هل يمتلك بوريس جونسون خطة لإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟ إذا كان يمتلك خطة، فعلى الأرجح أنها ستفشل؟ ما يعني أنه في 1 نوفمبر سنظل في الاتحاد الأوروبي وقد يدعو رئيس وزرائنا الجديد حينئذ إلى انتخابات عامة – بذريعة أن البرلمان منعه من تنفيذ البريكست وأنه بحاجة إلى تفويض جديد لإتمام مهمته.
يبدو ذلك بالنسبة لي هو النتيجة الأكثر احتمالا. لكن دعونا نستعرض خطوة بخطوة التحديات التي تواجهها حكومة جونسون في مسألة البريكست لاختبار افتراضاتنا ومعرفة المسارات الأخرى التي قد يتبعها التاريخ.
الافتراض الأول هو أن جونسون سيحاول إعادة التفاوض بشأن اتفاقية الانسحاب، لكنه لن يحصل على تغييرات كبيرة. هذا ليس لأن الاتحاد الأوروبي لا يتسم بالمرونة، رغم أنه كذلك، ولكن لأنه لا يوجد حل سلس لمشكلة الحدود الأيرلندية.
يريد الاتحاد الأوروبي ضمانًا لإبقاء الحدود مفتوحة بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا. وينطوي هذا الضمان على إيجاد طريقة لمحاسبة بريطانيا عند مخالفة تعهداتها. ومن هنا جاءت شروط ما يُعرف بـ “شبكة الأمان” (باكستوب)، والتي لا يمكن إلغاؤها إلا باتفاق بين الطرفين – وهو ترتيب وصفه مؤيدو البريكست المتشددون الذين خربوا صفقة تيريزا ماي بالتبعية .
ربما يوافق الجانب الأوروبي على الحد من الصلاحية الزمنية للاتفاق، أو وضع تعريف متساهل لمعنى الحدود المفتوحة بحيث يتم إجراء عمليات المراقبة على مسافة بعيدة، على أمل أن يتم اختراع التكنولوجيا اللازمة لإنجاحها في الوقت المناسب. لكن إن لم يتمكنوا من الاتفاق على شيء مع تيريزا ماي، لماذا سيتفقوا مع جونسون، الذي ينظرون إليه بدرجة أقل من التقدير؟
الانفصال “الصعب” لبريطانيا عن أوروبا… الإسترليني يدفع الثمن
ربما يرى الاتحاد الأوروبي أن المملكة المتحدة ستغادر بدون صفقة، واعتقد أن هذا هو أحد الاحتمالات. إن صح هذا فقد يكون لدى الاتحاد الأوروبي حافزا للتسوية لأنه يخشى أن تكون هناك حدود صارمة في أيرلندا.
هنا نأتي إلى افتراضنا الثاني، وهو أن جونسون لن يكون قادرًا على إخراج المملكة المتحدة من دون صفقة. لا يمكن لقادة الاتحاد الأوروبي التأكد من ذلك. وعلى أي حال لقد تم انتخاب جونسون من قبل حزب المحافظين على أساس تعهد مطلق بإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بصفقة أو دون صفقة بحلول 31 أكتوبر.
لكنني أعتقد أن البرلمان سوف يمنع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون صفقة، وهذا سيتضح شيئا فشيئا مع مرور الوقت. هذا ما أشار إليه وزير المالية المنتهية ولايته فيليب هاموند في برنامج آندرو مار (على بي بي سي 1) عندما قال “أنا واثق من أن البرلمان لديه وسيلة لمنع الخروج بدون اتفاق في 31 أكتوبر”.
والخطوة الأولى هي منع رئيس الوزراء الجديد من تعليق البرلمان، وهو إجراء يقترب من تحقيقه من خلال تعديلات مشروع قانوني بشأن تقاسم السلطة في أيرلندا الشمالية، (التي تجعل من الصعب ولكن ليس من المستحيل حل البرلمان.)
يمكن للبرلمان حينئذٍ سن التشريعات كما فعل في أبريل، لمطالبة رئيس الوزراء بالسعي لتمديد أجل الخروج إذا لم يتوصل إلى صفقة بحلول تاريخ معين. يبدو أن هذا هو ما سنصل إليه حيث أنه إذا قدم جونسون إلى مجلس العموم نفس الصفقة التي قدمتها ماي، أعتقد أنه سيتم رفضها مرة أخرى.
