استطلاع جديد أجراه “منتدى الشرق الأوسط” يظهر أن نحو 79 في المئة من اليهود في إسرائيل يوافقون على أن تعامل جهاز الأمن الإسرائيلي مع الفلسطينيين “خائف جداً”؛ 82 في المئة يعتقدون أن سياسة الحكومة تجاه حماس “لينة جداً”؛ 82 في المئة يعتقدون أن مصدر الصراع هو عدم استعداد الفلسطينيين للاعتراف بإسرائيل؛ 76 في المئة يدعون أن المفاوضات مع الفلسطينيين يجب أن تجري بعد أن يعترفوا بصورة ثابتة بإسرائيل؛ 70 في المئة يريدون أن تتوقف إسرائيل عن إدارة الصراع والبدء في الانتصار فيه (84 في المئة متأكدون أنه من المهم أن تنتصر فيه)؛ وبصعوبة الربع يؤيدون حل الدولتين حسب صيغة أوسلو.
“منتدى الشرق الأوسط” منظمة أمريكية محافظة، تؤيد اليمين الإسرائيلي، لكن الواقع السياسي في إسرائيل في السنوات الأخيرة يثبت أن نتائج هذا الاستطلاع تعكس بصورة صحيحة مواقف الجمهور اليهودي في إسرائيل. هذه الاستنتاجات تجسد بالضبط إلى أي درجة حقاً، بصورة كبيرة وعميقة، أن اليسار في إسرائيل قد مات.
الاستطلاع يثبت أمرين حاسمين: الأول، إذا كان 82 في المئة من اليهود في إسرائيل يؤمنون أن مصدر الصراع هو حقيقة أن الفلسطينيين لا يعترفون بإسرائيل فإن 82 في المئة من اليهود في إسرائيل لا يعتبرون المستوطنات مشكلة. هذا نصر فكري عظيم لمشروع الاستيطان لأنه نجح في أن يستوطن في قلوب اليهود في إسرائيل. مع هذا المعطى، فإن أي مستوطن لن يتم إخلاؤه في أي يوم من بيته من أجل تسوية سياسية. الثاني، إذا كان 80 في المئة من اليهود في إسرائيل يعتقدون أن تعامل جهاز الأمن في إسرائيل مع الفلسطينيين “خائف جداً” فإنه للكهانية والفاشية والابرتهايد مستقبل باهر هنا.
جنرالات ورؤساء أركان ورؤساء شاباك وموساد لم يعودوا مقدسين في نظر معظم الجمهور الإسرائيلي، مثل المستوطنين هذه الأغلبية تطالب بمقاربة أكثر قسوة وعنيفة وقمعية تجاه الفلسطينيين. الاحتلال بصورته الحالية، “ليّن” جداً في نظرهم. وكدليل، هذا الجمهور لا يتأثر من الجنرالات مثل طال روسو ويائير غولان، ولا يستجيب للتحذيرات مثل التي يسمعها دائماً بردو ويوفال ديسكن وأسمعها أيضاً مئير دغان المتوفى.
80 في المئة من اليهود في إسرائيل يفكرون مثلما يفكر المستوطنون في بيت ايل ويستهار. لذلك فإن بني غانتس مطلوب منه التفاخر بأنه قتل آلاف الغزيين – وهو ما زال في المعارضة. لذلك، حزب الجنرالات ما زال خاسراً أمام بنيامين نتنياهو الذي يتفاخر بأنه لا ينصاع لرؤساء الأجهزة الأمنية. لذلك، فإن إيهود باراك بصعوبة يصل إلى نسبة الحسم.
أغلبية ساحقة في أوساط الجمهور اليهودي في إسرائيل تتخيل إخضاع الفلسطينيين بوسائل عسكرية. لقد سئموا من “إدارة الصراع”. الهدوء وحل، أنهار من الدماء ستسفك هنا، جرائم ضد الإنسانية سترتكب هنا. إذا كان قتل الغزيين في عملية الجرف الصامد يعتبر “ليناً” و”جباناً” فيبدو أن تفكيراً ما هناك للذبح والقتل. عملياً، يسود في هذه المواضيع إجماع يمر من “أزرق أبيض” وحتى “العظمة اليهودية” مروراً بالليكود وأفيغدور ليبرمان وحتى اييلت شكيد، بيرتس – سموتريتش والحريديين. هو يرتكز على حماقة سياسية وعسكرية ويشكل برنامجاً سهلاً لتنفيذ جرائم ضد الإنسانية، لكن خلافاً لذلك، يوضح بأن استحواذ إقصاء نتنياهو يعد حرفاً كبيراً للأنظار: وبعده، ستبقى السلطة في أيدي اليمين. وحتى بدونه لن تكون هنا دولة قانون، لأنه لا وجود لقانون في مكان تنفذ فيه جرائم ضد الإنسانية.
الجنرالات ورؤساء الموساد والشاباك السابقون لم يعد بإمكانهم إنقاذ إسرائيل، لأن الجمهور يحتقر مواقفهم. لا يوجد أي شيء يمكنه الآن إنقاذ إسرائيل. من الصعب إصلاح الجمهور اليهودي. نتنياهو هو، فقط هو، مجرد عرض.
القدس العربي