دولة الإمارات وجمهورية الصين تتقدّمان بخطى سريعة نحو استكمال بناء الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي سبق أن توافقتا على إنشائها، معتمدتين في ذلك على ما تمتلكانه من إمكانيات كبيرة تتيح لهما مجالا واسعا للتعاون الذي يمكن أن تتجاوز فوائده الطرفين لتشمل أيضا الأطراف الإقليمية الراغبة في الاستفادة من مبادرة الحزام والطريق، التي ترى بكين في دولة الإمارات بما لديها من ميزات ونقاط قوة، شريكا نموذجيّا لإنجاحها.
بكين – تركّزت مباحثات رسمية أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، الإثنين في العاصمة الصينية بكين، مع الرئيس الصيني شي جين بينغ على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين دولة الإمارات وجمهورية الصين، وتمّ التطرّق خلالها لعدد من القضايا الإقليمية والدولية.
وكان الشيخ محمّد بن زايد قد وصل الأحد إلى جمهورية الصين في زيارة رسمية مثّلت حلقة جديدة من حلقات التطوّر السريع في العلاقات الإماراتية الصينية التي بدأت بالفعل عملية نقلها إلى مرتبة الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي سبق للبلدين أن توافقا على تأسيسها، وهو ما تجسّد عمليا في تنوّع اتفاقيات ومذكرات التفاهم التي أشرف الشيخ محمد بن زايد والرئيس شي جين بينغ، الإثنين، على تبادلها، حيث شملت المجالات الدفاعية والاقتصادية والتجارية والبيئية، إضافة إلى التعليمية والجمارك والطاقة.
وقالت وكالة الأنباء الإماراتية “وام” إنّ الجانبين الإماراتي والصيني استعرضا خلال جلسة المباحثات علاقات الصداقة ومسارات التعاون الاستراتيجي الشامل بين الإمارات والصين وأهمّ المقوّمات والفرص الواعدة لتطويره، خاصة في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والعلمية والثقافية والطاقة المتجدّدة، إضافة إلى العديد من القضايا والمستجدات التي تشهدها المنطقة، وتبادلا وجهات النظر بشأنها.
ولفت الشيخ محمد بن زايد إلى النقلات النوعية التي شهدتها العلاقات الإماراتية الصينية في المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية وغيرها، مشيرا إلى أن هذه النقلات كانت ترجمة لما تملكه هذه العلاقات من إمكانات التطور والنماء من ناحية، وما يتوافر لها من إرادة سياسية مشتركة من ناحية أخرى.
واعتبر أنّ ترقية الشراكة الاستراتيجية التي كانت قائمة بين البلدين منذ عام 2012 إلى شراكة استراتيجية شاملة بمناسبة الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الصيني لدولة الإمارات خلال عام 2018، كانت بمنزلة تتويج لمسار طويل وناجح من التعاون الإماراتي الصيني الذي أثمر شراكات رائدة في المجالات المختلفة، مؤكدا أن تطوير العلاقات مع جمهورية الصين يمثّل توجّها استراتيجيا لدولة الإمارات، وستعمل على تعزيز هذا التوجه ودعمه خلال السنوات المقبلة.
وأشار إلى النموّ الكبير الذي شهده معدل التبادل التجاري بين البلدين خلال السنوات الماضية، مما جعل الصين الشريك التجاري الأول للإمارات، لافتا إلى ما يميّز العلاقات الإماراتية الصينية من تنوُّع كبير يشمل التكنولوجيا والفضاء والصناعة والاستثمار والطاقة والتعليم والثقافة وغيرها.
وأضاف الشيخ محمد بن زايد أن دولة الإمارات تفتح أبوابها للاستثمارات الصينية، وحريصة على تذليل أي عقبة أمام هذه الاستثمارات كما تشجع رجال الأعمال الإماراتيين على الاستثمار في الصين، واكتشاف فرص التعاون وبناء الشراكات الفاعلة التي تصب في مصلحة التنمية في البلدين.
