تواجه رئاسة الدولة المؤقتة في الجزائر منذ إعلانها قائمة “لجنة الحوار” -الخميس الماضي- انتقادات لاذعة لتركيبتها الهزيلة، وفق توصيف المعترضين عليها، وهو ما اضطر منسقها كريم يونس إلى دعوة 23 شخصية للالتحاق بفريق الوساطة، لكن الوجوه البارزة رفضت الانخراط في ذلك.
وفي مقدمة هؤلاء رئيس الحكومة السابق مولود حمروش، الذي جدّد “عدم ترشحه لأيّ هيئة انتقالية ولأيّ انتخاب”، ومثله الوزير السابق طالب الإبراهيمي، الذي أكد “أنه لا يرى جديدا يستدعي تغيير موقفه من لجنة الحوار”.
كما قال الجنرال المتقاعد رشيد بن يلس “إنّ صياغة المبادرة جاءت بطريقة مستعجلة داخل مخابر السلطة القائمة”. وكذلك صرّحت “المجاهدة” ظريفة بن مهيدي بأنها “ليست معنية بهذا الحوار بشكل قاطع، ولا تنتظر دعوات من قبل أي جهة”.
بدورهما، تحفظ الحقوقيّان مصطفى بوشاشي ومقران آيت العربي، حيث يرى الأول أنّ “المعطيات والشروط غير متوفرة لكي يشارك في هذه اللجنة”، كما أكد الثاني “أنه لن يشارك في أي حوار تحدّد السلطة أهدافه ويرفضه الحراك”.
ويبقى الاستثناء الوحيد هو رئيس جمعية العلماء المسلمين عبد الرزاق قسوم، الذي أبدى استعداده بشرط “تصفية الأجواء بمقدمات تطمئن الشعب، وإجراءات تهيئة تفضي إلى قدر من المصداقية تساعد على الخروج من الأزمة”.
ووضع هذا العزوف الجماعي لجنة الحوار في ورطة تهدّد بفشل المأمورية، حتى أن المنسق كريم يونس قال “أنا حزين، لأن دعوتي للعمل تحولت إلى دعوة لردود الأفعال”.
وفي غضون ذلك، شدّد أمس قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح على أنه “لا مجال لمزيد من تضييع الوقت في الشروط المسبقة التي تصل إلى الإملاءات”.
ضربة موجعة
ويعتبر إدريس بولكعيبات، أستاذ علم الاجتماع في جامعة قسنطينة، أن “اعتذار الشخصيات البارزة مثل مولود حمروش وطالب الإبراهيمي ومصطفى بوشاشي وغيرهم يعدّ ضربة موجعة وإخفاقا للجنة؛ قد ينسف عملها من الأساس”.
وأكد بولكعيبات للجزيرة نت أن “هذا العزوف ستكون له تداعيات سلبية على مصداقية عمل لجنة الوساطة، والتي بدأ يظهر عليها الارتباك من التصريحات غير المنسجمة مع المهمة، وانسحاب أحد أعضائها البارزين، هو إسماعيل لالماس”.
من جهته، قال عميد كلية الحقوق بجامعة “ورقلة” بوحنية قوي، إن “هناك شعورا بترتيب كل شيء من قبل الرئاسة، وبالتالي هذه اللجنة هي هيئة وساطة شكلية ليس أكثر”.
وأكد بوحنية أن “عمل اللجنة سيكون صعبا وتحت ضغوط كبيرة، لضيق الوقت وقوة المطالب وحجم الأزمة”، لكنه توقّع -في تصريح للجزيرة نت- أن تواصل عملها حتى لو استقال بعض أعضائها.
موجة الحراك
وعن المخارج المتاحة، قال بولكعيبات “لقد عودتنا السلطة في الجزائر على اللجوء إلى البدائل، كما حدث خلال أزمة 1992، غير أن الوضع هذه المرة مختلف بسبب الحراك الشعبي الذي ظل يرفع السقف من أسبوع لآخر”.
وفي المقابل، ربط المحلل بوحنية تطور المشهد بدرجة تصاعد موجة الحراك الذي قد يجبر شخصيات من لجنة الحوار على الاستقالة، كما قد يفرض تدخل جهات بارزة، لتجسير الفجوة ببن اللجنة وتلك الوجوه الرافضة للعمل معها.
الخيار الأخير
من جهة أخرى، لا يتصور بدر الدين زواقة، أستاذ الإعلام بجامعة باتنة، “خيارا آخر إلا إذا حددته المؤسسة العسكرية، غير ذلك فهو مضيعة للوقت”.
وأضاف زواقة للجزيرة نت أن “الشخصيات الكبيرة لها حسابات خاصة تتعلق بتخوفها وعدم استيعابها المرحلة، كما أن ترددها يرجع إلى أن أغلبها من مخرجات المنظومة السياسية السابقة”.
وعليه، قال المتحدث “أظن أن السيناريو الوحيد والأخير هو الاتفاق على طبيعة تشكيلة هيئة مراقبة وتنظيم الانتخابات ومصير الحكومة الحالية، أما اقتراح أسماء أخرى في لجنة الحوار وتوسيعها، فهو استهلاك للفرص، لأن مطالب الشعب واضحة جدا، ولا تحتاج إلى لجان”، على حد تعبيره.
المصدر : الجزيرة