قد يفكر جونسون في محاولة الهروب من القانون بعدم التوصل إلى اتفاق لتمديد أجل الخروج. لكن في النهاية أعتقد أن الأغلبية التي تعارض الخروج بلا صفقة في مجلس العموم سوف تفرض نفسها.
ستكون عقوبتها النهائية هي إسقاط حكومة جونسون في تصويت بسحب الثقة. لكن وكما قال هاموند “لا أعتقد أن الأمر سوف يصل إلى ذاك الحد”. فهذا التهديد يعد مثل الردع النووي، صمم ليكون ذا مصداقية ولكن ألا يستخدم أبدًا.
أعتقد أن هناك عددًا كافيا من النواب المحافظين، بمن فيهم وزراء سابقون، الذين سيصوتون ضد جونسون في اقتراح بسحب الثقة إذا اضطروا إلى ذلك. في حال حدث ذلك، لن تكون الخطة هي إجراء انتخابات فورية، بل تنصيب رئيس وزراء انتقالي يطلب تمديد أجل الخروج. وبما أن التهديد سيكون ذا مصداقية، فسيضطر جونسون إلى طلب التمديد بنفسه حتى يبقى في منصبه.
هذا يقودنا إلى افتراضنا الثالث وهو أن قادة الاتحاد الأوروبي سوف يوافقون على تمديد إضافي، رغم أنه يمكن لأحدهم أن يستخدم حق النقض (الفيتو) ويجبرنا على الخروج. ويمكن لجونسون حتى أن يقول لإيمانويل ماكرون “صديقي العزيز، افعل لي معروفا وتشبث بموقفك وارفض التمديد.”
إذا فعل الرئيس الفرنسي ذلك، فمن المحتمل أن تصوت أعداد كبيرة من نواب حزب العمال لصالح أي صفقة بدلاً من تحمل مسؤولية خروج بريطانيا بدون صفقة أو إلغاء المادة 50، والتي ستكون الخيارات الأخرى الوحيدة.
لكن لا أعتقد أن ماكرون سيفعل ذلك. لقد هدد آخر مرة وتراجع. فيما يتعلق بالبركست لا يريد قادة الاتحاد الأوروبي أن يقرروا لنا إذا لم نكن نحن قادرين على اتخاذ قرار بأنفسنا. لذلك أرى أنهم سيمنحوننا المزيد من الوقت.
وهذا يقود إلى افتراضنا الرابع والأخير وهو أن جونسون سيدعو بعد ذلك إلى انتخابات مبكرة ليطلب تفويضا لإخراجنا باتفاق أو دون اتفاق. قد يعتقد أن جيريمي كوربين ضعيف، وأن نايجل فاراج يمكن احتواؤه. لقد قيل لي إن فاراج يعتقد أن على جونسون عقد صفقة معه، وهو يتطلع إلى مناقشة الشروط.
من المؤكد أن الانتخابات تبدو أفضل خيار بالنسبة لجونسون من قضاء عامين ونصف العام محاولا دون جدوى وبفشل بائس إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى أن يحصد هزيمة مؤكدة في عام 2022.
أما خياره الرئيسي الآخر فهو تنظيم استفتاء ثان، وأعتقد أن هذا أمر ممكن. لكن المشكلة هي، كما كانت دائمًا، في موضوع الاستفتاء. إذا قام جونسون بتقديم صفقة ماي مغلفةً بغلاف آخر، فقد يكون موضوع الاستفتاء هو خيار مباشر بين الصفقة وبين البقاء في الاتحاد الأوروبي، مع التزام البرلمان بالمصادقة على النتيجة. ولكن مع إصابة أجزاء من حزب المحافظين بحمى الخروج من دون صفقة وعودة حزب العمال بشكل متزايد إلى ضبط التوازن بموقف البقاء، فإنه من غير الواضح كيف سيمر مشروع قانون الاستفتاء في البرلمان الحالي.
لذلك أعتقد أن النتيجة الأكثر ترجيحًا – وهي احتمال وليست توقعا – هي تمديد أجل الخروج في أكتوبر، تليها انتخابات عامة.
اندبندت العربي