طهران – أكد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري أن حركته تقف في الخطوط الأمامية للدفاع عن إيران في مواجهة أي اعتداء أميركي أو إسرائيلي، في تصريحات تكرس المدى الذي بلغته العلاقات بين الجانبين.
ونقلت وكالة فارس عن العاروري، خلال لقائه المرشد العام لإيران علي خامنئي، الاثنين، بأن جميع الأراضي المحتلة والمراكز الإسرائيلية الرئيسية والحساسة، تقع تحت مدى صواريخ المقاومة الفلسطينية.
ولفت العاروري إلى القدرات الدفاعية التي تمتلكها الفصائل الفلسطينية، متابعا “التقدم الذي أحرزته حماس وفصائل المقاومة الأخرى في هذا المجال لا يمكن مقارنته بأي حال من الأحوال بالسنوات السابقة”.
وأضاف العاروري خلال لقائه خامنئي، “نحن في مسار واحد مع إيران على طريق مقارعة إسرائيل والمستكبرين”، في إشارة إلى الولايات المتحدة. وبحسب الوكالة الإيرانية، فإن العاروري قدّم رسالة، موجّهة من رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية إلى خامنئي، دون الإفصاح عن مضمونها. وأعرب المرشد الأعلى لإيران عن “تقديره للمواقف الجيدة جدا والهامة لهنية، التي جاءت بالرسالة”.
وهذا أول لقاء لخامنئي بوفد من حماس منذ العام 2012، وكان مصدر فلسطيني قد وصف في وقت سابق بأن الزيارة هي “الأهم” التي يؤديها وفد من الحركة لطهران فيما بدا أن هناك توجها لانخراط كليا في المشروع الإيراني.
وترتبط طهران بعلاقات وثيقة مع كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحماس وتعد الداعم الرئيسي له، بيد أنه على الصعيد السياسي كانت العلاقة بين الطرفين قد شهدت خضات منذ العام 2011 نتيجة موقف المكتب السياسي لحماس بقيادة خالد مشعل آنذاك الذي فضل الانحياز للمعارضة السورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد الحليف الاستراتيجي لإيران.
ونقلت الحركة في العام 2012 مكتبها من دمشق إلى الدوحة في تحول في سياسة الأخيرة ينحو صوب المحور التركي القطري، ولكن في السنوات الأخيرة بدا لقيادات حماس أن هذا الرهان كان خاطئا مع استشعار أن الدوحة كانت تتلاعب بمصيرها لصالح إسرائيل، وسبق أن انتفضت الحركة قبل أشهر رافضة المال القطري.
وفي العام 2017 تم اختيار قيادة جديدة لحماس حيث تولى إسماعيل هنية رئاسة المكتب السياسي خلفا لمشعل فيما تم انتخاب يحيى السنوار وهو أحد مؤسسي الجناح العسكري قائدا لقطاع غزة، وسبقت تلك الانتخابات مراجعة ذاتية أجرتها الحركة لتخرج بجملة من النتائج هي إعادة التموضع مجددا على الخارطة الإقليمية عبر إعادة تمتين العلاقة المهتزة مع إيران مع عدم إغفال التقارب مع الدول العربية المحورية على غرار مصر.
ومن خلال التطورات الأخيرة التي تشهدها المنطقة، وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها حماس والقيود الإسرائيلية المفروضة على الأموال القطرية، باتت الحركة تتجه نحو إعادة الانخراط كليا في حلف طهران خاصة وأن الحركة تستشعر أن الدائرة تضيق عليها وأن وجودها أصبح على المحك.
ويرجح مراقبون أن تكون الرسالة التي حملها العاروري إلى طهران تتضمن تعهدات حمساوية بذلك، لافتين إلى أن الحركة بهذه الخطوة تقدم على مخاطرة كبيرة ليس فقط لجهة الموقف العربي الرافض لهكذا علاقة بالنظر لسياسات طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة وإنما أيضا سيجعل الحركة في مواجهة مع الولايات المتحدة التي تظهر صرامة في مواجهة إيران وأذرعها.
وتصنف الولايات المتحدة حركة حماس منظمة إرهابية، ولكنها لم تتخذ بحقها أي إجراءات فعلية حتى الآن بيد أن مراقبين يرون أن هذا الوضع قد يتغير.
ووفق الوكالة، خلال اللقاء، أكد خامنئي أن بلاده “لا تحابي أي دولة بشأن القضية الفلسطينية (…) ونحن جادون تماما تجاه قضية فلسطين”.
وتابع “إن أحد أهم الأسباب للعداء الموجّه ضد إيران، يتمثل في قضية فلسطين، إلا أن هذه الضغوط لن تؤدي إلى التنازل عن موقفنا، فدعم فلسطين قضية دينية عقيدية”.
وتتخذ إيران من القضية الفلسطينية شعارا لتتغلغل في المنطقة وفرض نفسها رقما صعبا في المعادلة هناك.
سياسات حماس تشكل ذريعة لحكومة بنيامين نتنياهو والإدارة الأميركية للمضي قدما في تصفية القضية الفلسطينية
ووصل السبت وفد الحركة برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري، لطهران، في زيارة تستمر لعدة أيام.
ويضم الوفد إلى جانب العاروري، موسى أبومرزوق وماهر صلاح وعزت الرشق وزاهر جبارين وحسام بدران وأسامة حمدان وإسماعيل رضوان وخالد القدومي.
وكان هذا الوفد قد اجتمع الأحد برئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران كمال خرازي الذي اعتبر أن العلاقات بين بلاده وحماس مهمة وآخذة في التنامي.
واستبقت الزيارة اجتماع لوفد من حماس برئاسة نائب رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية أسامة حمدان بالمساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران حسين أمير عبداللهيان في مقر سفارة إيران في بيروت.
وكانت عدة لقاءات أخرى جرت بين مسؤولين في الحركة وطهران خلال الأشهر الأخيرة، ما يؤشر على أن العلاقات بين الطرفين باتت تتخذ بعدا استراتيجيا.
وأكد عضو المكتب السياسي لحماس موسى أبومرزوق خلال زيارة لروسيا قبل أيام على “متانة العلاقة” بين حماس وإيران، داعيا الدول الكبرى إلى مساندة طهران في وجه ما أسماه بـ”الحصار الأميركي”.
ولا يستبعد المتابعون أن توعز إيران للحركة بالتحرك على الجبهة الجنوبية في ظل لعبة لي الذراع مع الجانب الأميركي الذي يعتبر أن الأمن القومي الإسرائيلي خط أحمر.
ويخشى كثيرون من التداعيات الخطيرة لسياسات حماس المرتهنة لإيران على القضية الفلسطينية التي تمر بمرحلة حرجة، حيث قد تشكل ذريعة لحكومة بنيامين نتنياهو والإدارة الأميركية للمضي قدما في تصفية القضية، والتي بدأ تطبيقها على أرض الواقع بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل التي تسعى لتثبيت هذا الوضع عبر هدم منازل الاثنين قرب المدينة.
العرب