحرس الثوري في كثير من المشاريع الاقتصادية، التي تقدر بمليارات الدولارات في مجالات النفط والغاز والبنى التحتية، وتتبعه مؤسسات مالية واستثمارية ضخمة داخل إيران تشمل قطاعات إنتاجية وخدماتية عدة، منها الإنشاءات والطرق والنفط والاتصالات.
ولدى الحرس الثوري الإيراني قدرات دفاعية رادعة، مثل أنظمة صواريخ بإمكانها حمل رؤوس عنقودية، يمكنها رمي 1400 قنبلة صغيرة على الهدف.
ويصرح مسؤولون بالحرس الثوري فيه بأن لديه الآلاف من الجنود المدربين على القيام بعمليات انتحارية.
حسّن الحرس الثوري الإيراني من قدراته العسكرية في العقود الماضية بشكل لافت، وبالإضافة إلى عدة مناورات عسكرية -يقوم بها من وقت لآخر على مدار السنة- طور القائمون على هذا الجهاز العديد من الأسلحة خاصة فيما يتعلق بصناعة الطائرات من دون طيار والصواريخ التي من بينها صواريخ شهاب 1 و2 و3 بالإضافة إلى منظومات الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية.
وبينما يصل مدى شهاب ثلاثة إلى حوالي 300 كيلومتر، يطور الخبراء الإيرانيون صواريخ شهاب 4 وشهاب 5 التي من المتوقع أن يصل مداها إلى 5000 كيلومتر.
وضمن إطار الحرب النفسية، يقوم الباسدران بشكل دوري بالكشف عن أسلحة متطورة جديدة واختبار أخرى مؤكدا أن اختراعها أو تطويرها جرى على يد كوادر إيرانية.
عقوبات أميركية
وتفرض الولايات المتحدة عقوبات مالية على قوات الحرس الثوري الإيراني بسبب ما تردد عن الارتباط بالإرهاب.
ويهدف هذا الإجراء إلى عرقلة الشبكات المالية لهذا الجهاز. كما يجمد أي أصول مرتبطة بالحرس الثوري بموجب التشريع الأميركي.
ويحظر على الكيانات التجارية الأميركية إقامة أي علاقة مع الحرس الثوري الإيراني ويعرقل الوصول إلى النظام المصرفي الأميركي، الأمر الذي يعقّد المعاملات الدولية.
وسبق أن استُهدف الحرس الثوري بعقوبات قانونية ومالية فرضتها الولايات المتحدة بسبب البرنامج البالستي لطهران واتهامها بانتهاك حقوق الإنسان.
المصدر : الجزيرة