تعددت الأسباب والنتيجة واحدة، الاقتصاد الألماني في مأزق وربما يعيش نهاية حقبة ذهبية ليدخل حقبة أخرى عنوانها الأبرز ركود قد يهوي بأكبر اقتصادي أوروبي إلى القاع.
فقد تراجع الناتج المحلي الإجمالي الألماني خلال الثلث الثاني من هذا العام، الأمر الذي أجبر الشركات الألمانية على دق ناقوس الخطر بعد أن شهدت الصادرات تراجعا كبيرا.
صيحة فزع
تقول الكاتبة باسكال هوغ، في تقرير نشرته مجلة “لوبوان” الفرنسية، إن السبب الرئيسي لهذا التباطؤ يعود أساسا إلى انخفاض الصادرات التي تمثل ما يقارب نصف الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا، ثالث أكبر مصدّر في العالم.
لقد أثارت هذه المعطيات مخاوف من إمكانية دخول الاقتصاد الألماني رسميا في مرحلة ركود، تضيف الكاتبة.
هوغ أشارت إلى أن الأرقام التي نشرها المعهد الفدرالي الألماني للإحصاء لا تبشر بالخير، لأن المؤشرات الاقتصادية دخلت في مرحلة الخطر.
وتضيف الكاتبة “بعد عقود من النمو وتراجع معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها وتحقيق أرقام هامة في التصدير وتسجيل ارتفاع منتظم في الأجور وفي نسب استهلاك العائلات، يطلق الاقتصاد الألماني صيحة فزع”.
خلال الثلث الثاني من هذا العام، تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1% مقارنة بالثلث الأول.
وقد أثار ذلك مخاوف الألمان، لا سيما أن بلادهم رائدة في مجال التصدير على الصعيد العالمي.
فقد أعلنت الشركات -يقول التقرير- انخفاضا حادا في مبيعاتها الموجهة إلى الخارج. ووفقا للمعهد الفدرالي الألماني للإحصاء فقد “انخفضت الصادرات أكثر من الواردات”.
مع ذلك، لم تشكل هذه الأرقام مفاجأة، لأنه سبق للخبراء أن حذروا من هذا التباطؤ الحاد في النمو الاقتصادي في ألمانيا، التي تتمتع بأفضل اقتصاديات أوروبا، يؤكد التقرير.
فخلال مايو/أيار الماضي، تطرقت مجلة “دير شبيغل” الأسبوعية للحديث عن هذا الموضوع، حيث كتبت العنوان التالي “سنوات العز قد انتهت، لماذا دخلت المعجزة الاقتصادية الألمانية في مرحلة الخطر؟”.
المجلة الألمانية توقعت أن تتدحرج ألمانيا إلى القسم الثاني من القوى الاقتصادية الكبرى، وفق ما أورد تقرير صحيفة لوبوان.
يشار إلى أن مصطلح المعجزة الاقتصادية الألمانية يستخدم لوصف إعادة الإعمار فائقة السرعة والتطور الذي حصل في اقتصاد ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
الحرب التجارية
وفقا للبنك الاتحادي الألماني، يبدو أن السبب الرئيسي لهذا التباطؤ يعود أساسا إلى انخفاض الصادرات، التي تمثل ما يقارب نصف الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا، وليس هناك ما يشير إلى تعافي عملية التصدير.
وبحسب الكاتبة يعتقد المحللون أن هذا التوجه سيستمر إلى حدود الثلث الثالث من عام 2019، الأمر الذي يجعل من الركود أمرا حقيقا وليس مجرد تكهنات، ولعل ذلك ما يؤكده الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي على مدار ثلثين متتاليين.
وتؤكد الكاتبة أن تدهور الاقتصادي الألماني يأتي نتيجة أسباب عدة، من أبرزها التباطؤ الذي يشهده نمو الاقتصاد العالمي، والتكهنات التي تحوم حول الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والانعكاسات المحتملة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتعد صناعة السيارات أول القطاعات تضررا من هذا التباطؤ الاقتصادي.
هل من أمل؟
لسائل أن يسأل ما الذي ستفعله الحكومة الألمانية أمام هذا الوضع الاقتصادي الراهن؟
تقول الكاتبة في تقريرها إن بعض المحللين يعتقدون أن الحكومة ستواصل عملية الادخار، في حين ترى أنجيلا ميركل ضرورة الدخول في الديون لوضع خطة لتنشيط الاقتصاد.
وقد اعترفت بأن بلادها تمر “بمرحلة صعبة”، وقد ربطت هذا التراجع الاقتصادي بالتوترات التجارية العالمية إلى جانب “الأخطاء الكثيرة” التي وقعت فيها صناعة السيارات الألمانية.
وأمس الجمعة ذكرت مجلة دير شبيغل أن الحكومة الائتلافية في ألمانيا ستكون على استعداد للتخلي عن قاعدة الميزانية المتوازنة وأخذ ديون جديدة للتصدي لركود محتمل.
المصدر : الصحافة الفرنسية,رويترز