وأشاد بمبادرة “حزام واحد- طريق واحد” التي أطلقتها الصين منذ سنوات واصفا إياها بالمبادرة التنموية والحضارية الرائدة، ومؤكدا أن موقع دولة الإمارات الاستراتيجي وبنيتها التحتية العصرية وقدراتها اللوجستية المتطوِّرة وعلاقاتها التجارية المتنوعة والواسعة مع مختلف دول العالم ودورها المسؤول في سوق الطاقة العالمي، تجعلها طرفا فاعلا في المبادرة ومحطة أساسية من محطاتها.
كذلك أكّد الشيخ محمد بن زايد حرص دولة الإمارات على حرية حركة الملاحة الدولية وسلامتها في منطقتي الخليج العربي والشرق الأوسط والتعاون مع جمهورية الصين وغيرها من الدول الصديقة لتحقيق هذا الهدف، وضمان التدفق الآمن لإمدادات النفط إلى العالم، لما يمثّله ذلك من أهمية كبرى بالنسبة إلى استقرار الاقتصاد العالمي وعدم تعرّضه لأي مخاطر أو تهديدات.
كما أكد أن الصين بما تملكه من قدرات وإمكانيات كبيرة، لها دورها المحوري في العالم وحضورها المؤثر في القضايا المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية، وترتبط بمنطقتي الخليج العربي والشرق الأوسط بعلاقات قوية ومتنوعة، ولذلك فإن دولة الإمارات تتطلَّع دائما إلى دور صيني فاعل في إقرار السلام في منطقة الشرق الأوسط، والتصدِّي لمصادر الخطر والتهديد، مشيرا إلى التوافق والتعاون بين البلدين في العمل ضد التطرّف والإرهاب والقوى الداعمة له، كونه أكبر تهديد لأمن العالم واستقراره وتنميته.
ومن جانبه قال الرئيس الصيني إن زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى بلاده تجسّد اهتمامه بتعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها. وأشار في معرض حديثة إلى الزيارة التي قام بها إلى دولة الإمارات خلال عام 2018 والتي أسهمت في تعزيز العلاقات الثنائية الإماراتية الصينية، قائلا إن البلدين يعملان بشكل متواصل على تطوير علاقاتهما القائمة على أسس الثقة والمصالح المتبادلة.
وفي تعليقه على زيارة الشيخ محمد بن زايد للصين، وصف وزير الخارجية الصيني وانغ يي الزيارة بأنّها تمثّل قفزة في العلاقات بين الصين والإمارات التي ستصبح “لؤلؤة لامعة” على طول ممر الحزام والطريق.
ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية “وام” عن الوزير الصيني قوله إنّ العلاقات بين الصين والإمارات تتمتّع بصلابة وثقة سياسية، إضافة إلى تفاهم مشترك حول قضايا رئيسة، مضيفا “مع التطور في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتعاون الصناعي والمال فإن تعاوننا مثمر وعمليّ”.
وحول دور الإمارات في مبادرة الحزام والطريق التي تقودها الصين قال وانغ يي إن التعاون بين الإمارات والصين “لا يُفيد الدولتين والشعبين فحسب، بل إنّه مثال إيجابي على التعاون بين دول الخليج والصين في ما يخص مبادرة الحزام والطريق”.
وتابع قائلا إن “الإمارات شريك حقيقي للصين في هذه المبادرة نظرا إلى موقعها وثرواتها الطبيعية ومجتمعها المسالم، إضافة إلى كونها محورا للتجارة والاقتصاد والمال والشحن في الشرق الأوسط عامة والخليج خاصة”.
وتحدث وزير الخارجية الصيني حول مجالات التعاون بين البلدين، موضحا أن الصين تطمح لتوسعة التعاون مع الإمارات في مجالات الذكاء الاصطناعي وتقنية الجيل الخامس، والطيران، والقطارات فائقة السرعة، ومجالات أخرى مرتبطة بالتكنولوجيات المتطورة.
العرب